أكد وزير الخارجية الاسباني ميغيل موراتينوس أن هناك جهود دولية كبيرة تبذل لإنهاء الخلاف بين المغرب والجزائر.
الرباط: كشف وزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس، أن حكومة بلاده طلبت من السلطات الجزائرية أن تكف عن منح جوازات سفر جماعية للأطفال الصحراويين الذين يسافرون في عطلة الصيف إلى إسبانيا حيث تستضيفهم عائلات إسبانية لدواعي إنسانية في عدد من المناطق، موضحا أن الضوابط الجديدة المعمول بها في وثائق السفر حسب اتفاقية quot;شينغينquot; تشترط أن يكون المسافر، كيفما كان عمره، حاملا لجواز سفر فردي حتى يمكنه الحصول على تأشيرة الدخول إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي المشمولة بالاتفاقية المذكورة.
وعبر موراتينوس، عن هذا المطلب في معرض حديثه يوم الثلاثاء إلى أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الإسباني حيث خصص الاجتماع لتقييم نتائج القمة الأولى بين المغرب والاتحاد الأوروبي المنعقدة في ظل الرئاسة الإسبانية، وخاصة ملف حقوق الإنسان الذي تمت الإشارة إليه في تصريحات رئيس الاتحاد هيرمان رامبوي، الذي تمنى أن يوسع المغرب قاعدة حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس الدبلوماسية الإسبانية، أن بلاده ستكون صارمة بخصوص هذا المبدأ، سواء مع المغرب أو جبهة البوليساريو، المسؤولة عن التجاوزات في مخيماتquot; تندوف quot; جنوب غرب الجزائر، حيث يقيم لاجئون صحراويون، مبرزا أنه ينبغي التعامل بالمثل مع سائر الأطراف، فالأقوياء كما الضعاف يجب أن يتحلوا بالمسؤولية في هذا الصددـ في إشارة واضحة إلى المغرب وجبهة البوليساريو.
وأشاد موراتينوس، بالتطورات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان بالمغرب في المدة الأخيرة، وذكر على الخصوص قرار السلطات المغربية الإفراج يوم 10 فبراير الماضي عن ناشطة صحراوية، لدواعي صحية، كانت معتقلة ضمن المجموعة المؤيدة لجبهة البوليساريو التي سافرت من المغرب إلى مخيمات تندوف، فجرى اعتقال أفرادها السبعة في مطار الدار البيضاء أثناء عودتهم من الجزائر في أكتوبر الماضي، حيث وجهت لهم تهمة التخابر مع العدو، كما اتخذت السلطات المغربية سلوكا مماثلا حيال مجموعة أخرى من مؤيدي البوليساريو، زاروا تندوف، أخيرا ثم عادوا إلى بلادهم دون اعتراض في المطار.
وبرأي وزير خارجية إسبانيا، فإن المغرب انتبه إلىquot;الخطأ quot; المرتكب في التعامل مع ملف الناشطة، أمينتو حيدر، ولذلك قرر التصرف بشكل آخر، يراعي حقوق الإنسان على حد اعتقاد الوزير الإسباني.
وطبقا لما أشارت إليه وسائل الإعلام الإسبانية، فإن مندوبي الحزب الشعبي اليميني واليسار الموحد في لجنة العلاقات الخارجية اتفقا مع موراتينوس في الطرح القائل بعدم استثناء أي طرف من احترام حقوق الإنسان، وهذا تطور هام في موقف الحزبين الإسبانيين وخاصة اليسار الموحد، الذي دأب في الماضي على اتهام المغرب وتبرير سلوك جبهة البوليساريو.
واستعرض موراتينوس، تطورات ملف نزاع الصحراء، موضحا أنه على الرغم من التوتر الناتج عن الأزمة التي فجرها إضراب أمينتو حيدر، عن الطعام، فإنه حدث تقدم يتمثل في أنه للمرة الأولى يقبل طرفا النزاع الاستماع إلى بعضهما البعض، أثناء اللقاء غير الرسمي الأخير الذي أشرف عليه مبعوث الأمين العام إلى الصحراء، كريستوفر روس، في ضواحي نيويورك، حيث عرض الطرفان مقترحاتهما بخصوص مستقبل الصحراء.
وكانت المفاوضات قد تعطلت بينهما منذ عام 2008 بسبب تشبث كل منهما بمقترحاته ؛ فالمغرب يرى أن الحل المناسب للنزاع يكمن في مشروع الحكم الذاتي الموسع للمحافظات الصحراوية بينما تشترط جبهة البوليساريو إجراء استفتاء مفتوح على خيارات في طليعتها الاستقلال والانفصال عن المغرب.
وكشف موراتينوس، أن المندوبين المغاربة والجزائريين، في اجتماعات نيويورك الأخيرة، قبلوا أن يناقشوا ملف العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين التي تأزمت منذ عقود بسبب تداعيات الخلاف حول الصحراء، مسجلا أن الطرفين اتفقا على تبادل الزيارات الثنائية على مستوى الوزراء.
وقل موراتينوس إن بلاده، إضافة إلى فرنسا والولايات المتحدة، تبذل جهودا ومساعي من أجل المصالحة وتطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر لتفتح الحدود البرية المغلقة بينهما منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي. ومن شأن تلك المصالحة المأمولة أن تساهم في إيجاد تسوية لمشكل الصحراء حسب الوزير الإسباني,
واستغرب موراتينوس أن تستمر الحدود بين المغرب والجزائر مغلقة، بينما أعيد فتحها بين روسيا وجورجيا اللتين وقعت بينهما حرب مسلحة. وفي هذا الصدد أعرب عن اعتقاده أن الاجتماع المقبل لمجموعة 5+5 المتوسطية، وضمنها المغرب والجزائر، في تونس منتصف الشهر المقبل سيكون مناسبة لمناقشة موضوع الصحراء.
ومن جهتها، سجلت إيلينا فلنثيانو، مسؤولة العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم، أن جبهة البوليساريو تنزلق في المدة الأخيرة نحو فقدان الثقة في الجميع، وهذا موقف ليس في صالحها تقول المسوؤلة الإسبانية، وقد صارحت به قيادة الجبهة، مشيرة إلى أن بلادها هي التي أبقت على قضية الصحراء quot;حيةquot; من خلال مساندتها لدور الأمم المتحدة سياسيا ولوجيستيكيا، بينما يرى ممثل اليسار الموحد أن إسبانيا لا يمكن أن تكون وسيطا نزيها في النزاع لأن أحد الطرفين أي البوليساريو يتهما بالانحياز للمغرب.