صفقة السلاح الجديدة بين أميركا وتايوان تصدرت عنواين الصحف الصينية

تمر العلاقات الأميركيّة الصينيّة بأسوأ مراحلها منذ تسلم الإدارة الأميركيّة الحالية مهامها. فبكين المستاءة من صفقة بين واشنطن وتايوان حمّلت الولايات المتحدة مسؤولية إيقاف تعاونها في الملفات الدولية في إشارة مبطنة إلى البرنامج النووي الإيراني.

بكين: التيبت، تايوان، غوغل، غيوم تجمعت دفعة واحدة في سماء العلاقات الصينية - الأميركية التي أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما بعيد وصوله الى البيت الابيض انها quot;ستطبع القرن الحادي والعشرينquot;.

واذا كان بعض الخبراء يؤكدون أن الأمر لا يعدو كونه quot;تصعيداً تحت السيطرةquot;، فان العلاقات بين بكين وواشنطن تمر حاليا، بعد شهرين ونصف من زيارة أوباما الاولى الى الصين، بأسوأ مطبات منذ تسلم الادارة الأميركية الحالية مهامها.

والثلاثاء أعلنت بكين، المستاءة من صفقة السلاح الجديدة التي تعتزم الادارة الأميركية إبرامها مع تايوان، أن واشنطن ستتحمل quot;المسؤولية كاملةquot; إذا ما أوقفت الصين تعاونها مع الولايات المتحدة في quot;الملفات الدولية الكبيرةquot;. وفي هذا التحذير اشارة مبطنة الى البرنامج النووي الايراني ونظيره الكوري الشمالي وهما ملفان يعتبر فيهما موقف الصين اليوم مهما اكثر من اي وقت مضى.

أعضاء من جيش التحرير الشعبي الصيني في بكين

ولعل ابلغ دليل على تردي العلاقات بين البلدين هو ترك الصين الحبل على غاربه لمتصفحي الانترنت لديه الذين يكيلون الاتهامات quot;للعم سامquot;، في حين انبرت وسائل الاعلام الصينية الناطقة بالانكليزية تندد ب quot;عنجهيةquot; الولايات المتحدة وquot;نفاقهاquot;. ويقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة بكين جيا كينغوو انه quot;من المؤكد ان الاحداث الاخيرة سيكون لها تأثير سلبي على العلاقات الصينية-الأميركية والاحتكاكات يمكن ان تتزايدquot;.

وفي مناخ متوتر اصلا بسبب العديد من القضايا الخلافية بين البلدين سواء بسبب قضية اليوان ام قضية انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية، اتت قضية غوغل قبل ثلاثة اسابيع لتزيد الطين بلة.

وهذه القضية، التي تجمع بين الاقتصاد والسياسة كونها تمس بمسألة الرقابة الشديدة الحساسية، اصبحت في نهاية الامر قضية بين الحكومتين، اذ طالبت واشنطن بكين بتقديم توضيحات بشأن الهجمات الالكترونية التي تعرض لها عملاق الانترنت الأميركي انطلاقا من الصين، في حين ردت الصين مستنكرة ما اعتبرته انتهاكا لسيادتها.

وفي مؤشر على ازدياد حدة التوتر بين البلدين حذرت بكين الثلاثاء الرئيس الأميركي من مغبة عقد اي لقاء مع الدالاي لاما، مؤكدة ان هذا الامر إن حصل quot;سيقوض بشكل جدي الدعائم السياسية للعلاقات الصينية-الأميركيةquot;. ومن المقرر ان يزور الزعيم الروحي لبوذيي التيبت واشنطن في 16 شباط/فبراير في اطار جولة أميركية تستغرق عشرة ايام.

هليكوبتر أميركية من طراز بلاك هوك

وادى اعلان البنتاغون الجمعة عن عزمه بيع تايوان اسلحة أميركية بقيمة 6.4 مليارات دولار، بينها صواريخ مضادة للصواريخ من طراز باتريوت وسفن كاسحة للالغام وطوافات بلاك هوك، الى صب الزيت على نار العلاقات الأميركية - الصينية المتأججة اصلا.

ففي سابقة من نوعها لم تكتف بكين بالاحتجاج بشدة على هذه الخطوة الأميركية ولا بتعليق تعاونها العسكري مع واشنطن، بل اعلنت عن فرض عقوبات على الشركات الأميركية المعنية بصفقة السلاح هذه.

وكتبت صحيفة quot;غلوبال تايمزquot; الثلاثاء quot;يبدو ان الولايات المتحدة فوجئت بعض الشيء برد الفعل الصيني الذي جاء اقوى مما كان متوقعاquot;، في حين اعرب مسؤول عسكري أميركي كبير عن quot;الاسفquot; لرد الفعل الصيني. ويقول جان بيار كابيستان من جامعة هونغ كونغ المعمدانية ان الصين quot;تشعر بانها اقوى والولايات المتحدة اضعفquot;.

ويوضح ان الصينيين quot;يعتقدون ان بامكانهم الذهاب ابعد قليلاquot; في اختبار القوة بينهم وبين الولايات المتحدة التي تعاني وضعا اقتصاديا صعبا والتي باتت اكثر اعتمادا على الصين والمديونة للصينquot;.

وخلافا لاسلافه فقد وصل أوباما الى السلطة ويده ممدودة الى الصين منتهجا سياسة تصالحية فسرتها بكين على انها مؤشر ضعف، كما يقول جان فيليب بيجا الباحث في مركز الدراسات الفرنسية حول الصين المعاصرة ومقره هونغ كونغ.

ويضيف بيجا ان بكين استفادت من هذا الامر quot;من اجل اعتماد موقف شديد التصلب في كوبنهاغنquot; خلال المفاوضات حول المناخ، او ايضا من اجل quot;الحكم القضائي القاسي الذي اصدرته بحق (المنشق) ليو شياباوquot; والذي قضى بسجنه 11 عاما.

ويتابع الباحث quot;اليوم، تحاول الولايات المتحدة ان تبرهن انها قوة عظمى. لقد طرقت موضوعي تايوان والتيبت بفارق يومين فقط. على أوباما ان يبرهن ان موقفه الاصلي لم يكن موقف ضعف. نحن في ما يشبه لعبة بوكرquot;. ويضيف quot;سنشهد مزيدا من التوترات لفترة من الوقتquot;.