خففت جبهة البوليساريو من تصلّب موقفها وأعلنت قبولها مراقبين لحقوق الإنسان في المخيمات التابعة لها، وذلك قبيل صدور قرار مجلس الأمن الدولي بخصوص نزاع الصحراء نهاية الشهر الجاري.

الرباط: مع اقتراب موعد صدور قرار جديد لمجلس الأمن الدولي، بخصوص نزاع الصحراء، نهاية الشهر الجاري، تبذل جبهة البوليساريو جهودا سياسية وإعلامية بغية التأثير على المجلس وخصوصاً القوى النافذة فيه، للاستجابة لمطلب الجبهة القاضي بتوسيع الصلاحيات المخولة لبعثة quot;المينورسوquot; المشرفة على تطبيق وقف إطلاق النار منذ عام 1991 بين المغرب وجبهة البوليساريو، لكي تشمل المراقبة التأكد من احترام حقوق الإنسان في المحافظات الصحراوية التي تشكل أكثر من ثلثي الصحراء المتنازع عليها، وكلها خاضعة للسيادة المغربية.

وجعلت جبهة البوليساريو من هذا المطلب أساس تحركاتها واتصالاتها في الخارج، بتنسيق مع المنظمات المتعاطفة مع أطروحتها وخاصة في إسبانيا، لكنها فشلت على ما يبدو في إقناع الاتحاد الأوروبي بمطلبها، أثناء القمة الأولى بينه بين المغرب، في غرناطة يوم 7 من الشهر الماضي، حيث اكتفى رئيس الاتحاد، المؤلف من 27 دولة، بتذكير الجانبين بضرورة التقيد بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان.

وفي السياق نفسه، كان رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي، الذي رأس وفد بلاده لدى قمة غرناطة، واضحا وصريحا حينما صرح في مؤتمر صحافي بالمدينة الأندلسية، بما مفاده أن النظرة لموضوع حقوق الإنسان يجب أن تتسم بالشمول وعدم الكيل بمكيالين، في إشارة واضحة إلى ما يصفه المغرب quot;معاناة الصحراويينquot; المحتجزين في المعسكرات التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو (جنوب غرب الجزائر) حيث تمنعهم الجبهة من مغادرة المخيمات إلا بإذن خاص من الاستخبارات العسكرية. ويعتقد المغرب أنه لو تركت الحرية للقاطنين بالمخيمات لغادرها العديد منهم.

وأمام الموقف المغربي الرافض، مراجعة الصلاحيات المخولة لبعثة quot;المينورسوquot; كون ذلك يقتضي تفاوضا جديدا وعودة إلى نقطة الصفر، أي إلى ما قبل وقف إطلاق النار، أعلنت جبهة البوليساريو في بروكسل، وبشكل مفاجئ، على لسان أحد قياديها، محمد خداد، المكلف ملف المفاوضات مع quot;المينورسوquot; أنها على استعداد لقبول مراقبين من quot;المينورسوquot; للسهر على معاينة وضع حقوق الإنسان في المخيمات التابعة لها.

وهذا تطور في حد ذاته، إذ كانت الجبهة تروج أن المحافظات الصحراوية في الجنوب المغربي، هي التي تعيش حالة حصار، بينما ينعم من في المخيمات التابعة لها بالحرية المطلقة، وهو ما تناقضه محاولات الفرار التي تقوم بها عائلات صحراوية للالتحاق بالمغرب، عن طريق موريتانيا .

ويعتقد خداد أن الاحتكام إلى مراقبين دوليين لحقوق الإنسان على جانبي الصحراء، يمكن من وجهة نظره، أن يساهم في خلق أجواء الثقة بين الطرفين، متمنيا أن يقبل المغرب ما أصبحت جبهة البوليساريو مستعدة لقبوله.

ويلاحظ أن جبهة البوليساريو، على لسان أكثر من مسؤول فيها، مستمرة في توجيه النقد لفرنسا وإسبانيا، إذ تتهم الأولى وهي عضو دائم في مجلس الأمن، بالوقوف إلى جانب المغرب، مثلما وتأخذ على إسبانيا التنصل من مسؤولياتها التاريخية كدولة مستعمرة للصحراء. ويتم التعبير عن ذلك النقد بعبارات أقل ما يقال عنها في كثير من الأحيان، أن المجاملات الدبلوماسية غائبة عنها.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن، وكما جرت العادة، سيستمع في نهاية الشهر الجاري، إلى تقرير الأمين العام، بان كي مون، بشأن تطور ملف الصحراء، بناء على الخلاصات التي توصل إليها ممثله الخاص في الصحراء، الدبلوماسي الأميركي، كريستوفر روس الذي قام الشهر الماضي، بجولة ثالثة، منذ تعيينه، لدى الأطراف المعنية بنزاع الصحراء، دون أن يحقق النتائج التي توخاها، ما يسود معه الاعتقاد أن مجلس الأمن، ربما سيطلب من طرفي النزاع وبشكل أقوى من الماضي، تليين مواقفهما لإخراج الملف من حالة الجمود الذي طال أكثر مما ينبغي.