لندن: تتصاعد حملة عقوبات جماعية وطرد من الوظائف ومنع من ممارسة السياسة تقوم بها مجالس محافظات جنوبية إضافة إلى بغداد وتسيطر عليها أحزاب شيعية ضد عناصر حزب البعث المنحل في حملة منظمة تتزامن مع تنظيم تظاهرات تنادي بالوقوف بوجه عودة الحزب، وذلك بالترافق مع قرب انطلاق الحملة الانتخابية الجمعة المقبل وسط مخاوف من ان تشكل هذه الاجراءات عقوبات جماعية في غياب موقف رسمي صامت ووصف زعيم القائمة العراقية رئيس الوزراء السابق اياد علاوي الامر بأنه تزييف مبكر للانتخابات يهدد بحرب اهلية.

وقد بدأ الحملة محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق الذي ينتمي الى حزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي حين اعلن في كلمة له بمتظاهرين خرجوا في العاصمة للتنديد بمحاولة اعادة البعث ان المحافظة لن تسمح للبعثيين بالدوام في دوائر الدولة بعد الان. وقال ان المحافظة ستبدأ بحملة لاجتثاث جميع المشمولين ولن نسمح لهم بالدوام بعد اليوم في جميع دوائر الدولة في بغداد.

واضاف ان ادارة المحافظة بصدد اعداد قوائم المشمولين بالاجتثاث ستصدرها قريبًا وطالب باقي المحافظات بتطبيق هذه الاجراءات وعدم السماح للبعثيين بممارسة عملهم في الدوائر الرسمية داعيًا مجلس النواب الى الاشراف على هذه الحملة ودعمها. واكد على ضرورة ان يكون لمجلس النواب والحكومة الاتحادية quot;القرار الحاسم والشجاع في منع البعثيين من المشاركة في الانتخاباتquot;.

واشار الى انه الى الان لم يحاكم أي بعثي باستثناء عدد محدود والمقربين الى صدام وقال quot;ان الالاف من البعثيين طلقاء ويعملون في المؤسسات الحكومية وما زالت قنواتهم وشخصياتهم وصحفهم تعمل الى الان ويريدون العودة مجددًا الى السلطة بذريعة الديمقراطية،على الرغم من ان الدستور العراقي يحظر ذلك quot;.

واكد عبد الرزاق ان الذين يدافعون عن البعث هم انفسهم الذين يقفون ضد تطبيق قانون هيئة المساءلة والعدالة واصروا في الوقت ذاته على تطبيق قانون العفو العام موضحًا انه تم اثر ذلك اطلاق سراح اكثر من 8 الاف معتقل من بوكا وسجون اخرى فشارك هؤلاء بعمليات ارهابية حدثت في العراق. واشار الى ان القوات الامنية تمكنت من اعادة اكثر من ثلاثة الاف الى السجون مرة اخرى بعد ان ثبت تورطهم بعمليات ارهابية.

وتساءل قائلاً ان الدول الاجنبية quot;التي تضغط باتجاه السماح للبعثيين هل تسمح هي للنازيين بالعودة الى عملهم في اوروبا او ان ترضى اميركا بالسماح الى القاعدة ان تفتتح مكاتب لها في واشنطن واوربا.quot; وبعد ان اثارت كلمات محافظ بغداد ردود فعل متخوفة قال المحافظ اليوم ان ما قصده في كلامه هو quot;عزل البعثيين المشمولين بقانون هيئة المساءلة والعدالة وليس البعثيين عمومًا كما روجت بعض الجهات ووسائل الاعلامquot; على حد قوله.

كما رد النائب المستقل وائل عبد اللطيف بالقول ان محافظ بغداد quot;لايملك الحق القانوني في استبعاد الموظفينquot; مشيرا الى ان ما اعلنه quot;سياسة مبنية على الانتقائيةquot;. واضاف ان كلام المحافظ متعجل وغير مسؤول ويشوبه الشيء الكثير وعليه الكتابة الى الجهات المسؤولة في هذا الشأن.

وكانت الهيئة التمييزية التي تنظر بالطعون المقدمة من قبل المستبعدين من الانتخابات أعلنت الاسبوع الماضي إلغاء قرارات هيئة المساءلة والعدالة وسمحت للأشخاص والكيانات المستبعدة بالمشاركة في الانتخابات على أن يعاد النظر بالطعون بعد إجراء الانتخابات ثم عادت وتراجعت عن قرارها اثر اجتماع للرئاسات الاربع الذي طالب الهيئة النظر بالطعون وعدم ترحيل النظر بالملفات الى ما بعد الانتخابات.

وقبل ذلك أمهل مجلس محافظة النجف (160 كم جنوب بغداد) من نعتهم بالبعثيين والتكفيريين يومًا واحدًا لمغادرة المحافظة وهددهم في بيان في الثامن عشر من الشهر الماضي بالضرب quot;بيد من حديدquot; داعيا إلى إبعادهم عن العملية السياسية تحت أية مسميات. وأشار المجلس في بيان إلى أنه سيأخذ على عاتقه في المرحلة المقبلة إجراءات لتطهير الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية من البعثيين.

وطالب الوزارات المعنية بتفعيل الأجهزة الاستخباراتية وعزل العناصر الموالية للنظام السابق. وبعد ذلك بأيام بدأ مجلس محافظة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) حملة اعتقالات ضد البعثيين استهدفت بقايا تنظيمات حزب البعث كما قرر تشكيل لجنة باسم quot;المساءلة والعدالةquot; تتولى دراسة ملفات موظفيها العاملين بمؤسساتها الرسمية بهدف تطهيرها من البعثيين.

وقال المجلس ان اللجنة الجديدة التي بدات عملها فعلاً ستقوم بجمع المعلومات عن موظفي دوائر الدولة بما فيها المدارس لفرز البعثيين منهم وملاحقتهم وفق قانون المساءلة والعدالة. واشار الى ان البعثيين الصداميين سيحالون على التقاعد مع نيل كامل حقوقهم التقاعدية وقد يبعدون من المدينة أيضا. ويطلق تعبير quot;البعثيين الصداميينquot; على أعضاء حزب البعث المنحل ممن كان لهم دور فاعل في دعم استمرار النظام السابق وانضموا برغبتهم الى الحزب.

وخلال تظاهرة شهدتها مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) امس للتنديد بحزب البعث المنحل دعا المحافظ طالب الحسن إلى عدم قبول عودة حزب البعث للحياة السياسية مرة أخرى وحث على العمل بجهد للحيلولة دون رجوعه إلى الحكم وأكد إن لا مكان في العراق الجديد لفكر أو عقيدة حزب البعث أو أزلام حزب البعث لأنه حزب نازي فاشي ولا يرتقي الى مستوى الحزب.

واشار رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة ذي قارالشيخ سجاد شرهان الى ان المحافظة فعّلت مشروع إبعاد البعثيين عن العملية الأمنية والإدارية. وقال quot;أبعدنا كل من وجدنا أن له علاقة واضحة بفدائيي صدام واكتشفنا أن بينهم مدراء أفواجquot;. واوضح ان هناك أسماء حصلت عليها لجنة الأمن والدفاع في المحافظة وأسماء أخرى من وزارة الداخلية وأخرى من هيئة اجتثاث البعث وأدرجت كلها في ملف كامل جمع كل السلبيات الموجودة في العمل الأمني الناتج عن وجود هذه العناصر وسيطرح أمام الحكومة المحلية ليتخذ صفة الشرعية.

وقد رفع مجلس المحافظة الى محافظ ذي قار طلبًا باعفاء كل من مدير مركز التدريب المهني ومدير شبكة الحماية الاجتماعية في المحافظة من منصبيهما بسبب شمول احدهما بقرارات المساءلة والعدالة وتورطه بقضايا فساد اداري ومالي.

واستمرارًا مع هذه الاجراءات فقد قرر مجلس محافظة واسط (160 كم جنوب بغداد) اتباع إجراءات جديدة تؤدي إلى إخراج الأعضاء السابقين في حزب البعث المنحل من وظائفهم. وقال مسؤول الإعلام بمجلس محافظة واسط طه الرديني إن quot;مجلس محافظة واسط قرر إخراج من كان بدرجة عضو فرقة فما فوق وعناصر ميليشيا فدائيي صدام والمنتسبي والمتعاونين مع الأجهزة الأمنية في زمن النظام البائد والمستفيدين من نهب ثروات البلاد من كافة دوائر الدولة.

وأوضح الرديني في تصريح نقلته quot;لسومرية نيوزquot; أن quot;قرار المجلس نص على إعطاء مهلة أسبوع واحد للمشمولين لغرض تسليم أسلحتهم إلى مراكز الشرطة الموجودة في مراكز الاقضية والنواحي ومركز المحافظة بعد استحصال الموافقات القضائية وإعلان البراءة من حزب البعثquot;.

واشار الى ان القرار يخول الأجهزة الأمنية بمداهمة واعتقال من لم يسلم سلاحه بعد انقضاء المهلة المحددة واتخاذ إجراءات المتابعة ومراقبة جميع المشمولين بنزع السلاح ورصد تحركاتهم. وقال إن المجلس خول مركز الأمن الوطني في واسط باستدعاء البعثيين واخذ التعهدات اللازمة منهم قبل موعد الانتخابات وتحت أشراف مجلس محافظة واسط. وكان مجلس محافظة البصرة قرر السبت الماضي quot;اجتثاثquot; العناصر السابقة بحزب البعث من وظائفهم بالمؤسسات الحكومة وحرمانهم من ممارسة العمل السياسي بالمحافظة.

وتأتي هذه الحملة ضد البعثيين بعد ان صعدت الاحزاب الدينية الحاكمة في العراق من حملتها الرسمية والشعبية ضد ماتقول انها محاولات مدعومة من دول اقليمية لاعادة حزب البعث الى السلطة في العراق من جديد.

وقال زعيم الائتلاف اوطني العراقي الشيعي عمار الحكيم في كلمة له بمواطنين بضواحي بغداد امس ان العدو الاول للشعب العراقي هو حزب البعث العربي الاشتراكي بفكرة وسلوكه ومنهجه وقيادته ورجاله السيئين واشار الى ان المقابر الجماعية شاهد على عدوانيته وهمجيته فهو المسؤول عن الجرائم التي ارتكبت طيلة 33 عامًا.

وشدد الحكيم وهو رئيس المجلس الاعلى الاسلامي بالقول ان حزب البعث العربي الاشتراكي بفكره وسلوكه ومنهجه وقيادته ورجاله السيئين كان ولا يزال العدو الاول للشعب العراقي. واكد ان الشعب العراقي لا يقبل بعودة حزب البعث الى الواجهة من جديد ولا يقبل بوصول كبار البعثيين الى مواقع ومؤسسات الدولة من جديد وهذا هو المنطق والقانون والدستور ويجب احترام مشاعر العراقيين.

كما اكد رئيس الوزراء نوري المالكي امس عدم امكانية البعث من الوصول الى السلطة التشريعية محذرًا المواطنين من الاعلام quot;المضللquot; الذي يروج لهذه العودة مدفوع باجندة خارجية. وقال ان البلد استقر على اساس الارادة الشعبية وان quot;لا انقلاب من البعث ولا غير البعثquot; واضاف انه quot;لا يمكن ان يصل البعث الى السلطة التشريعيةquot;. لكن رئيس القائمة العراقية إياد علاوي قال اليوم أن حظر خوض مرشحين للانتخابات بتهمة الصلة بحزب البعث يهدد بجر العراق الى quot;اتون حرب اهليةquot;.

واضاف ان الحظر سيؤدي الى عودة الهجمات الطائفية ووضع العراق في خانة الطائفية وعلى الطريق نحو الحرب الاهليةquot;. وأوضح ان quot;حظر المرشحين قبل الانتخابات التي تعتبر حاسمة بالنسبة إلى تعزيز الديمقراطية العراقية الناشئة وتسوية النزاعات بشأن الاراضي واحتياطات النفط الضخمة يعتبر تمييزا ومؤامرة لابعاد المنافسين عن الانتخابات وتحويل الانظار عن اخفاقات الحكومة الحاليةquot;.

واتهم علاوي في تصريحات لصحيفة الحياة اللندنية الاطراف السياسية التي تتبنى quot;التخويف والإقصاء السياسي بذريعة اجتثاث البعثquot; بممارسة تزوير مبكر للانتخابات كاشفًا تقديمه طلبًا إلى الولايات المتحدة ومجلس الأمن باعتبار العراق ما زال خاضعًا للفصل السابع quot;للتدخل وإنقاذ الديمقراطيةquot;.

واضاف علاوي الذي تضم قائمته quot;العراقيةquot; نسبة كبيرة من المحظورين بناء على قرارات هيئة المساءلة والعدالة انه يعتبر عمليات الاقصاء السياسي انقلابًا على الديمقراطية يستدعي تدخلاً دوليًا. وفي اشارة الى التظاهرات التي ينظمها حزب الدعوة بزعامة المالكي قال علاوي ان اقرب مثال على ما نتحدث عنه هو لجوء الحزب الحاكم الى تسخير قناة العراقية الممولة من المال العام لتغطية تظاهرات تمت خلالها الاساءة الى شخصيات سياسية وإطلاق اتهامات لم يثبتها القضاء العراقي.

ولم يخف علاوي مخاوفه من ان تسفر التطورات عن quot;نتائج لا تحمد عقباهاquot; اذا استمر مستوى التصعيد السياسي الحالي وقال ان quot;الدول لا تبنى بالمغامرات الانتخابية وما يحدث مجازفة بكل العراق وليس بالانتخابات وحدهاquot;. ومن جانبه اعرب فرياد راوندوزي النائب عن التحالف الكردستاني عن اعتقاده بأن مسالة اجتثاث موظفين كونهم كانوا بعثيين ينبغي ان يكون وفقاً للدستور.. وحذر من وقوع المسؤولين quot;تحت طائلة ردود الفعل والاجراءات غير القانونية التي ليس من المفيد اثارتها الانquot;.

واشار مراقبون الى ان اجواء من الخوف والترقب تسود المحافظات الجنوبية خوفًا من ان تتطور اجراءات مطاردة البعثيين لتشمل مناوئين سياسيين من غير البعثيين خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الحاسمة التي لم يتبق من اجرائها سوى 25 يومًا او ان تتحول الى تصفيات جسدية وهو امر اضطر العديد من العائلات الى هجرة مدنها في الوقت الحاضر بانتظار انتهاء الانتخابات وما ستسفر عنه الاجواء السياسية في البلاد.