روزا أتونبايفا إمرأة صاعدة على الساحة السياسيّة في قرغيزستان، وقائدة ثورتين غيّرتا تاريخ البلد الأسيوي، التابع للإتحاد الشوفياتي السابق.

موسكو: انهت تحصيلها العلمي في كلية الفلسفة، وانتقلت الى العمل الحكومي والدبلوماسي في زمن الاتحاد السوفياتي،في وقتكان من الصعوبة في بلد شرقي اسيوي، مثل قيرغيزيا ان تحقق فيه النساء خطوات واسعة في العمل الوظيفي.

طافت فياوروبا واتقنت لغاتها وتشربت بثقافتها، عملت في المنظمات الدولية، عادت لبلدها قيرغيزيا التي مازالت تركيبتها الاجتماعية والسياسية تعيش على موروث الماضي، وتعتمد على العشيرة والبطانة والمافيا، آمنت بإمكانية تغيرالتركيبة السياسيّة وتحويل قيرغيزيا الى دولة عصرية، فكانت المنظر لثورتين شعبيتين.

ولكن كيف تمكنت امراة لاسيما من الشرق الاسيوي التحرك في هذا الوقت الصعب، تقول روزا اتونبايفا quot; انني مقاتلquot;، واوؤمن بمستقبل مشرق لبلدي، واوؤمن ان شعب بلادي يستحق الحياة الكريمة، واعرف ان شعبي يريد ان يعيش بحريةquot;.

تعد روزا اتونبايفا الاكثر خبرة بين نساء الثورات التي شهدتها ساحة الاتحاد السوفياتي في السنوات الاخيرة، فنجمة quot;ثورة الزهورquot; في جورجيا ينو بورجنادزه كانت طالبة دراسات عليا، اما اميرة quot;الثورة البرتقاليةquot; باوكرانيا يوليا تيموشينكو فقد التحقت بعد انتهاء المعهد للعمل كمهندسة في احد المصانع، بينما صعدت نجومية اتونبايفا في عهد الاتحاد السوفياتي السابق، وشغلت مناصب هامة كأمرة سوفياتية في قيرغيزيا،وهي في سن الـ36 عاما تبوأت منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لقيرغيزيا السوفياتية ووزيرة خارجية الجمهورية.

ولدت اوتنبايفا في 1950 في مدينة اوش كبرى مدن قيرغيزيا الجنوبية، وكان نشاطها في الحزب الشيوعي بطاقتها لدخول العمل الحكومي والدبلوماسي، في البداية ترأست وفد الاتحاد السوفياتي في اليونسكو ومن ثم عملت في وزارة الخارجية في موسكو.

وبعد حصول قيرغيزيا على الاستقلال احتفظت روزا اتنوبايفا بمنصب نائب لرئيس الوزراء وشغلت مناصب رفيعة المستوى في حكومة الرئيس السابق عسكر عكايف، وعملت فيها حتى عام 1997، الى حد ان رادوها الشعور، كما اعلنت في احد احاديثها الصحفية، بان البلد أصبح quot;اكثر شموليةquot;.

ومن اجل ان تشعر بحرية اكبر، توجهت اتونبايفا الى الغرب،كسفيرة في الولايات المتحدة الاميركية وكندا وبريطانيا وايرلندا. وبعد 5 سنوات كسبت اوتنبايفا صفة السياسي الدولي، وشغلت منصب نائب ممثل امين عام منظمة الامم المتحدة في جورجيا، وممثلة الامم المتحدة الرئيسية لشؤون تسوية النزاع بين جورجيا وابخازيا، وادت دورها بامتياز كمبعوث لبلادها في في اوروبا، علما بانها خريجة كلية الفلسلفة في جامعة موسكو وتتقن اربعة لغات.

لم تنحسر شعبية روزا اتونبايفا في قيرغيزيا على مدى السنوات الاخيرة، وقررت عام 2004 العودة لبلادها، وشكلت في 13 ديسمبر 2004 حركة quot; الوطنquot; المعارضة، واصبحت quot;اتونبايفاquot; رئيسا مناوبا لها. يرتبط إسمها بالحدث الصاخب الاول في البلاد الذي أحدث الشرارة الاولى لثورة quot;ورود البنفسجquot;.

ففي يناير 2005 وفي غضون يوم واحد سجلت كمرشحة في الانتخابات البرلمانية، ومن ثم اعلنت اللجنة المركزية للانتخابات الغاء تسجيلها بحجة ان املاء الوثائق جرى بصورة غير صحيحة، وحينها تحدثت المعارضة عن ان الرئيس المخلوع عام 2005 عسكر عكايف يمهد الطريق لابنته بيرميت، التي رشحت للبرلمان في نفس الدائرة الانتخابية. وقالت اتونبايفا حينها quot; لننسمجبقيام نظام حكم عائلي إقطاعيفي جمهوريتنا المتحضرة quot;.

ووقفت اتونبايفا في زمن quot;ثورة ورود البنفسجquot; في 2005 في الصفوف الخلفية، على الرغم من انها كانت حلقة الارتباط الرئيسية بروسيا، وعينها كرمان بيك باكييف ( الرئيس المخلوع حاليًا) الذي اصبح حينها قائما باعمال الرئيس بمنصب وزيرة للخارجية،لمنها لم تبق به لفترة طويلة، فبعد اربعة اشهر لم يصادق البرلمان الجديد على تعينها مجددًا وزيرة للخارجية. فعادت مرة اخرى لصفوف المعارضة.

ومنذ عام 2007 اصبحت اتونبايفا نائب في البرلمان القيرغيزي وعضو تكتل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفي مارس 2010 انتخبتها المعارضة رئيسًا لها، وبعد ان اعلنكرمان بيك باكييف في مارس 2010 الانتقال الى quot;الديمقراطية التشاوريةquot; بمعنى التخلي عن مبدأ الانتخابات،رأت اتونبايفا انه quot;اكبر وحشية من سلفه عكايفquot;. وجرى في 7 ابريل اعتقال عدد من نشطاء المعارضة وغابت اتونبايفا يومًا كاملاً عن الانظار وظهرت اول تصريحاتها إثر تحرك الجماهير والإستيلاء على مبنى مقر الحكومة.

حصرت روزا اتونبايفا تصريحها على اولويات متطلبات الساعة في الجمهورية التي تقف على حافة الافلاس، ونفاذ الاحتياطات الاقتصادية، والمهددة بالجوع والبطالة والامراض،وأجلت الخوض فيالأحاديث عن القضايا بعيدة الاجل التي تتناول توجهات السياسة الخارجية المقبلة واذا ما كانت سترشح لمنصب الرئيس.

ردودها على الاسئلة الصعبة التي انهالت عليها من قبل الصحافيين تنم عن حذر وعدم الرغبة باستباق الاحداث، فالطريق أمامها طويل، ولم تشكل بعد فريقًا متراص الصفوف، ومصير الرئيس المخلوع باكييف وتحركاته يلفه الغموض والتضارب، كما ينبغي اضفاء الشرعية على النظام الجديدمن خلال اجراء انتخابات جديدة وتعديل الدستور، لتحويل النظام القائم الى نظام برلماني يكون الدور الرئيسي فيه لرئيس الوزراء وليس للرئيس صاحب المنصب الشكلي.

وتدركروزا اوتنبايفا بتجربتها السياسية خطورة كل هذه الامور، وتعلم ان الطريق امامها مازال محفوف بالصعوبات، وعلى الرغم من ذلك إستطاعت أن تكون مثالاً ساطعًا لنساء اسيا الوسطى مسلوبات الحقوق،وأعطتهنفرصة المشاركةفي تحديد مصير بلدهنوتحقيق الحياة الكريمة لابناء شعوبهن الطامحين للحرية.