جنيف: رغم مرور قرابة الشهرين على زلزال هايتي المروع والصور المأساوية المنقولة حول معاناة المدنيين والخسائر التي وقعت والنداءات المتكررة لمد يد العون الى هذا البلد المنكوب الا أن الأمم المتحدة ترى في تقييمها الدوري للأوضاع أن ما حصلت عليه هايتي الى اليوم لا يتناسب مع المأساة التي من الواضح حسب تقارير الخبراء أنها في الطريق من سيئ الى أسوأ.
فحسب تصريحات اليزابيث بايرز من مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة فلم تحصل البلاد سوى على 49 في المئة فقط من احتياجاتها لمعالجة آثار الزلزال.
اما بول جارود من منظمة الصحة العالمية فيعترف في تقريره حول الأوضاع في هايتي أن هناك شيئا قد تحقق في القطاع الصحي مثل تطعيم ما يزيد عن 300 الف طفل لكنه في الوقت ذاته يرى أن المطلوب أكثر بكثير.
ولم يتكمن خبراء منظمة الصحة العالمية وشركاؤها من مراقبة نوعية المياه الا في ثلاث نقاط رئيسية فقط كما لا تزال هناك فجوات كبيرة لاسيما في عدد من موظفي الرعاية الصحية و تدريب الموظفين على العمل في اوقات الكوارث في الوقت ذاته فهناك أيضا العديد من المستشفيات لا تزال تعاني أضرارا هيكلية تطال ما يقرب من نصف المرافق الصحية في مختلف أنحاء (بورت أو برنس) وهايتي ككل.
أكثر ما يثير مخاوف خبراء الصحة العالمية هو اقتراب موسم الأمطار و ما تحمله من مخاطر كثيرة بسبب عدم تصريف مياه المطر و تحولها الى مستنقعات لتصبح مرتعا للحشرات والفيروسات في الوقت الذي يسجل فيه خبراء الصحة العالمية زيادة ملحوظة في حالات الملاريا هناك.
و لا شك في أن بقايا الزلزال الواضحة للعيان في كل مكان بهايتي ستترك بصماتها أيضا على البيئة حيث يؤكد اندرو مورتون مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) على قدوم ازمة بيئية حادة الى البلاد قائلا في تقريره quot;لقد كانت هايتي قبل وقوع الزلزال من اكثر الدول المتدهورة بيئيا في نصف الكرة الارضية الغربيquot; واصفا الأوضاع في المدن قبل وقوع الزلزال بأنها quot;صعبة للغاية مع انعدام المرافق الصحية و غياب ادارة النفايات و امكانيات الحصول على الكهرباءquot;.
أما بعد الزلزال فيؤكد الخبير الأممي على أن هناك عدد هائل من المشاكل الجديدة التي ستظهر مثل تناثر ملايين الأطنان من حطام المبانى المتهدمة بما فيها من مواد مختلفة مثل الخشب و البلاستيك والمعادن وبقايا الملابس ما يشكل زيادة كبيرة في حجم النفايات وصعوبة التعامل معها لاختلاف مكوناتها الى جانب هذا يشير الى مشكلة النفايات الطبية التي يتقوع الخبراء انها قد تضاعف ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الزلزال.
وعندما تجتمع مشكلات البيئة والصحة في تحالف درامي مأساوي مثل الذي تشهده هايتي اليوم فما من شك في أن انعكاساتها على الانسان ستكون مباشرة و هو ما دعا المنظمة الدولية للهجرة الى تنظيم برامج مساعدة نفسية و اجتماعية لأبناء هايتي.
ويقول جان فيليب شوزي من المنظمة الدولية للهجرة ان هناك شراكة مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) و منظمة الصحة العالمية ونحو 30 شريكا آخر لتخفيف وطأة تلك التداعيات على السكان حيث وضع هذا التحالف برنامجا سيتواصل مبدئيا لمدة خمسة اشهر من فرق متنقلة يضم كل فريق طبيبا نفسانيا ومرشدا اجتماعيا وموجها تربويا يزورون السكان في مناطق تجماعتهم ويحرصون على الحديث اليهم والتعرف على مشكلاتهم و كيفية التعامل معها.
التعليقات