تحمل الزيارة التاريخية التي يقوم بها اليوم رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ إلى السعودية أهمية كبيرة خاصة أنها الأولى لمسؤول هندي على مستوى رئيس الوزراء منذ 28 عاما، في ظل الظروف الدولية المتأزمة على الصعيدين الأمني والاقتصادي.

الرياض: الزيارة توقع لها المراقبون أن تناقش موضوعات شتى، وعلى رأسها الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب وتأكيد سينغ على حاجة بلاده لدعم الرياض في التصدي لظاهرة الإرهاب، معتبرا المملكة شريكا إستراتيجيا لبلاده، كما يتوقع أن تناقش البرنامج النووي الإيراني الذي يهدد منطقة الخليج في ظل التوترات المتصاعدة بين إيران من جهة والغرب من جهة أخرى، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية وما خلفته الأزمة المالية العالمية من تداعيات سلبية اجتاحت دولا عديدة كان للهند نصيب منها.

مدينة الرياض تزيّنت منذ يومين بالأعلام السعودية والهندية مرحبة بزيارة ضيف الرياض الكبير مانموهان سينغ، لتؤكد من جديد الدور المتعاظم للمملكة العربية السعودية في الشؤون والقضايا الدولية، حيث أصبحت الرياض عاصمة يتهافت إليها زعماء الدول الكبرى.

ودفعت الزيارة التي قام بها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الهند في يناير 2006 العلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق أرحب وشكلت قفزة نوعية في دعم مسيرة التعاون بين البلدين، وتم التوقيع خلال تلك الزيارة على ثلاث اتفاقيات ومذكرة تفاهم حول التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجرائم، كما جرى التوقيع على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين البلدين، وكذلك توقيع اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي .

وصدر في ختام الزيارة إعلان نيودلهي الذي اشتمل على عدد من المحاور المهمة منها تعزيز التعاون لمكافحة خطر الإرهاب والجرائم الأخرى والاتفاق على توسيع وتنويع التجارة والاستثمارات المشتركة بين البلدين ،والتأكيد على أهمية استقرار سوق النفط للاقتصاد العالمي وتأسيس شراكة إستراتيجية نفطية كذلك قيام الحكومتين بتشجيع ودعم رجال الإعمال في كلا البلدين، والعمل على تعزيز التعاون بينهما في مجال التقنية ودعم وتشجيع التبادل الثقافي.

وفي ما يتعلق بالتعاون السياسي أكد البلدان التزامهما بمبادئ الشرعية الدولية وأهمية الحفاظ على السلام والاستقرار الدوليين واتفق الجانبان على العمل معا لحل النزاعات الدولية القائمة بالطرق السلمية .

وتعود العلاقات السعودية الهندية إلى نحو نصف قرن من الزمن منذ الزيارة التي قام بها الملك سعودي إلى الهند في عام 1955، تلاها بعام واحد زيارة قام بها رئيس وزراء الهند الراحل جواهر لال نهرو، ثم زيارة رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي عام 1982.

العلاقات الاقتصادية

وعلى هامش زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى الرياض يستضيف مجلس الغرف السعودية غدا وفدا من رجال الأعمال الهنود يضم 16 رجل أعمال من مختلف القطاعات حيث يلتقون نظراءهم السعوديين للتباحث في المجالات الاستثمارية والتجارية. ومن المنتظر أن تتناول المناقشات بين الجانبين مساءلة قضايا الإغراق التي واجهتها شركات بتروكيماويات سعودية في الهند خلال الفترة الماضية.

وتميّزت العلاقات الاقتصادية بين الرياض ونيودلهي بالعديد من الاتفاقيات والمشاريع المشتركة وحجم تبادل تجاري ضخم سجل خلال السنوات القليلة الماضية نسبة ارتفاع قياسية تجاوز 200 في المائة في أربعة أعوام تقريبا. وتعتمد الهند في جزء كبير من وارداتها البترولية على إنتاج السعودية حيث تحصل على أكثر من 30 بالمائة من حاجاتها من البترول من المملكة وتصل كميات ما تصدره المملكة للهند إلى نحو 500 ألف برميل يوميا .

وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2009م نحو 103 مليارات ريال مرتفعا بنسبة 600 في المائة عمّا كان عليه في العام 2000.

وارتفع عدد الشركات الهندية العاملة في السوق السعودية من 68 شركة حتى عام 2006 إلى ما يقارب 250 شركة هندية عام 2009م بما في ذلك المشاريع المشتركة، والشركات الهندية المملوكة بالكامل المرخص لها من قبل الهيئة العامة للاستثمار للقيام بأعمال تجارية في المملكة .

ويقدر مجموع الاستثمارات الهندية في السعودية بمبلغ خمسة مليارات و732 مليون ريال، كما توجد هناك استثمارات سعودية في الهند.

ووفقا للإحصاءات فقد زادت التجارة الثنائية بين المملكة والهند في السنوات الأخيرة حيث قفزت واردات السعودية من الهند إلى أكثر من 19 مليار ريال عام 2009م مقارنة بـ 9.9 مليارات ريال في عام 2006م وحوالى 6.9 مليارات ريال في عام 2005 وعلى الجانب الآخر ارتفعت الصادرات السعودية إلى الهند في عام 2007م إلى أكثر من 64.1 مليار ريال مقابل 48.5 مليار ريال في العام 2006 و 40.2 مليار ريال في عام 2005.

وخلال السنوات الماضية حصلت الهند على قروض من الصندوق السعودي للتنمية لتمويل عشرات المشاريع ويعمل في المملكة نحو مليون وستمائة ألف عامل هندي .

وتم التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس الأعمال السعودي الهندي الذي عقدت دورته الأولى في نيودلهي في شهر نوفمبر 2005 .

ويوجد أيضا عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين ومنها مذكرة تفاهم بين المجلس الهندي للبحوث العلمية والصناعية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وقعت في عام 1997م وبرنامج للتعاون التقني بين المجلس الهندي للبحوث العلمية والصناعية والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة تم الاتفاق عليه عام 1993.

وتأسست عام 2005 اللجنة الفنية المشتركة بين وزارة البترول والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية ووزارة البترول والغاز في جمهورية الهند بهدف استطلاع الطرق والسبل الكفيلة بتحقيق التعاون بين الدولتين في مجال الطاقة.