شهد الجانب الحقوقي في المغرب تطورات عديدة خلال سنة 2010 تباينت المواقف بشأنها بين من اعتبر أنها ستبقى شاهدة على تسجيل بعض التقدم في هذا المجال، وبين من يرى أنها عرفت تراجعًا كبيرا.


سجلت رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أمنية بوعياش، ما سمته quot;إضاءات غير مكتملةquot; بخصوص السنة التي نستعد لتوديعها، إذ قالت، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot; كانت هناك إشكالات، كنا نتخوّف منها، وسميّتها شخصيا، إضاءات غير مكتملةquot;.

وتتلخّص هذه الإضاءات، حسب أمينة بوعياش، في أربع قضايا أساسية، أولها quot;ملف السياسيين، الذين جرى تخفيض مدة احتجازهم من 25 سنة إلى 10 سنوات، إذ كنا ننتظر إطلاق سراحهمquot;.

أما القضية الثانية فتتمثل بحسب المسؤولة الحقوقية quot;في عدم اختصاص المحكمة العسكرية في متابعة المواطنين الذين اتهموا بالتخابر مع الخارج عقب زيارتهم الجزائر وتيندوفquot;، مشيرة إلى أنهم quot;يمثلون الان أمام المحكمة الابتدائية وننتظر إطلاق سراحهمquot;.

الإضاءة الأخرى غير المكتملة في نظر بوعياش، تتعلق بـ quot;البراءة التي صدرت بحق نشطاء من العدل والإحسان، الذين اتهموا بجريمة الاحتجاز، نتيجة عدم وجود إثباتاتquot;.

أما الإضاءة الأخرى الأساسية، فتتعلق بالطريقة التي جرى من خلالها تفكيك مخيم quot;كديم إيزيكquot; في العيون، إذ quot;رغم تسجيل أحداث جسيمة وأعمال عنف حادة، إلا أنه كانت مؤشرات مهمة في ما يخص القيادة الأمنيةquot;.

هذه الأفكار الأربع جعلت رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، تخرج بخلاصة مفادها أنه quot;يمكن القول إنه كانت هناك جوانب أضاءت مسار حقوق الإنسان، لكنها لم تكتملquot;.

ولم يفت أمينة بوعياش، في حديثها مع quot;إيلافquot;، الإشارة إلى إشكالات أخرى ما زالت عالقة، منها إصلاح القضاء، إلى جانب توقيف قاضيين، والذي اعتبرته إشكالا مهما جدا.

كما تطرقت إلى البلاغ الذي أصدرته، يوم الاثنين، وزارة الداخلية، والذي يتعلق باعتقال أشخاص في إطار قانون مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن quot;هذه الاعتقالات تشكل بالنسبة لنا انشغالا مهما، في ما يخص احترام القواعد القانونية للاعتقال، وأخبار العائلات إلى غير ذلكquot;.

وختمت حديثها بإشكال تواصل الاحتجاجات والتعديلات ذات الصلة بالحقوق الاجتماعية والثقافية، مبرزة أنه quot;إشكال حقيقي في مسار نجاح المغرب في جانب الديمقراطيةquot;.

تراجع حقوقي في 2010

عبد الإله بن عبد السلام، نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأحد الناشطين المغاربة الذين يسجلون الكثير من السلبيات على هذه السنة ، قال quot;سنة 2010، شهدت تراجعا كبيرا على مستوى الحقوق والحريات، وشمل ذلك عددا من المجالات، منها استمرار ممارسات الماضي، من اختطاف وتعذيب، ومحاكمات غير عادلة، وكذلك الاعتداء على حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافةquot;.

وهذه الأمور، يشرح بن عبد السلام، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;لا تقتصر فقط على الحقوق المدنية والسياسية، بل نلاحظ كذلك أن الحقوق الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية تعرف بدورها المزيد من الترديquot;.

وأضاف القيادي الحقوقي quot;هذا يتمثل في العديد من المظاهر التي نلاحظها في الاحتجاجات اليومية التي يمارسها عدد من الفئات، سواء من أجل الحق في السكن اللائق، أو الحق في الصحة، أو التعليم، أو عدد من الحقوق المنصوص عليها في المنظومة الدولية لحقوق الإنسانquot;.

وخلص إلى القول quot;سنة 2010 شهدت تراجعا ملحوظا. واشار الى ان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لم تكن وحدها من سجل ذلك التراجع، بل إن عددا من المؤسسات الدولية أصدرت تقارير مماثلة، منها منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمات دولية أخرى، سواء تلك التي تتابع الصحافة أو تلك التي تتابع مجالات محددةquot;.

وأكد بن عبد السلام quot;نحن نلاحظ التطورات الأخيرة وما عرفته مدينة العيون، وعدد من المناطق في المغرب، والمظاهر التي لديها دلالة، في هذا الصدد، منع منظمة quot;ترانسبرانسيquot; من تنظيم حفل تسليم جائزتين للأستاذ عبد الرحيم برادة، والناشط الحقوقي شكيب الخياري، المعتقل لحد الآن في السجون المغربيةquot;.

بدوره أيّد خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، الموقف نفسه، إذ أكد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أنه quot;رغم ما حققه المغرب من مكتسبات في مجال توسيع فضاء الحقوق والحريات، إلا أننا نسجل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، وانتهاك الحريات الفردية والجماعية والتراجع على بعض المكتسبات التي تحققت في هذا المجال، من اختطاف، وتعذيب، ومحاكمات غير عادلة، ومس بحرمة المنازل من خلال المداهمات التعسفية، وانتهاك لحرية الصحافةquot;.

كما سجل خالد الشرقاوي السموني ملاحظات بخصوص 16 ملفا، ويتعلق الأمر بتوصيات تقرير الإنصاف والمصالحة، والانتهاكات المرتبطة بملف مناهضة الإرهاب، وأوضاع المعتقلين في السجون، وممارسات التعذيب، والاعتقال السياسي، والحق في التنظيم، وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، وإصلاح القضاء، وغيرها.

وبالنسبة إلى الملف الأول، فعبر رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان أنه مستاء لغياب تطبيق النتائج التي تم التوصل إليها، رغم مرور خمس سنوات كاملة على إنجاز تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، وحل الهيئة وتكليف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والسلطة التنفيذية بتطبيق قرارات وتوصيات الهيئة.

وبالنسبة إلى التعذيب، أشار إلى أنه quot;رغم صدور القانون الذي يقضي بتجريم ممارسة التعذيب ونشره في الجريدة الرسمية، منذ ما يناهز أربع سنوات للقانون القاضي بتجريمه، فمازال التعذيب يمارس مع إفلات المسؤولين عنه من العقاب في أغلب الحالاتquot;.