بحث محمد السادس العاهل المغربي مع نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي، الذي يزور المغرب، قضية الصحراء المغربية ورسما صورة لمستقبل نزاع الصحراء ، في ظل أجواء التوتر التي خلقتها قضية الناشطة الصحراوية، أمينتو حيدر. ويتزامن وجود ساركوزي وعقيلته كارلا بروني في مراكش مع وجود لفيف من الشخصيات الفرنسية الفنية والسياسية قصدت المدن المغربية بمناسبة عطلة رأس السنة من بينهم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وعقيلته برناديت.

Princess Lalla Salma (L-R), wife of King Mohamed VI of Morocco, ...

الرباط: احتفى العاهل المغربي الملك محمد السادس بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وعقيلته كارلا بروني وأقام على شرفهما ليلة الأحد الماضي، مأدبة عشاء بالإقامة الملكية بمراكش، وصفتها المصادر الرسمية المغربية بأنها عائلية، في إشارة إلى طابع العلاقة الحميمة التي تربط الرئيس الفرنسي بملك المغرب الذي اصطحب معه في حفل العشاء ، ولي العهد الأمير مولاي الحسن ، وشقيقاه الأمير مولاي رشيد ، والأميرة للا حسناء وعقيلته الأميرة للا سلمى، حيث تعني اللقاءات العائلية في البروتوكول الملكي حفاوة فائقة.

وكان ساركوزي، وصل نهاية الأسبوع الماضي إلى المدينة الحمراء التي تعود أن يزورها قبل وبعد زواجه. ويمكث الزوج الرئاسي بعاصمة المرابطين والموحدين حتى نهاية الشهر الجاري، حيث يعودان في نفس اليوم إلى باريس ، ليقدم ساركوزي تهانيه إلى الفرنسيين ، في خطاب تلفزيوني، يبث ليلة الحادي والثلاثين من كانون الاول- ديسمبر.

وتزامن مقام الرئيس الفرنسي الحالي، مع وجود سلفه، جاك شيراك وعقيلته برناديت، في مدينة quot;تارودانتquot; (جنوب المغرب) التي ألفا أن يقضيا فيها منذ سنوات، عطلة أعياد الميلاد واستقبال السنة الجديدة، حتى صارا وجهين مألوفين لسكان المدينة الذين يظهرون كثيرا من الود والترحاب للرئيس شيراك وعقيلته.

وإلى جانب ساكني قصر quot;الإيليزيquot; الحالي والذي سبقه، يقصد مدينة مراكش بمناسبة عطلة رأس السنة شخصيات فرنسية من عالم المال والفن والثقافة والسياسة، فيهم من يملك إقامة بها أو يحجزون في أفخم فنادقها ، ما حمل السلطات المغربية الى اتخاذ ترتيبات أمنية استثنائية ، أملاها وجود ملك البلاد في مراكش من جهة وتوافد عينات من علية القوم الأجانب الذين يجب ضمان أمنهم وحمايتهم.

Morocco's King Mohamed VI (R) and France's President ...

وتأتي الزيارة الخاصة لساركوزي إلى المغرب، بعد انتهاء فصول الأزمة التي فجرتها الناشطة الصحراوية، أمينتو حيدر، في مطار quot;لانثاروتي quot; بالأرخبيل الكناري حيث اعتصمت وأضربت عن الطعام لمدة تجاوزت الشهر ، احتجاجا على عدم السماح لها بدخول المغرب، كونها رفضت الاعتراف بجنسية البلد الذي ولدت به وتقيم فيه.

وبذلت فرنسا مساع لدى المغرب من أجل وضع حد للأزمة، فقد أشارت مصادر متطابقة إلى أن الرئيس الفرنسي تدخل شخصيا لدى ملك المغرب وأقنعه بحكمة الصفح عن الناشطة والسماح لها بالعودة إلى مدينة quot;العيونquot; حاضرة الصحراء ، حتى لا تتحول إلى بطلة أو شهيدة.

وقبل المغرب التراجع عن موقفه، بعد أن أكدت فرنسا وإسبانيا حق المغرب في تطبيق قوانينه وتشريعاته على المحافظات الصحراوية التي تنازعه فيها جبهة البوليساريو الداعية لانفصال الصحراء التي استعادها المغرب من إسبانيا عام 1975.

وبينما التزمت باريس، بموقفها المعلن في بيان كما فعلت مدريد ، إلا أن هذه الأخيرة اتخذت موقفا مناقضا اعتبر بمثابة تراجع ، إذ ذكرت في تصريحات أن البيان الذي أصدرته ليلة عودة الناشطة الصحراوية ، لا يتضمن الاعتراف بسيادة المغرب المطلقة على المحافظات الصحراوية ، وإنما هو يمارس تلك المهمة بصفة مؤقتة بتفويض من الأمم المتحدة ، ريثما يتم التوصل إلى حل لنزاع الصحراء.

وتجنب المغرب الدخول في نقاش قانوني مع مدريد وتفهم الضغوط التي مورست على الحكومة الاشتراكية من طرف المعارضة ووسائل الإعلام والجمعيات المساندة لجبهة البوليساريو ، التي كالت الاتهام لرئيس الوزراء وتحديدا لرئيس الدبلوماسية الإسبانية ميغل أنخيل موراتينوس الذي وجد ذلك المخرج من الأزمة التي وضع فيها.

ومن هذه الزاوية ، يمكن القول إن زيارة ساركوزي إلى المغرب ، محملة بكثير من الدلالات السياسية ، فهي تعبير عن العلاقات التاريخية القائمة بين البلدين، وبالتالي فلا شك أن قائدي البلدين تطرقا إلى قضية الناشطة الصحراوية وما أثارته من ردود فعل إعلامية وسياسية متباينة اختلط فيها الحق بالباطل كما يقال. ومن المتوقع أن يكون ساركوزي ومحمد السادس، قد رسما صورة لمستقبل نزاع الصحراء ، في ظل أجواء التوتر التي خلقتها قضية حيدر ، وتباعد المسافات بين المغرب والجزائر اللذين يمسكان بمفتاح حل الأزمة ، وفقا لقناعة منتشرة بين عدد من العواصم الغربية المؤثرة في العلاقات الدولية.

يذكر أن مبعوث الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة إلى الصحراء الدبلوماسي الأميركي، كريستوفر روس ، باشر اتصالاته في المدة الأخيرة ، بالأطراف المعنية بمشكل الصحراء في أفق استئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو ، لإيجاد تسوية سليمة متفاوض عليها لنزاع مضت عليه ثلاثة عقود ونصف ، حتى يتمكن ، روس، من رفع تقرير إلى مجلس الأمن قبل انعقاده في نيسان- إبريل المقبل ، حيث اعتاد أن يبحث موضوع الصحراء ويجدد مهمة بعثة quot;المينورسوquot; الأممية المشرفة على وقف إطلاق النار بالصحراء منذ عام 1991.