شهد المجتمع السعودي اخيرا ظاهرة اقتحام النساء مهنة الرقية الشرعية التي كانت لسنوات طويلة محتكرة من قبل الرجال. وبين مؤيد ومعارض لفكرة الراقيات الشرعيات، ازدهرت هذه الظاهرة وسط مطالبات بتنظيم عملهن واصدار الترخيص لمن تمارسها.

أمل إسماعيل من مكة: اقتحمت النساء السعوديات مهنة الرقية الشرعية بعد أن كانت حكرا على الرجال لسنوات طويلة. وبدأت النساء بمزاحمة الرجال في الرقية الشرعية رغم عدم تقبل المجتمع لهن. إلا أن تزايد النساء الرقاة بدأ يفرض تساؤلات عديدة حول مغزى هذا الهوس الكبير منهن في اقتحام هذا المجال الذي كان إلى عهد قريب خاصا بالرجال، حيث أن نشاط النساء الراقيات قديما كان ينحصر في البيت أو على نطاق العائلة والجيران، إلا أن الوقت الحالي شهد فورة كبيرة بدأت معها نساء في إعداد مكان أشبه ما يكون بمستوصف صغير، لكنه مخصص للرقية بمواعيد وأرقام وحجوزات ، فضلاً عن تواجد طابور من المساعدات تتنوع مهامهن بتنوع طلب طالبات الرقية.

وبحسب مطالعة quot;إيلافquot; لأحد مقار الرقية الشرعية للنساء لوحظ أن الراقية تعالج كل شيء بتمتمات دينية معينة ولكنها تختلف بحسب حاجة المريضة. وتتنوع في عيادة الراقية الشرعية الحالات المرضية بين نفسية وعضوية، بيد أن المترددات على هذه العيادة متفقات على أن ما أصابهن ليس إلا عين حاسدة أو عمل من السحر.

quot;إيلافquot; توجهت بالسؤال إلى دكتورة الكيمياء هند البيطار التي قالت إن العلاج بالرقية أصبح عمل من لا عمل له وأرضا للتنافس بين النساء والرجال الأمر الذي تعدى الصحيح ودخل بالتخاريف وبعض البدع واستغلال الدين من أجل الحصول على المال. وأضافت أن الصحف اليومية أصبحت تعج بإعلانات تحمل أرقام الرقاة الذين أصبحوا ينافسون الأطباء بقوة، حيث جعلوا من بيتهم مقرا للرقية.

وأكدت البيطار أنه لابد من تنظيم عمل الراقيات الشرعيات اللواتي بدأن ينافسن الرجال، محذرة quot;من الذين يرقون بكلام وطلاسم غير معروفة لا بكلام الله وسنة نبيهquot;.

وبالمثل كان رأي الأخصائية النفسية الدكتورة أفراح إبراهيم التي اعتبرت أن الرقية الشرعية خرجت عن هدفها الحقيقي و أصبحت اليوم متاجرة يتاجر الراقي بها بكلمات الله ويدعي أنه سيشفي من يرقيه، إضافة إلى أن غالبية العاملين بها لا يعلمون بضوابطها ويجهلون منافعها وهم ليسوا أهلا لها. وقالت لـquot;إيلافquot; إن من الأفضل أن يتعود الإنسان على ترقية نفسه بالأذكار التي وردت في السنة النبوية وآيات التحصين من القرآن الكريم.

وتؤكد الناشطة في الأعمال التطوعية في مكة عائشة فلاته في حديثها لـquot;إيلافquot; أن الجميع لديهم معتقد خاطئ وهو أن تلاوة القرآن من القارئ أو القارئة هو أفضل من أن يقروا القرآن على أنفسهم.

وشدد المدرب المعتمد في التنمية البشرية يحيى عطيف على ضرورة الترخيص لمن يعمل بالرقية الشرعية. ورأى أن قرار المنع لغير السعوديين لمزاولة هذه المهنة فيه شيئ من التعسف، مضيفا في تصريحه لـquot;إيلافquot; الى أنه لا يرى أي فرق بين أن تقرأ امرأة أو رجل لأي شخص كان، وقال إن القرآن ليس حكرا للرجل.

ويفضل محمد العديني إمام أحد المساجد أن تذهب النساء إلى الراقيات بدل ذهابهن إلى الرجال كونه يتطلب وجود محرم أثناء قرأة الرجل على المرأة ، مع العلم أن هناك بعض الرجال يقرؤون على النساء دون محرم ، ويلامسونهن وهذا لا يجوز إذ تعتبر خلوة شرعية.

ولا يحدد أغلب الراقيات مبلغا ماليا مقابل القراءة، لكنهن يقبلن بأي شيئ تضعه المريضة، إضافة إلى سعر الدواء اللواتي يصفنه لمريضاتهن ويكون من صنعهن وهكذا يحصلن على المال. فمثلا سعر الكشف حسب ما تضع المريضة يبدأ من 50 ريال فما فوق، إضافة إلى سعر الماء المقروء عليه وزيت الزيتون الذي يدهن به جسم المريضة، ويصل سعره إلى 40 ريال تقريبا.

وكانت هيئة كبار العلماء في السعودية أصدرت قراراً بالمنع المطلق لغير السعوديين من مزاولة العلاج بالرقية والطب الشعبي ، وإبعاد من يتعاطى ذلك منهم ، والمنع البات للسعوديين الذين يثبت تعاطيهم للشعوذة والسحر والكهانة ، واستغلال ضُعف المراجعين لهم من المرضى وحاجتهم للعلاج ، وإحالتهم للمحكمة لتقرير اللازم بحقهم شرعاً ، ومتاعبة أحوال من يُزاولون العلاج بالرقية والطب الشعبي.