إتهام الجنوب بقتل تسعة من الحزب الحاكم السوداني

لا يتوقع النازحون في منطقة دارفور أن تتمكن الانتخابات من إنهاء حالة الحرمان والنزاع التي تسود السودان.

الخرطوم:في معسكر زمزم للنازحين بمنطقة دارفور في السودان يعاني النازحون من قلة التفاؤل بأن الانتخابات العامة ستضع نهاية لسنوات الصراع والحرمان تماما مثل النقص الشديد الذي يعانونه في الماء والطعام وكل شيء.

وتبدو الانتخابات التي تجري في أنحاء السودان هذا الاسبوع فكرة غريبة في زمزم وهي مدينة عشوائية مؤقتة مترامية الاطراف مكتظة بالماشية الهزيلة وأطفال يكسوهم التراب وهم من بين 2.5 مليون شخص اضطروا للنزوح عن ديارهم منذ عام 2003 بسبب القتال بين المتمردين وميليشيات مدعومة من الدولة.

وعلى الرغم من أن الانتخابات شابتها مزاعم بالتزوير وشهدت مشاكل في التصويت على نطاق واسع فان هناك أملا بأن تحافظ أول انتخابات تنافسية يجريها السودان منذ 24 عاما على أقل القليل من الاستقرار فيما تتجه البلاد نحو اجراء استفتاء عام 2011 يمكن أن يؤدي الى استقلال جنوب البلاد الذي يغلب عليه المسيحيون والوثنيون عن الشمال الذي يغلب على سكانه المسلمون.

غير أنه من غير المرجح أن تنهي الانتخابات الصراع في دارفور حيث تقول الامم المتحدة ان 300 الف شخص قتلوا منذ عام 2003 في صراع وصفته واشنطن بالابادة الجماعية. وتقول الخرطوم انه لم يسقط سوى عشرة الاف قتيل.

ويخشى الكثير من سكان معسكر زمزم من أن تعمق الانتخابات الانقسامات في دارفور اذا أكسبت الرئيس عمر حسن البشير جرأة وأضعفت الرغبة لتقديم تنازلات للجماعات المتمردة مثل حركة العدل والمساواة.

وحين جرى التصويت في معسكرات مثل زمزم لم يثر جدل يذكر بشأن احتمال المصالحة مع حكومة الخرطوم والرئيس السوداني الذي يواجه أمر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم حرب مزعومة في دارفور.

وتقول رانيا الراجي وهي باحثة بمنظمة العفو الدولية مقيمة بلندن quot;للاسف أرى الانتخابات وسيلة (للحكومة) لتحافظ على الاوضاع كما هي مع التمتع بحصانة كاملة.quot;

وقال منصور عمر اديبو الذي جاء الى زمزم العام الماضي من منطقة مهاجرية بدارفور quot;حاولت الحكومة قتلنا باستخدام قذائف المورتر وهاجمونا بطائرات أنتونوف.quot;

وأضاف quot;اذا استمرت الحكومة في السلطة سنخرج ونقف الى جانب ابنائنا لنقاتل ضدهم.quot;

وربما تكون هذه المشاعر قد أسهمت في ضعف الاقبال على التصويت بين النازحين السودانيين في دارفور. ويقول مسؤولون انتخابيون ان ما يصل الى ثلث نحو تسعة الاف ناخب مسجل في معسكر زمزم الذي يعيش به نحو 110 الاف شخص حضروا بحلول منتصف اليوم الثالث من الانتخابات الى مركز الاقتراع الوحيد وهو كوخ مبني من أعواد القصب.

وكان اتفاق مبدئي في فبراير شباط بين حكومة البشير وحركة العدل والمساواة علامة مشجعة أشارت الى أن الصراع ربما يكون قد اقترب من نهايته. لكن المحادثات تعثرت ورفضت جماعة تمرد أخرى الاتفاق وتحدث منظمة الامم المتحدة في تقاريرها عن اشتباكات محدودة النطاق منذ ذلك الحين.

وقال ابراهيم جمباري الذي يرأس العمليات المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي لحفظ السلام في دارفور انه يأمل أن تأتي الانتخابات بعودة تدريجية للحياة الطبيعية وأن تشجع الحكومة على تبني تسوية عن طريق التفاوض.

وأضاف في مقابلة quot;الفرصة ربما تكمن في سيناريو بعد الانتخابات حيث تمد الحكومة يد الصداقة الى أحزاب المعارضة الاخرى التي قد تسهم كثيرا في تسهيل مفاوضات دارفور.quot;

وانسحب منافسو البشير الرئيسيون من السباق الانتخابي في اللحظة الاخيرة مما بث شعورا بخيبة الامل بين من كانوا يأملون أن يواجه الرجل الذي سيطر على الحكم في انقلاب عام 1989 تحديا ولو كان محدودا في الانتخابات. وعلى النقيض مما تأمله الامم المتحدة قد لا تعود الاوضاع الى طبيعتها ويستمر الصراع في دارفور وتعرقل الاحوال الامنية الهشة جهود الاغاثة.

وقبل أيام من الانتخابات سحب الاتحاد الاوروبي مراقبيه من دارفور بسبب مخاوف على سلامتهم. وفي الاسبوع الحالي خطف أربعة من قوات حفظ السلام قرب نيالا بجنوب دارفور. وفي فترة الاعداد للانتخابات هدد البشير بقطع أصابع وألسنة مراقبي الانتخابات وهو مؤشر مقلق اخر لجماعات الاغاثة الغربية بعد أن طرد الرئيس السوداني منظمات اغاثة بارزة العام الماضي.

وكل هذه انباء لا تبشر بالخير في أماكن مثل معسكر زمزم ومعسكر ابو شوك على مشارف الفاشر عاصمة شمال دارفور. يجلس الرجال في ظل منازلهم المؤقتة يحكون معا فليس هناك الكثير ليفعلوه. في مستوصف بمعسكر زمزم يرقد المرضى على حشايا رقيقة في انتظار الطبيب الوحيد.

وقال فيصل بكر احمد وهو من سكان المعسكر quot;اذا فاز البشير مجددا فستحدث كارثة انسانية في دارفور.quot;

في الوقت نفسه يتطلع مبارك محمد مدير مستوصف زمزم وهو نازح هو الاخر الى انتصار الامل على التجربة. وقال quot;ربما اذا عقد اتفاق للسلام بين الحكومة والمتمردين تتحسن الامور. وربما تقرر حكومتهم أن تتغير