إستهل كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء جولته الى المنطقة بزيارة الرباط حيث يتوقع أن يجتمع بالملك محمد السادس لبحث السبل الكفيلة لتحريك عجلة المفاوضات حول الصحراء نحو جولة خامسة، تكون مثمرة.

الدار البيضاء: يستقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الذي بدأ الأربعاء، زيارة للرباط، في إطار جولة بالمنطقة.

ومن المنتظر أن يتوجه روس، خلال هذه الجولة، التي ستنتهي يوم 25 آذار (مارس) الجاري، إلى تندوف، والعاصمة الموريتانية نواكشوط، والجزائر العاصمة، بعد المحطة الأولى التي قادته إلى العاصمة الرباط.

ويرى مراقبون أن quot;زيارة النواياquot;، التي يقوم بها روس حاليًا للمنطقة، تهدف إلى تقريب وجهات النظر وتليين المواقف، سعيًا لتحريك عجلة المفاوضات نحو الجولة الخامسة، بعد لقاءين غير رسمين عقدا في الولايات المتحدة الأميركية والنمسا.

وقال تاج الدين الحسيني، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، quot;بعد اللقاءين غير الرسميين ظهر واضحًا أن الإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال زيارة ميدانية يقوم بها كريستوفر روس لكل أطراف النزاع قصد التعرف إلى نواياهم بخصوص الاستعداد لهذه الجولةquot;.

وأضاف تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;يبدوحتّى الآن أن الأجواء، بصفة عامة، لا تشجع على المضي قدمًا نحو هذه المفاوضات، ذلك أن البوليساريو، ومن ورائها الجزائر، تستمر في المواقف نفسها وترفض مناقشة المقترح المغربي الهادف إلى تطبيق الحكم الذاتي في الإقليمquot;، مشيرًا إلى أن quot;الترمومتر الحقيقي لضبط وضعية هذه العلاقات هو نوعية العلاقات القائمة بين المغرب والجزائرquot;.

وعلى هذا المستوى، يشرح الخبير في العلاقات الدولية، quot;ما زلنا نلاحظ أن الحدود البرية ما زلت مغلقة بين المغرب والجزائر، كما أن المؤسسة العسكرية الجزائرية ما زالت متشبثة بمواقفها المسبقة بالنسبة إلى كل القضايا حتى الثنائية بين البلدين. فعلى سبيل المثال انعقد، قبل يومين، مؤتمر حول مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، بدعوة من الجزائر، وحضرته دول مجاورة متعدّدة باستثناء المغرب، الذي على الرغم من تعبيره عن رغبته الصادقة في حضور أشغاله والتعاون مع جميع الأطراف من أجل صيانة الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب في المنطقة، إلا أن الجزائر رفضت حضوره إلى مثل هذا المؤتمر، على أساس أنه جرى بدعوتها وفوق أراضيهاquot;.

مثل هذه المظاهر في العلاقات الثنائية بين البلدين، يؤكد تاج الدين الحسيني، quot;تشكل ترمومترًا حقيقيًا لإثبات ما إذا كانت النوايا الحسنة ستهيمن على الطرف الجزائري وعلى البوليساريو في دخول مفاوضات جيدة أم لاquot;.

وفي اعتقادي، يضيف الخبير المغربي، أن quot;روس حتى لو أنهى جولته في المنطقة بالإعلان عن تحديد تاريخ مقبل للجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية، إلا أنه لا ينتظر أن تأتي بأي شيء جديد في ظل الاوضاع الراهنة، التي تبقى فيها كل من الجزائر والبوليساريو متشبثين بمواقفهماquot;.

تهييء لجولة خامسة وفق أجندة

بدوره، ذكر عبد العزيز قراقي، أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط، أن quot;الغاية من زيارة كريستوفر روس هي تقريب وجهات النظر في ما يتعلق بقضية الصحراء، خاصة أن اللقاء الذي جرى بين المغرب والبوليساريو وباقي الأطرف، أخيرًا، لم يسفر عن أي تقدم، لكون كل طرف متشبثًا بموقفهquot;.

وأشار عبد العزيز قراقي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، الى أن زيارة المبعوث الأممي quot;تأتي في ظل مجموعة من المتغيرات، أبرزها أن الرأي العام ومجموعة من السياسيين في الأمم المتحدة يضغطون على الحكومة الأميركية لكي تتحرك على مستوى مجلس الأمن من أجل اتخاذ قرار في منطقة المغرب العربي، نظرًا لانفتاحها على مجموعة من المتغيرات والرهانات بالنسبة إلى الأمم المتحدة، وبالتالي بات من الضروري أن يجري تفعيل الحل في المنطقة، وهذا الحل يجب أن يكون غير عسكري، بمعنى أن الحل للنزاع من الضروري أن يكون سياسيًّا بامتياز، ويتم قبوله من جميع الأطرافquot;.

على هذا الأساس، يوضح أستاذ العلوم السياسية، فإن كريستوفر روس يزور المنطقة من أجل تقريب وجهات النظر، وتقديم مقترحات كل طرف للآخر بهدف تليين المواقف، وتقديم مقاربة والاتفاق حولها، قبل الذهاب إلى مفاوضات أخرى مباشرةquot;.

ويرى عبد العزيز قراقي أن quot;الحل الذي ربما لا يريد أن يسير فيه روس بشكل مباشر، ولكنه الأكثر اقتناعًا من طرف الجميع، يجب أن يكون سياسيًّاquot;، مبرزًا أن quot;الحل السياسي والعملي المطروح الآن هو مقترح الحكم الذاتي، الذي سبق أن تقدم به المغربquot;.

وخلص الأستاذ الجامعي إلى التأكيد أن quot;زيارة روس، التي انطلقت من المغرب، ترمي لتقريب وجهات النظر بهدف التهييء للقاء مباشرة، لكن وفق أجندة أو موقف ربما قد ينتج عنه شيء ماquot;.

يذكر أن أول اجتماع غير رسمي، خصّص للإعداد للجولة الخامسة من المفاوضات، انعقد في آب/ أغسطس 2009 بالنمسا، تطبيقًا للقرار 1871 لمجلس الأمن وضم، إضافة إلى المغرب، وفودًا عن الجزائر، وموريتانيا وquot;البوليساريوquot;.

ومنذ حزيران (يونيو) 2007، انعقدت أربع جولات من المفاوضات في مانهاست قرب نيويورك، وهو مسلسل انطلق بفضل المبادرة المغربية الخاصة بمنح حكم ذاتي لجهة الصحراء.

ويقترح المغرب خطة واسعة للحكم الذاتي تحت سيادته من أجل وضع حد للنزاع في الصحراء الغربية، في حين تطالب جبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر، باستفتاء حول تقرير المصير يكون الاستقلال أحد خياراته.