لندن: في قرار مفاجئ ومثير أجلت الهيئة التمييزية العراقية النظر بالطعون التي رفعها مرشحو الانتخابات ضد قرارات حظرهم من قبل هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وقررت مشاركتهم في الانتخابات في إلغاء لقرارات المنع ما أثار مواقف متباينة من القوى السياسية العراقية التي عارضت القرارات او التي ايدتها حيث اتهم المدير العام للاجتثاث السفارة الاميركية بممارسة ضغوط على عملهم.. في وقت حذر رئيس المجلس الاسلامي عمار الحكيم من استغلال قوى نافذة للمال العام على حساب اخرى في الحملة الانتخابية بينما كشف نائب عن بدء عمليات شراء ذمم مقترعين بالاغراءات المادية.
واعلنت مصادر في مفوضية الانتخابات وفي الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي عن قرار للهيئة التمييزية المشكلة للنظر في الطعون التي قدمها اكثر من 500 مرشح ضد قرارات هيئة المساءلة بحرمانهم من المشاركة في الانتخابات التشريعية في السابع من الشهر المقبل بتأجيل النظر في الطعون وإلغاء قرارات حظرهم في الوقت الحاضر وسمحت بمشاركتهم في الانتخابات.
وأوضحت مفوضية الانتخابات أن الهيئة التمييزية التي تنظر بالطعون المقدمة من قبل المستبعدين من الانتخابات قد ألغت قرارات هيئة المساءلة والعدالة وسمحت للأشخاص والكيانات تلك بالمشاركة ما عدا الذين قدموا بدلاء عنهم.
وفي وقت رحبت كيانات محظورة من الانتخابات بقرار الهيئة التمييزية وفي مقدمتها جبهة الحوار الوطني بقيادة النائب صالح المطلك فقد رفضت هيئة المساءلة والعدالة القرار وقالت انه غير دستوري. واعتبر المدير العام للهيئة علي اللامي قرار السماح للمرشحين المبعدين بالمشاركة في الانتخابات بانه غير دستوري ولا قانوني ويتعارض مع قانون الانتخابات ومع قرارات مفوضية الانتخابات التي كانت قررت ابعاد المرشحين من القوائم. واوضح في تصريحات للصحافة اليوم ان الهيئة التمييزية اشارت الى انه لضيق الوقت مع اقتراب موعد الانتخابات فإنها ستؤجل النظر بالطعون وتسمح لهم خوض السباق الانتخابي.
ودعا اللامي الحكومة العراقية ووزارة الخارجية الى منع السفارة الاميركية من ممارسة ضغوط على الهيئة للتدخل في شؤونها وقال ان المسؤولين في السفارة يقومون بتحركات ضد الهيئة. وكانت القوات الاميركية اعتقلت اللامي عام 2007 وابقته في السجن لاكثر من عام بتهمة تفجير مركز عسكري عراقي اميركي مشترك في مدينة الصدر في بغداد.
ولم يعرف بعد فيما اذا كانت الهيئة التمييزية ستنظر في الطعون بعد انتهاء الانتخابات كما دعا الى ذلك في وقت سابق نائب الرئيس الاميركي جو بادين والذي اجتمع امس الاول في واشنطن مع نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي كان في مقدمة معارضي منع المرشحين من الانتخابات.
وكان بايدن طالب خلال زيارته الاخيرة الى بغداد اواخر الشهر الماضي المسؤولين العراقيين بتأجيل البت في قرارات الحرمان من الانتخابات الى ما بعد اجرائها مع تقديم المرشحين براءات من حزب البعث المحظور واجراء انتخابات تتمتع بمصداقية ويقبلها العالم.
وانتقد السفير الأميركي في العراق كريستوفر هيل امس الاول إجراءات هيئة المساءلة والعدالة ضد بعض المرشحين متهمًا بعض الشخصيات بتحويل الهيئة إلى واجهة للتصفيات السياسية ومنتقدًا في الوقت نفسه تشكيل هيئة اجتثاث البعث عقب سقوط نظام صدام حسين في نيسان (ابريل) عام 2003 وتسليم إدارتها للسياسي العراقي احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني.
وفي وقت سابق اليوم دعا الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في بغداد آد ميلكرت الى ابقاء المرشحين الذين استبعدتهم هيئة المساءلة من الانتخابات التشريعية المقررة في السابع من الشهر المقبل على قائمة المرشحين حتى يتم البت في الطعون القضائية التي قدموها مشددًا على انه من حق المرشحين المستبعدين النظر بطعونهم بتروٍ ومن دون ضغوط. وقال إنه يجري نقاشات مكثفة مع العديد من المسؤولين لإجراء الانتخابات بطريقة تتسم بالمصداقية بمساعدة المجتمع الدولي ويقبلها الشعب العراقي.
واشار الى ان تجارب الامم المتحدة في حل نزاعات شهدتها بلدان في مرحلة ما بعد الصراع تؤكد ضرورة ايجاد التوازن الضروري بين الحاجة الملحة لتحقيق العدالة ومساءلة الذين كانوا جزءا من الانظمة التعسفية والحاجة الى تحقيق السلام والمصالحة في العملية الديمقراطية.
واوضح في بيان صحافي اليوم ان بعثة الأمم المتحدة في العراق لا تريد من مطالبتها فرض مطالب سياسية محددة على السلطات العراقية أو إبداء المشورة بشأن عمل المحاكم العراقية، لكن ما يهم الأمم المتحدة من خلال عملها في العراق هو وضع أساس قانوني سليم للانتخابات في العراق.
وموقف الامم المتحدة هذا يأتي في اعقاب قرارات لهيئة العدالة بمنع 513 مرشحًا من خوض الانتخابات التي ستجري بمشاركة 165 كيانًا سياسيًا ينتمون إلى 12 ائتلافًا انتخابيًّا. ومع اقتراب موعد الحملة الانتخابية التي ستنطلق الاحد المقبل فقد حذر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم من استخدام المال العام في الدعاية الانتخابية لبعض الأحزاب دون أخرى.
وقال عمار الحكيم في تصريح خلال زيارته المراقد المقدسة في كربلاء quot; نحذر دوما من استغلال المال العام في الدعاية الانتخابية لبعض الأحزاب دون أخرى، أو استغلال الأموال التي تخضع لأجندة معينة تحاول خلق رأي عام يتنافى مع توجهات الشعب العراقي quot;.
واشار الى انه من المفترض أن يكون هناك قانون خاص بالأحزاب تنظم بموجبه إيرادات تلك الأحزاب وإدارة أمورها المالية كما هو موجود في الأنظمة الديمقراطية العالمية التي تتكفل جزءا من العمليات الدعائية لاحزابها وليس لفئة معينة دون أخرى. وأضاف ان العملية السياسية العراقية احتوت على العديد من القوائم الوطنية التي تشكلت من جهات مختلفة بعد سقوط النظام لكنها لم تخل من القوائم الطائفية.
واكد أن القوائم الانتخابية التي ستدخل في الانتخابات القادمة تشكلت من كتل وطنية كونها إنتقلت من مرحلة القوائم الخاصة الى القوائم ذات الطابع الوطني التي لا تنتمي إلى مذهب او قومية معينة، موضحًا ان المستقبل ربما سيكون اكثر نضوجًا وبالتالي يبقى البلد بحاجة الى مشاركة كافة فئاته من خلال جبهة وطنية عريضة. واعرب عن امله ان تتمخض الانتخابات القادمة عن قوائم وطنية تشارك فيها كافة الاطراف الممثلة للشعب العراقي.
ومن جهته، كشف هاشم الطائي رئيس لجنة الأقاليم في مجلس النواب عضو جبهة التوافق عن بدء مساومات انتخابية منذ الآن متمثلة بعرض مبالغ نقدية تبدأ من 10 آلاف دولار وأكثر لمدراء المراكز الانتخابية مقابل عمليات التزوير التي يعتزم دافعو هذه المبالغ تنفيذها. واشار في تصريح صحافي اليوم الى انه بالاضافة الى وجود مساومات انتخابية لشراء مدراء المراكز الانتخابية هناك محاولات شراء الأصوات وبسعر يبدأ بـquot;50quot; دولارًا للصوت الواحد، مبديًا أسفه على هذا الأسلوب الرخيص الذي يتعامل به بعضهم مع الانتخابات.
وطالب الطائي باشراك منظمات دولية لمراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة مشددًا على ضرورة وجود الجهات التي لم يكن لها حضور في الانتخابات الماضية وفي مقدمتها منظمة المؤتمر الإسلامي. وقال ان المراقبة الدولية للانتخابات الماضية كانت رمزية بالنسبة للأمم المتحدة والجامعة العربية وان مراقبيها وُجِدُوا فقط في مراكز العد والفرز والمقرات الرئيسة للمفوضية العليا للانتخابات ولم يسجلوا حضورًا يذكر في المحطات الانتخابية التي تشكل الهدف المفضل للقائمين بأعمال التزوير.
ودعا المنظمات الدولية إلى تكثيف عناصرها حتى لو اقتضى الأمر وجود مراقبين دوليين في جميع مناطق العاصمة والمحافظات، خصوصًا، في المحطات الانتخابية، مؤكدًا أنّ المراقبة الدولية للانتخابات هو أمر موجود وشائع في جميع الانتخابات العربية والدولية.
اما الجبهة التركمانية العراقية فقد احتجت على اجراءات مفوضية الانتخابات في كركوك وقالت انها تثبت بأنها غير مستقلة وتعمل وفق تعليمات واجندات لجهات معينة عندما اقامت ندوة لمنظمات المجتمع المدني حين لاحظ المشاركون التركمان وجود اللافتات باللغات العربية والكردية والانكليزية فقط مع توزيع كراسات انتخابية (دليل الناخب) باللغات العربية و الكردية و السريانية و عدم وجود اللغة التركمانية ايضا ما حدا بالتركمان الى استنكار هذا الفعل المتعمد و الانسحاب من الندوة فيما قدم المسؤولون عن الندوة حججًا واهية quot;لتبرير فعلتهم المقصودةquot;.
وقالت الجبهة في بيان الى quot;ايلافquot; ان علي عبوش نائب مدير مكتب كركوك للمفوضية ادعى عدم وصول الكراسات باللغة التركمانية من بغداد، مشيرًا الى انه اذا تم الانسحاب فهذا يؤثرفي حقوق التركمان. واضافت quot; اذا كان هذا حال المفوضية التي تنظم الانتخابات و حال المسؤولين فيها الذين اقل ما يجب عليهم هو ان يكونوا حياديين ويمارسون اعمالهم بمهنية فكيف اذا سيكون التزوير و الاخلال خلال الانتخابات؟quot;. وطالبت الامم المتحدة و مراقبي نزاهة الانتخابات وحقوق الانسان ان يتدخلوا لمنع مثل هذه التداعيات وتعيين مراقبين دوليين quot;اذا كان يهمهم حقوق الانسان في الاختيار والحق و العدالةquot; كما قالت.
ومن جهتها، اتفقت هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات خلال اجتماع مشترك على التعاون للحد من استخدام المال العام وإمكانيات الدولة في الدعاية الانتخابية لانتخابات مجلس النواب المقبل وكذلك الكشف عن الشهادات المزورة للمرشحين للانتخابات.
وأكد مدير عام دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة ضرورة أن يكون هناك جهد مشترك ما بين الهيئة والمفوضية من اجل انتخابات نزيهة وشفافة داعيًا المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى رفد الهيئة بالمعلومات عن مستخدمي المال العام وجهد الدولة في حملاتهم الانتخابية من اجل اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم بعد التحري والتحقق من ذلك. واشار الى التعاون السابق ما بين الهيئة والمفوضية خلال انتخابات مجالس المحافظات وخاصة في مجال الكشف عن الشهادات المزورة وكذلك الاتفاق على التعاون بين الفرق المشكلة ما بين الهيئة والمفوضية.
ومن جانبها دعت مديرة الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حمدية الحسيني إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة لمتابعة استخدام إمكانيات الدولة في حملات المرشحين الانتخابية في بغداد والمحافظات ووضع السبل الكفيلة لمتابعة الخروقات القانونية.
ومن جانبه اشار مدير عام دائرة الشؤون القانونية في هيئة النزاهة الى تشكيل فريق عمل مركزي في بغداد والمحافظات في وقت سابق لمتابعة صحة صدور الشهادات الدراسية للمرشحين وعدم استخدام المال العام في الحملات الانتخابية للمرشحين مقترحا فتح قنوات مباشرة بين الفرق المشكلة في الهيئة وبين المفوضية للتعامل في ما بينهم لرصد استخدام المال العام في الحملات الانتخابية وكذلك إشراك ديوان الرقابة المالية باعتبارها احد الاجهزة الرقابية العريقة في الموضوع.
التعليقات