أكد محمد عبد العزيز، أمين عام جبهة البوليساريو، أن الصحراء المتنازع عليها بين المغرب والجبهة منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، لم تكن ولن تكون أبدا مغربية، وبالتالي فهي ليست معنية بما تضمنه خطاب العاهل المغربي ليلة الأحد الماضي في مدينة مراكش، إذ أشرف على تنصيب أعضاء اللجنة الاستشارية (22 عضوا) التي كلفها صياغة تصور خلاّق لنظام الجهوية الموسعة (اللامركزية) التي يعتزم المغرب تطبيقها على سائر المناطق، بما فيها المحافظات الصحراوية الجنوبية التي استردها من إسبانيا بكيفية سلمية عام 1975 إثر تنظيم quot;المسيرة الخضراءquot;.
الرباط: وصف المسؤول الصحراوي، في خطاب لم يخل من مفردات الحماسة، ألقاه أخيرا في مخيمات quot;تندوف (جنوب غرب الجزائر) بمناسبة الزيارة التي قام بها وفد من الجمعية الوطنية الجزائرية (البرلمان) بقيادة رئيسها، عبد العزيز زياري، الذي وصف ما أقدم عليه ملك المغرب بخصوص إعلان quot;الجهويةquot; بأنه quot;هروب إلى الأمامquot; وعرقلة لجهود الأمم المتحدة، التي قال عبد العزيز إنها تعمل من أجل إنهاء الاستعمار في الصحراء بواسطة تنظيم استفتاء تقرير المصير.
وخلافا لما تشير إليه مصادر وقرائن تاريخية، بوجود صلات وعلاقات في الماضي بين الصحراء والمغرب، الا أنها لم تكن أرضا خالية، كما روجت إسبانيا، إلا أن تلك القرائن اعتمدتها محكمة العدل الدولية في quot;لاهايquot;، التي نظرت في ملف النزاع وانتهت إلى وجود روابط quot;البيعةquot; بين سلاطين المغرب وسكان الصحراء. ونفى عبد العزيز نفيا قاطعا أن تكون المحافظات الصحراوية، الخاضعة حاليا لسلطة المغرب، كانت مغربية في يوم من الأيام، وأكد مجددا أنها قضية لتصفية الاستعمار معروضة على أنظار الأمم المتحدة.
وناشد عبد العزيز، الدول الأجنبية أن تمتنع عن إبرام أي اتفاق كيفما كانت طبيعته مع المغرب، اذا كان يشمل المحافظات الصحراوية، في إشارة إلى عقود التنقيب عن الثروات الطبيعية أو الصيد البحري في الأراضي الصحراوية.
وفيما يشبه تحريض للإتحاد الأوروبي ضد الرباط، طالب زعيم البوليساريو أن تتراجع بروكسل عن القرار الذي منح بموجبه المغرب صفة quot;الوضع المتقدمquot; في علاقات الشراكة التي تربطه بالاتحاد الأوروبي، اذ يستعد الجانبان لعقد أول قمة بينهما، في ظل الرئاسة الإسبانية للاتحاد، بمدينة غرناطة الإسبانية في فصل الربيع المقبل.
ويأتي تصريح عبد العزيز في تندوف، بحضور رئيس المؤسسة التشريعية الجزائرية، استمرارا لما أعرب عنه قياديون آخرون في جبهة البوليساريو، إثر خطاب العاهل المغربي بشأن نظام اللامركزية، كما يدل بوضوح على عمق الخلاف بين الرباط والجزائر بخصوص نزاع الصحراء.
في سياق آخر، طلب القاضي الإسباني المكلف بحث ملفات الإرهاب، بالتسار غارثون، من السلطات الجزائرية، السماح له بالتوجه إلى تندوف على رأس لجنة قضائية، للإستماع إلى تصريحات مجموعة من الصحراويين، ادعوا أنهم تعرضوا للتعذيب على يد عناصر من الأمن المغربي خلال عقدي السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي، اي ما بين 1976 و1986.
وكان، غارثون، فتح ملفا قضائيا للتحقق من تلك المزاعم التي طالت آثارها 32 صحراويا على يد 13 مسؤول أمني مغربي من درجات مختلفة، ما زال أغلبهم يتقلدون مسؤوليات في أجهزة الدولة المغربية.
وكان القاضي، غارثون، تقدم في وقت سابق بطلب مماثل إلى السلطات الجزائرية بشأن إكمال مهمته بعد ما تعذر نقل quot;الضحاياquot; المعذبين إلى إسبانيا، لكن الأخيرة طلبت منه أن يخاطب مباشرة، ما تسميه بـquot;سلطات الجمهورية الصحراويةquot; التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد، ولا تعترف بها عدد من الدول، من بينها إسبانيا، ولا يربطها بمدريد أي تمثيل دبلوماسي باستثناء وجود ممثل للبوليساريو في العاصمة الإسبانية، على اعتبار أن الجبهة حركة quot;تحريرquot;.
ويأتي إحياء القاضي الإسبان لهذا الملف في ظروف خاصة، علما أن المغرب، سخر في حينه من تلك الاتهامات التي حركتها جمعيات إسبانية مساندة لجبهة البوليساريو عام 2006. وتضمنت قائمة المتهمين أسماء مسؤولين أمنيين مغاربة، كان بعضهم صغير السن خلال الفترة التي تدّعي الجمعيات الإسبانية، أن التعذيب وقع خلالها.
وعلى إثر احتجاج المغرب على ما اعتبره إساءة إلى سمعته، تم السكوت على الملف، إلى أن عاد الحديث عنه في هذه الأيام بمجرد إقفال ملف الناشطة الصحراوية، أمينة حيدر،التي عادت إلى مدينة العيون، بعد إضراب عن الطعام في مطار quot;لانثاروتيquot; بإسبانيا دام أكثر من شهر وشككت فيه هيئات حقوقية.
التعليقات