يحتفل مسيحيّو السودان بآخر عيد ميلاد قبل الاستفتاء الذي يرجح ان يفضي الى تقسيم البلاد.


سوبا: اضاء شعاع رفيع من الضوء وجه الاب دانيال في غرفة متواضعة جدرانها متهالكة وسقفها من الزنك في ضاحية فقيرة من الخرطوم حيث تحلق سودانيون جنوبيون للاستماع الى عظة آخر عيد ميلاد قبل الاستفتاء الذي يرجح ان يفضي الى تقسيم السودان.

وقال الكاهن الايطالي متحدثا بالعربية الرائجة في جنوب السودان امام نحو مئة من السودانيين الذين تجمعوا في القاعة quot;اين الذهاب؟ وما العمل؟ يسوع معنا، فلا تخافوا. انه نور ومحبة، انه امير السلامquot;.

وفي ركن من ملعب ترابي في سوبا المحطة، المخيم السابق للاجئين السودانيين خلال الحرب الاهلية التي استمرت عقدين وانتهت في 2005، تحولت غرفة التدريس الصغيرة التي زينت بشرائط ملونة وشجرة ميلاد صغيرة بلاستيكية، الى كنيسة لاداء قداس منتصف الليل.

وفي هذه الغرفة المتواضعة التي اضاءتها بعض الشموع ونور مصباح خفيف، ترددت اصداء اناشيد فرقة المغنين التي رافقها قرع على الطبول. وانشدت الفرقة quot;هللوياquot; وتبعتها اصوات المصلين التي رافقتها زغاريد النساء باثوابهن الملونة.

وقال جوزف الذي يحلم بمغادرة الخرطوم للعودة ال توريت، موطن اهله في جنوب السودان، quot;نحن نصلي من اجل السلام مع الاستفتاء القادم. لا نريد اراقة مزيد من الدماءquot;.

ومع اقتراب موعد الاستفتاء في 9 كانون الثاني/يناير، عاد عشرات الالاف من السودانيين المسحيين المقيمين في الشمال الى الجنوب، ولكن العودة ليست سهلة بالنسبة لكثيرين ممن عاشوا بعيدا عن ارضهم طيلة عقدين.

ويستعد الاف الجنوبيين للتوجه الى الجنوب بعد الاستفتاء الذي يرجح ان يؤدي الى تقسيم اكبر بلد افريقي يدين معظم سكانه في الشمال بالاسلام، وغالبية سكانه في الجنوب بالمسيحية.

وقال ابونا دانيال ان quot;الارقام تقوم انه كان يعيش نحو 500 الف مسيحي في الخرطوم، اي ما يعادل 10% من سكان المدينة، ولكن عددهم تراجع الانquot;.

ومنذ انتهاء الحرب الاهلية في 2005، عاد نحو مليوني جنوبي الى ولايات الجنوب. وشهدت البلاد موجة جديدة من النزوح في الخريف مع اقتراب الاستفتاء. ويتوقع المحللون والسكان وحتى السياسيون في الشمال ان يختار الجنوبيون الانفصال، لكن شبح الحرب يخيم على النفوس.

وقال الاب دانيال quot;الخوف يستحوذ على عدد كبير من المؤمنين، ونحن نعمل على تهدئتهمquot;.

وبدأت الخرطوم التي تعد خمسة ملايين نسمة وتضم عددا كبيرا من الضواحي تخلو من سكانها الجنوبيين الذين يشكلون غالبية مسيحيي العاصمة حيث تعيش كذلك طائفة من المسيحيين الاقباط.

والاسبوع الماضي اكد الرئيس السوداني عمر البشير الذي يظهر في المناسبات العامة الى جانب كبار رجال الدين المسيحيين ولا يتردد في مرافقة الاناشيد المسيحية، ان الشريعة ستصبح المصدر الوحيد للتشريع في شمال السودان في حال انفصال الجنوب.

وبعد الحرب الاهلية اتفق الشماليون والجنوبيون على دستور مؤقت تنتهي صلاحيته في 2011 ويقر بالتعددية الاتنية والثقافية والدينية للسودان.

واثارت تصريحات البشير الخوف لدى العديد من المسيحيين وكذلك المسلمين الذين يخشون من قيام دولة اسلامية.

وقال الشاب كورنيليوس السوداني الجنوبي الذي يعيش في الخرطوم quot;آمل ان لا يطبق الرئيس ما توعد به. فحتى قبل ذلك، حضر عدد اقل من المسيحيين قداس الميلاد هذه السنةquot;.