السفير البريطاني لدى الكويت مايكل آرون

أجرت إيلاف تحقيقًا أظهرت فيه سوء استعمال الحصانة الديبلوماسية، التي يتمتع بها السلك الديبلوماسي في بعض الأحيان، مظهرة مدى تضرر البلد المضيف والإجراءات التي يمكن اتخاذها بحق المسيء.

الكويت: يعتبر كل فرد عادي ممثلاً لبلده ولوطنه لدى سفره لأي دولة في الخارج سواء للعمل أو السياحة أو العلاج أو لأغراض تجارية فهو سفير وواجهة لبلده، ويعكس سلوكيات وثقافة وقيم المجتمع الذي نشأ فيه ونبع منه وهذا على صعيد الفرد العادي. لكن فما بالك إذا كان الفرد من فئة الـ quot;V.I.Pquot; ويحمل صفة ديبلوماسي ويتمتع بالحصانة الديبلوماسية أيًّا كان منصبه الديبلوماسي سواء أكان سفيرًا أو وزيرًا مفوضًا أو قنصلاً أو سكرتيرًا أولاً أو ثانيًا أوثالثًا، ويمثل بلده في الخارج، ومن البديهي أن يتحمل مسؤولياته تجاه وطنه وعمله المخول إليه.

لكن ما نشاهده ونسمعه ونقرأه في الصحف والمواقع الإخبارية عن حوادث ومخالفات مرورية لديبلوماسيين، وغسيل أموال، وتحرشات وعلاقات جنسية غير مشروعة وأحيانا جرائم قتل، ناهيك عن تدخلات بعض سفراء الدول الكبرى في الشؤون الداخلية في البلاد التي يمثلون بلادهم فيها، وهذه الممارسات يقوم بها أفراد يحملون الصفة الديبلوماسية ويتدثرون بغطاء الحصانة الديبلوماسية المنصوص عليها في إتفاقية فيينا عام 1961 حتى لا تتم ملاحقته قضائيًّا من قبل الدولة المضيفة التي يمثل بلده فيها.

ومع مطلع الشهر الجارى كشفت صحيفة quot;ميل أون صندايquot; البريطانية عن أن سفير بريطانيا في الكويت مايكل أرون أقام علاقة غير شرعية مع موظفة بسفارة بلده على الرغم من زواجها من بريطاني ويعمل في مجال المال والأعمال بالكويت، وقد أثمرت العلاقة عن حمل غير شرعي إضطر على أثرها السفير البريطاني إلى تقديم إستقالته من منصبه قبل مرور عام على تسلمه المنصب، بسبب قضية أخلاقية إعتبرتها وزارة الخارجية البريطانية أنها لا تتناسب مع طبيعة المنصب والمهام التي يقوم بها رئيس السلك الدبلوماسي في دولة خارجية.

لاذ بالفرار برفقة عشيقته المتزوّجة خوفًا من الجَلد
سفير إنكلترا بالكويت متورّط في علاقة مشبوهة

وعلى صعيد منفصل تواجه الحكومة البحرينية ضغوطا من قبل جمعيات ونوابا في البرلمان وخطباء في المساجد يطالبونها بطرد السفير البريطاني في البحرين quot;جيمي بوردنquot; وذلك بعد بقائه بجمعية الوفاق الإسلامية الشيعية المعارضة، وذلك بعد تكرار محاولات التدخل في الشؤون الداخلية البحرينية ولمخالفته القانون الدولي والأعراف الديبلوماسية الأمر الذي إعتبر مستنكرًا ومرفوضًا ويتعارض مع القوانين والاعراف الدولية ولا سيما الامم المتحدة.

ولم يفت المنظمة الدولية quot;الأمم المتحدةquot; أن يكون لها نصيب في مخالفات وقضايا الديبلوماسيين المعتمدين لها حيث تسجل نسبة عالية من مخالفات مرورية بمبالغ طائلة، وتحرشات بموظفات بالأمم المتحدة وغيرها، وقد رفضت محكمة في نيويورك دعوى قضائية أقامتها موظفة في الأمم المتحدة تقول إنها تعرضت لتحرش جنسي، وقد أدت إدعاءاتها إلى إستقالة مسؤول كبير بالمنظمة الدولية، وكانت quot;سينيتا برزاكquot; وهي مواطنة أميركية وموظفة بالامم المتحدة قد إتهمت مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ndash;آنذاك- رود لويرز وكان يشغل منصب رئيس وزراء هولندا سابقًا بملامستها العام 2003 بطريقة غير لائقة أثناء إجتماع في جنيف.

وفي التحقيق التالي تسلط quot;إيلافquot; الضوء على قضية سوء إستغلال إمتياز الحصانة الديبلوماسية من بعض الديبلوماسيين على مستوى العالم سواء من العالم النامي quot;الثالثquot; أو المتمدن الذي تتساوى فيه سلوكيات الجنس البشري أمام الجشع المادي.

التشهير

وفي البداية يقول السفير الدكتور عبدالله يعقوب بشارة، أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي ومندوب الكويت لدى الامم المتحدة بنيويورك سابقا: لقد عايشت هذه القضية أثناء عملي كمندوب للكويت بالأمم المتحدة بنيويورك، وكانت المنظمة الدولية تعاني من إساءات كثيرة من قبل الديبلوماسيين بإتجاه الحصانة الديبلوماسية، وليست الإساءة أن يقف بسيارته في غير المكان المخصص له، فهذهليست القضية، بل كانت الامم المتحدة تعاني من الذين لا يدفعون إيجارات السكن ويقترضون من البنوك الاميركية ولايسددون فضلا عن شرائهم بضائع من المحلات ولايسددونها أيضا، وحتى البطاقات الإئتمانية كانوا لا يسددون المستحق عليهم فيها، وكانوا يعالجون مثل هذه الأمور في مدينة نيويورك بفضح هؤلاء الديبلوماسيين الذين يسيئون سواء من السفراء والقناصل ونوابهم ومساعديهم من البعثات، ووصلت الأمم المتحدة إلى قناعات أن هؤلاء الديبلوماسيين لا يؤجرون شققًا كما لا يمنحون تسهيلات من البنوك أوبطاقات إئتمانية، وكان الوضع سيئًا للغاية لذا من هنا جاء تشهير مدينة نيويورك بهؤلاء من خلال الصحافة المحلية وبإعلانات الأمم المتحدة وتضيق عليهم بمكاتب المحامين، وبعد هذه الإجراءات إنخفضت هذه الظاهرة، وأصبحت هناك إجراءات جديدة فأصحاب العمارات لا يؤجرون شققًا سكنية إلا بدفع تأمين ولم يعد هناك الآن ديبلوماسي يؤجر بصفة شخصية، بل أصبح هناك عن طريق المحامين وتوثيق قانوني وإنتبهوا إلى هذه الأشياء.

وأضاف أن إساءات الديبلوماسيين إلى الحصانة تأتي من تهريب البضائع من خلال الحقيبة الديبلوماسية أو أنه يضع في بملابسه أحد الأشياء من الممنوعات والمحظورات، وإنما بالتكنولوجيا ووسائل الكشف الواسعة بما فيها إستخدام الكلاب البوليسية المدربة على إكتشاف المخدرات والمفرقعات وبما فيها من أعمال أخرى من شأنها عملت على تخفيف هذه الإساءات للحصانة في نيويورك. وهذا بالنسبة إلى نيويورك أما في بلدان أخرى فالإساءة مستمرة على مستوى العالم، والإساءة ليست لأمور صغيرة وإنما هناك إساءات كبيرة إلى الحصانة لتحقيق مكاسب شخصية مثل غسيل الأموال، وهناك من يتاجر بالسيارات حيث مسموح الديبلوماسي إدخال سيارة كل عام أوكل عامين ولا يسدد عنها جمارك، والإساءة إلى الحصانة الديبلوماسية موجودة بالفعل وإنما علاجها يتمثل في فضح الديبلوماسيين من خلال الصحافة والتشهير بهم وبالتكنولوجيا وبالمتابعة، وبإبداء الدولة المضيفة للدبلوماسي المسيء بعدم الرغبة فيه وإخطار بلده بذلك.

مسؤولية كبيرة

ومن جانبها، رأت الدكتورة هيلة المكيمي أستاذة العلوم السياسية بجامعة الكويت، أن هناك الكثير من الإساءة في إستخدام الحصانة الديبلوماسية خصوصا تجاوز القانون في الإشارات المرورية وهذه أبسط الأمور وإنتهاء بحوادث كبيرة إلا أن الديبلوماسي ينجح بغطاء الحصانة وهذا شيء سيئ، ولكن يجب أن يكون الديبلوماسي مسؤولاً فالمسؤولية الملقاة على عاتقه في تمثيل بلده ووطنه مهمة وليست سهلة بل لابد أن يكون هناك تمثيلاً حقيقيا مستحقاً، وعبر إحترام القوانين الداخلية للدولة حتى في حالة وجود هذه الحصانة.

وتابعت quot;وفي حالة وقوع مشكلة أومخالفة من الديبلوماسي ولا تملك الدولة المضيفة حقّ ملاحقته قضائيا فتقوم بإخطار بلده الذي ينتمي إليه أويمثله من خلال وزارة الخارجية لإتخاذ الإجراء المناسب معه ومن أجل محاسبته، ولكن تظل قضية الإساءة للحصانة الديبلوماسية موجودة وستستمر وهي قضايا شبه دائمة.

شائعة جدًّا

ومن جهته بيّن باسم اللوغاني، المستشار الإعلامي للكويت في سفاراتها في واشنطن ونيودلهي ولندن على التوالي: أن الإساءة إلى الحصانة الديبلوماسية أعمال شائعة جدًّا وإستغلال الديبلوماسيين لها يتم عن طريق وسائل تجارية وأخلاقية والنسبة الغالبة من دبلوماسيي الدول النامية هم الذين يرتكبون مثل هذه المخالفات، فمنهم من كان يعمل في التجارة وإستيراد بضائع بأسماء آخرين.
وتابع: وأقصى عقوبة للديبلوماسي هو إخطار بلده بأنه شخص غير مرغوب فيه ويتم إستبعاده من الدولة المضيفة لسفارة بلده، لأنه لا يمكن ملاحقته قضائيًّا لتمتعه بالحصانة الديبلوماسية وفقًا للإتفاقيات الدولية، كما لا يجوز إسقاط الحصانة عن الديبلوماسي لأنه محمي بقوة القانون الدولي، بل يتم إخطار وزارة الخارجية في بلده لإتخاذ اللازم نحوه.

الدول المتضررة

وأشار اللوغاني إلى أن هناك حوادث كثيرة من ديبلوماسيين وقعت بالهند سمع بها أثناء عمله هناك فمنهم من كان يشتغل بالتجارة ويستورد من خارج الهند ويبيعها هناك أو يشترون بأسماء ديبلوماسيين، فضلاً عن أن سفير لدولة عربية بالهند قام بإغتصاب فتاة وتسبب في إحراج لبلده وتم إستدعاؤه من جانب وزارة خارجية بلده للتحقيق اوإستبعاده من هذه الدولة حرصًا على العلاقات الديبلوماسية بين بلده والهند وهناك أمثلة كثيرة وعديدة من الإساءات للحصانة الدبلوماسية من جانب الديبلوماسيين على مستوى العالم، ومضيفًا أن الدول المتضررة من هذه الإساءات للحصانة الديبلوماسية هي الدول المستضيفة للديبلوماسيين وعليها أن تطالب بحقوقها وأن تحرص على ذلك.