رغم تعدد الأحزاب في المغرب، إذ تجاوزت سقف الثلاثين حاليا، إلا أنه يعيب عليها دائما quot;التقصيرquot; في أداء الأدوار المنوطة بها، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. وفيما تؤكد آراء أن التقصير لا يقتصر فقط على الجانب الحزبي، تشير أخرى إلى ان هناك أسبابا متعددة تقف وراء quot;عجزquot; المكونات السياسية عن تنفيذ المهمات المنتظرة منها.


تساؤلات عن الدور الذي تلعبه الأحزاب السياسية في المغرب

إعتبر إسماعيل العلوي، الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية (الائتلاف الحاكم)، أن المواطن هو الأجدر بتقديم إجابات على التقصير وسببه، ومضى قائلا quot;لا يمكن للإنسان أن يقول إنه قام بدوره على الوجه الأكمل، لكن يبدو لي أن الحزب، الذي كنت أقوم بتدبير شؤونه، حاول أن يقوم بواجبه بشكل تام. لم يفلح دائما، لكنه حاول أن يؤطر، ويفهم، ويتقدم ببدائل لما هو موجود. وطبعا للمواطنين أن يدلوا بدلوهم في هذا الموضوع. فلا يمكن للإنسان أن يقوم نفسه ذاتياquot;.

وردا على سؤال حول من يشير إلى أن الأحزاب لا تقوم بدورها في ما يخص الدفاع عن القضايا الأسياسية للبلد على المستوى الخارجي، قال إسماعيل العلوي quot;من يقول هذا، فلينجز هذا العمل. أظن أن الأحزاب، حسب التوجه الذي اختارته كل واحدة منها لنفسها، تقوم بالدفاع عن القضايا الوطنية بكل قواها. قد تكون الإمكانات في بعض الحالات غير متوفرة، لأنه لا يكفي أن يريد الإنسان فقط الوصول إلى الهدفquot;.

وأضاف quot;أولا، يجب القيام بتنقلات كثيرة، والإمكانات ليست دائما متوفرة، لكن أظن أن كل حزب يقوم بدوره، إذ هناك من يعمل في إطار الأممية الاشتراكية، أو الأممية الليبرالية، وكل واحد يحاول إقناع رفاقه وأصدقائه بجدوى القضايا الوطنية بالأساس، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابيةquot;.

من جهته، قال سعد الدين العثماني، الأمين العام السابق والرئيس الحالي للمجلس الوطني في حزب العدالة والتنمية (المعارض)، quot;هناك من يمكن أن يقول إن العمل الذي تقوم به الأحزاب السياسية كاملquot;، وأوضح quot;في نظري هناك مستويان، الأول يتعلق بتأطير المواطنين، وهذا دستوري من مهامها. ولا شك أن هناك تقصيرا في ما يخص هذا الجانب، ولكنه قصور عام، فمثلا الإعلام مقصر في إيصال الرسالة إلى المواطنين، لهذا فإنهم بدأوا يلجأون إلى الإعلام الخارجيquot;.

وذكر سعد الدين العثماني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;الأحزاب ليست مقصرة، بل عاجزة عن تأطير المواطنين، كما أن هناك جمعيات ومؤسسات تشكو الأمر نفسهquot;، واسترسل قائلا quot;ليست الأحزاب وحدها المقصرة في هذا المجالquot;.

أما على المستوى الدبلوماسي والعلاقات الخارجية، يشرح الرئيس الحالي للمجلس الوطني للعدالة والتنمية انه quot;لا يمكن لأي إنسان أن يدعي أن الأحزاب قامت بكل ما يجب عليها أن تقوم به، لكن أظن أن القصور الأكبر هو في الدبلوماسية الرسمية، إذ لا يمكن توقيع مسؤولية الدبلوماسية الرسمية على جهات ليست هذه مهمتها الأساسية. صحيح أن الأحزاب يجب أن تتواصل، ولكن هذا لا يكفيquot;.

وأشار القيادي السياسي إلى أنه quot;ليست هناك أي دولة في العالم، تقوم أحزابها بالدبلوماسية في الخارج، باستثناء طرق محدودة جدا. فهناك جهاز دبلوماسي هو الذي يجب أن يقوم بمهامه، لكن الأحزاب السياسية مستعدة للتعاون معه. وهذا لا يعني إلقاء القصور على الأحزاب دون الدبلوماسية الرسميةquot;.

من جهته، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ علوم سياسية في الرباط، إن quot;الأحزاب، بصفة عامة، خول لها المشرع القيام بعدة أدوارquot;، مشيرا إلى أنه quot;لا يمكن الحديث عنها جميعها، لكننا سنركز على مهمة أساسية تتمثل في تأطير المواطنينquot;.

وذكر عبد العزيز قراقي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;المشكلة الأساسية للمكونات السياسية المغربية تتمثل في الافتقار إلى موارد بشرية مؤهلة محترفة تكون مرتبطة بالحزب، وفق عقود مهنية تأخذ في الاعتبار عنصر الكفاءة، أي لا تكتفي بالمناضلين الذين يفوض لهم تدبير كل شيءquot;.

وقدم الأستاذ الجامعي، في هذا الإطار، مثالا قال فيه quot;الأحزاب في المغرب فشلت في تدبير صحافة حزبية، دون القدرة على تقديم منتوج فعال ومتميز، إذ إن أغلبية المكونات السياسية تمنح تدبير جرائدها إلى مناضلين، وتكتفي فقط بصفة النضالquot;.

وأوضح أن quot;افتقار الأحزاب إلى موارد بشرية مؤهلة ومحترفة قادرة على وضع برامج تستطيع أن تقدم تصورًا حول نظرية للتأطير، يجعل الأحزاب السياسية اليوم في المملكة ضعيفة في مجال تأطير المواطنquot;.

أما على المستوى الخارجي، فيوضح عبد العزيز قراقي، quot;يمكن القول إن الأحزاب السياسية التي نظن اليوم أنها تقوم بدبلوماسية حزبية تفتقر إلى موارد مادية وبشرية، وإلى إطار قانوني يسمح لها القيام بهذه المهمة. ذلك أنه إذا استثنينا العلاقات الحزبية، التي توجد في إطار منظومة الأحزاب الاشتراكية على المستوى العالمي، أو العلاقات التي تجمع مكونات اليمين، في إطار ما يسمى بأحزاب الوسط، التي تعتبر إطارا تنتظم داخله مكونات سياسية، خاصة تلك التي لها انتماءات إما في الوسط أو اليمين، فإن الأحزاب السياسية في بلدنا لا تستطيع أن تتخذ المبادرة، ولا تستطيع أن تقوم بدبلوماسية حزبية حقيقيةquot;.

وأرجع ذلك إلى أسباب أولها أن quot;هذه المكونات تعوزها الموارد المالية، وتفتقر إلى إطار قانوني يسمح لها بذلك، كما تفتقر إلى موارد بشرية قادرة على اتخاذ المبادرة، وعلى تقديم برامج تخدم مصالح الحزب، وتساعده على التملك والتوفر على علاقات خارجية منتظمة ومنضبطة بشكل يخدم مصلحة الحزب والبلاد، بصفة عامةquot;.

واضاف أستاذ العلوم السياسية، أن quot;الكثير من المواقف أظهرت، أحيانا، أن الأحزاب المغربية في العلاقات الدولية ما زالت ضعيفة، وفي حاجة إلى تقوية قدراتهاquot;.
ويبقى السؤال المطروح، حسب قراقي، ماهو المخرج من هذه الوضعية؟ وهل يمكن تقديم تصور لحلول تساعد المكونات السياسية على الخروج من هذه المعضلة؟quot;.
واضاف quot;أعتقد أن هذا الأمر ممكنquot;، مشيرا إلى أن ذلك quot;يتمثل في تمكين الأحزاب من موارد مالية وبشرية مهمة، قد تضعها الدولة رهن إشارة هذه المكونات، ومساعدتها بتوفير إطار قانوني يسمح لها بالعمل على المستوى الخارجيquot;.