إختلفت الآراء في العراق حول من يتحمّل مسؤولية التفجيرات الأخيرة التي هزت البلاد، فمنهم من حملوا الأجهزة الأمنية المسؤولية، في وقت إعتبر بعضهم أنّ دول الجوار تقف وراءها. ومهما تعدّدت وجهات النظر إلا أنّالنتيجة كانت واحدة وتمثلث بمقتل نحو 80 بريئًا.

بغداد: وسط أجواء امنية صاخبة بالتفجيرات والشوارع الملتهبة، عبّر عراقيون عن سخطهم الشديد ازاء الاوضاع الامنية المتردية حيث التفجيرات الدامية لا تتوقف. وارجع بعضهم اسبابها الى تأخر تشكيل الحكومة وغياب دورها وخاصة من قبل الاجهزة الامنية المكلفة بحفظ الامن ومسؤوليها، واعابوا على الوزراء الامنيين انشغالهم بالترشح للانتخابات ونتائجها وانصراف المسؤولين الاخرين الى البحث عن كيفية الاستحواذ على المناصب مما ولد فراغًا امنيًّا نفذ الارهاب عملياته القاتلة والمدمرة التي حصدت خلال 3 ايام ارواح نحو 80 شخصًا واصابة اكثر من 300 اخرين.

كما ارجع عراقيون آخرون التفجيرات الى التناحرات بين التيارات والاحزاب والكتل السياسية، الأمر الذي انعكس سلبًا على أمن الشارع العراقي وكان ضحيته المواطن. في حين رأى بعضهم أنّ دول الجوار الاقليمية والعربية تقف وراء ما يحدث في العراق بغية دفع الكرة الاميركية عن ملعبهم.

ايلاف استطلعت اراء عراقيين كانوا على تماس مع المناطق التي وقعت فيها الانفجارات واثارها المدمرة... حيث قال المواطن سعد فيصل جيد 48سنة صاحب مكتبة في الصالحية ان تردي الاوضاع الامنية في بغداد حصل نتيجة انشغال المسؤولين الامنين في وزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني بالانتخابات والترشيح والفوز والخسارة وتركوا عملية متابعة الملفات الامنية بيد من لا يمتلكون اي معلومة عن العسكرية والامن.

واضاف سعد ان اغلبية من دخل الى الجيش الان هم من المحسوبين على الحزب او التيار الفلاني او ما يسمى بالدمج حيث تعطى الرتبة على اساس العمر لذلك يلاحظ ان رتبهم لاتناسب اعمارهم ولم يدخلوا اي كلية عسكرية او شرطوية ولم يتعرفوا على السياقات العسكرية.

أما المواطنة ام حسين 55 سنة فترى ان وراء هذه التفجيرات من خسروا المعركة الانتخابية فعكسوها في الشارع، فكان المتضرّر الاكبر هو المواطن.

من جانبه، قال حيدر حسين 33 سنة وهو موظف في المصرف العقاري اصابته بعض الاضرار لقربه من احد الانفجارات، فقد قال إن هذه الانفجارات المتتالية خلال هذه الايام هي قاتلة واستهدفت الشعب وليس الحكومة وخاصة في منطقة الصالحية حيث اكد ان الحواجز الكونكريتية التي تحيط مجلس محافظة بغداد زادت في الازدحام وساهمت في قتل الكثير من الابرياء من المارة وجعلت منها منطقة خضراء اخرى.

وقال رجل المرور كاظم حميد 28سنة إن عدم التنسيق بين رجال الامن من كل الصنوف في المرور والشرطة والجيش قد ولد هذه الثغرات الى جانب غياب التنسيق بين الاجهزة الامنية وغياب الجهد الاستخباري مع العلم ان الكل موجود في الشارع والكل يتشارك المسؤولية.

لكن رجل أمن رفض ذكر اسمه قال ليس هناك اي تقصير من الجهات الامنية ومن الممكن ان يكون هناك خرق امني والمسألة طبيعية .

المواطن من البصرة محمد منصور52سنة قال انه اتى الى بغداد ليروج معاملة له في احدى دوائر الدولة ولكن بات متعجبا من الوضع الامني المتردي في العاصمة خلافًا للبصرة، مضيفًا ان الانفجارات لا تشكل له مصدر قلق لأن العراق بلده . ولا يتوقع محمد منصور ان تكون الانفجارت من فعل الاحزاب او التيارات او نتيجة خلل في الحكومة وانما هي من تدبير الدول المجاورة كإيران وسورية وغيرها.وأشار الى ان الكثير من المبالغ قد رصدت لتجعل العراق بهذه الحالة بحيث لا يستقر له وضع.

وحمل هاشم مهدي حزب البعث مسؤولية هذه التفجيرات منبها إلى أن البعث يعمد كل عام وقبل حلول ذكرى تأسيسه في 7 نيسان بموجة تفجيرات ارهابية وربط مهدي بين هذه التفجيرات ومذكرة اعتقال رغد صدام حسين من قبل الانتربول الدولي.

يدوره راى محمود جاسم 28سنة صاحب مطعم انه بات لايخشى الانفجارات لانها اصبحت من الاشياء المتوقعة في كل لحظة. وقال ان الذي يدفعه الى الخروج هو طلب الرزق له ولاولاده بعد ما عجز ان يحصل على وظيفة في احدى دوائر الدولة . واشار الى ان الانفجارت سببها عدم الشعور بالمسؤولية من قبل الجهات الحكومية والامنية، موضحًا انه ليس هناك اي معدات امنية قادرة على كشف المتفجرات حيث ان اغلبيتها منتهية الصلاحية وهناك الكثير من الاختراقات الامنية داخل الجيش والشرطة.

المواطن ادريس عبد الغفور، قال ان تأخّر تشكيل الحكومة وانشغال المسؤولين في فترة الانتخابات ولد فراغًا امنيًّا كبيرًا. وتساءل قائلاً: كيف يكون هناك خلل اذا لم يكن هناك تقصير، حيث أن معظم المسؤولين باتوا لا يشعرون بالمسؤولية لتوقعهم المسبق بأنهم لن يستمروا بمناصبهم لذلك باتوا لا يهتمون بقضية الامن ويتنصلون من مسؤوليته .

المواطن حسين جواد عباس 46سنة يؤكد ايضًا ان عددًا كبيرًا من رجال الامن لايملكون اي مؤهلات لأنهم حصلوا على وظائفهم ورتبهم العسكرية مقابل دفع اموال وهم لايفقهون في العلم العسكري شيئًا، اضافة الى ان بعضهم لايقوم بتشغيل اجهزة الكشف خوفا من ان يتم كشف السيارة المخخة ويتم تفجيرها عليهم لذلك يعمدون الى اطفاء الجهاز الكاشف حيث تمر السيارة المفخخة من بينهم ومن دون كشفها فيتم تفجيرها بسهولة في الاماكن المزدحمة.

من جهته ينفي عبد الكريم ذرب رئيس اللجنة الامنية في محافظة بغداد في حديث مع quot;ايلافquot; وجود تناحر بين الكتل السياسية ويقول ان هناك عملية تفاهم تجري بين الاحزاب لاختيار الافضل ويشير الى ان وراء التفجيرات التكفيرين مضيفًا انه كانت هناك بعض الاجهزة الكاشفة الفاسدة والتي مرت عبر قنوات الفساد الاداري وتم ضبطها.

ويؤكد الذرب بأن الكثير من الرتب العسكرية قد اعطيت لناس مؤهلين وتم ادخالهم بدورات تاهيلية وهم ناس مناضلين ضد حكم نظام صدام حسين ولهم خبرة سياسية طويلة.

يذكر أن موجة تفجيرات عصفت بالعاصمة العراقية بغداد خلال ثلاثة أيام استهدفت الاولى مقار دبلوماسية يوم الأحد الماضي واعقبتها الثلاثاء موجة استهدفت مناطق سكنية متفرقة من العاصمة وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى إضافة الى خسائر مادية كبيرة.