إيرانيات في سوق بالنجف

النجف: أمام مرقد الإمام علي في النجف (160 كلم جنوب بغداد)، يقع فندق الرضوان الذي يسكن فيه مدير منظمة الحج والزيارة الإيرانية روح الله شكراري والذي يتحكم بمئات الفنادق والمطاعم في كربلاء والنجف، ويفرض على اصحابها قيوده ويوزع عليهم اعداد الزائرين الإيرانين كما يشاء ويتحكم بشؤون السواح بشكل منفرد دون مشاركة من الجانب العراقي.

السياحة الدينية عصب الحياة للنجفيين والكربلائيين

وتعد السياحة الدينية في مدينتي النجف وكربلاء العصب الاساس الذي يعتمد عليه العراقيون في المحافظتين الواقعتين جنوب العاصمة بغداد، لاسيما بعد سقوط النظام العراقي السابق، حيث استبشر أهاليهما خيرًا آملين ان تكون هنالك نهضة كبيرة في انتعاش السياحة الدينية ووفود الزائرين اليها من كل أنحاء العالم بعد ان كانت مقتصرة نوعًا ما على الزوار من المحافظات المجاورة.

ويعاني اصحاب شركات النقل والسياحة والفنادق في المحافظتين من الهيمنة الواضحة للدور الإيراني على المدينة من خلال نهب اموال السياحة الدينية بصورة واضحة. ويؤكدون انه يجب عليهم التنسيق مع هيئة الحج والزيارة الإيرانية ودفع رشاوى لهم لأجل تسهيل عملهم.

ويؤكد مدير شركة الدفة لنقل المسافرين الحاج فهد الفحام في حديث مع quot;ايلافquot; ان quot; شركته من اوائل الشركات النجفية التي تعمل بمجال نقل المسافرينquot;. وقال انه quot;لم يحصل على عقد لنقل المسافرين الإيرانين لكونه لايتمتع بعلاقات مع الاحزاب الاسلامية العراقية الموالية لإيران ولا يعطي رشاوي لهيئة الحج والعمرةquot;. واضاف quot;ان شركته تمتلك اكبر اسطول من الباصات المكيفة وكان ينقل الإيرانين في زمن النظام السابق quot; مشيرًا quot; إلى كونه عربيًّا ويعارض التدخل الإيراني، فقد حورب في رزقه ولا يزودوه بالزائرينquot;.

ويقول عباس دوش صاحب فندق في النجف لـ quot;ايلافquot; إن quot;من الأمور التي يتدخل فيها الجانب الإيراني في مدينة النجف هي الهيمنة الواضحة على السياحة الدينية من خلال تحكم هيئة الحج والزيارة الإيرانية المطلق في إنزال الزائرين الإيرانيين في أي فندقquot;. وأضاف أن quot;هذا التحكم عطّل عمل السياحة الدينية في النجف وإذا بقينا على هذه الحال ولم تتدخل الحكومة في فسخ العقود مع هيئة الحج فسيكتب على السياحة الدينية السلام، ولا بد من إعطاء أولوية كبرى لهيئة السياحة العراقية في فرض الأسعار التي تتماشى مع أسواق البلدquot;.

زوار من إيران لأحد المراقد في النجف

وأضاف دوش أن quot;هيئة الحج والزيارة الإيرانية تفرض أسعارًا قليلة جدًا حيث يعطى مبلغ 17 دولارًا لكل زائر إيراني تتضمن خدمة ومنامًا ووجبة فطور إضافة إلى الفواكه وهذا المبلغ لا يسد حاجة أصحاب الفنادق في ظل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع المواد الغذائيةquot;.

بالمقابل رأى اصحاب الفنادق إن quot;حركة الزوار وعلى الرغم من قلة مردودها على الفنادق لكنها أنعشت أسواق المدينة لكننا دائمًا نطمح إلى الأحسنquot;. وقالوا إن quot;توافد الزوار على مدينة النجف من جميع دول العالم وخصوصًا الإيرانيين أعطى دفعة كبيرة للاقتصاد النجفي إذ يتوافد يوميًا على المدينة أكثر من 2000 زائر وهذا عدد كبير يمكن أن يساعد على القضاء على البطالة ورفع المستوى المعيشي للمواطنquot;.

ومنظمة الحج والزيارة، هي مؤسسة رسمية إيرانية تعنى بشؤون الحجاج والزوار الإيرانيين في السعودية والعراق وسورية بالتنسيق مع الجهات الرسمية في تلك الدول. ولكن عدم تفعيل المكتب الوطني للسياحة في العراق في الفترة الماضية سمح للمؤسسة بالتدخل في شؤون الشركات والفنادق العراقية بشكل مباشر، حسب تعبير أصحاب الفنادق في النجف وكربلاء.

وقال محمد الخفاجي صاحب فندق في كربلاء إن quot;هيمنة منظمة الحج والزيارة الإيرانية على السياحة الدينية في العراق هيمنة ذات مردود سلبي من خلال فرض سيطرتها الكاملة على جميع فنادق مدينتي النجف وكربلاء اضافة الى فرضها شروطًا وأسعارًا غير مقبولة تكاد تكون مجانيةquot; واصفا المبالغ المالية بأنهم quot;يعطونها باليد اليمنى ويستلمونها باليد اليسرىquot;.

وأضاف الخفاجي أن quot;المنظمة الإيرانية أحبطت آمال أصحاب الفنادق في إنشاء فنادق ضخمة ومتطورة في المدينتين حيث ان اغلبهم قد توقف عن العمل عكس ما كان عليه في النظام السابق حيث شهدت النجف وكربلاء تطورًا كبيرًا في انشاء العشرات من الفنادقquot;.

عشرة دولارات عن كل قادم الى النجف عن طريق مطارها

وكان مجلس محافظة النجف قد قرر استقطاع مبلغ عشرة دولارات من كل زائر عربي وأجنبي وافد إلى المحافظة عن طريق الفيزا المفردة وعن طريق مطار النجف الأشرف الدولي حصرًا، على ان تخصص هذه الأموال لتطوير السياحة والأماكن الأثرية في النجف وتجبى عن طريق بيع طابع أو ما شابه ذلك على أن يعين كادر وظيفي خاص لهذا الغرض.

وجاء هذا القرار بمقترح من رئيس المجلس الشيخ فائد كاظم نون بناءً على كتاب مجلس الوزراء الذي قرر فيه استيفاء المبلغ وتخصيصه لقطاع السياحة وقد صوت على المقترح بالأغلبية. وكان محافظ النجف عدنان الزرفي قد طالب بضرورة تغيير العقد المبرم بين وزارة السياحة العراقية وهيئة الحج والعمرة الإيرانية، مشددًا على انه عقد غير متوازن وقد وقعه الطرفان في ظروف استثنائية مر بها البلد في السنوات الاخيرة اما اليوم فإن الأوضاع تغيرت، خصوصًا في النجف التي تشهد حركة عمرانية واسعة.

قرار مجلس محافظة النجف وان جاء متأخرًا، الا انه سيحد بحسب مصادر نجفية من سطوة هيئة quot;الحج والزيارةquot; الإيرانية، ويعتقد نجفيون أن السياحة الدينية في المدينة تكاد أن تدار من قبل الجانب الإيراني بسبب اكتساح الشركات الإيرانية للمدينة ودخولها في تفاصيل كثيرة، على الرغم من نفي الجانب العراقي لوجود هذا النفوذ.

من جانبه، قال معاون مديرية هيئة السياحة في محافظة كربلاء المقدسة عبد الحسين محمد مظلوم ان quot;مدينة كربلاء تحتوي فقط على السياحة الدينية وتنشط فيها ولك هنالك انشطة سياحية اخرى يجب ان نراعيها ونفعلها حيث وتوجد حوالى (30-40) نوعًا من السياحة، لكنها لم تفعل منها حتى الان سياحة الاثار والسياحة العلاجية والسياحة الصحراوية والسياحة البيئية وغيرهاquot;، معتبرًا ان quot;عدم تفعيل السياحات الاخرى في العراق عمومًا ومدينة كربلاء خصوصًا يعود الى عدم وجود المستوى الثقافي والسياحي فالسياحة عندنا مجرد عملية روتينية ولا يوجد انفتاح على الثقافات الاخرى، والقطاع الخاص مغلق لا يعمل على تطوير السياحة وتعديلها. منوّهًا انمعظم الزائرين الداخلين الى العراق هم من إيران ودول الخليج وباكستان وافغانستان والدول الاسلامية المجاورةquot;.

واصفًا quot;دور دائرته هو في متابعة الخدمات المقدمة من قبل الشركات و الفنادق وترويج معاملات منح الاجازة الخاصة بالشركة او الفندق والمطعم وحسب الضوابط المنصوص عليها في قانون تشغيل وتطبيق المرافق السياحية رقم (1) لسنة 2004 وقانون شركات السفر وسياحة رقم (49) لسنة 1983 وباقي التعديلات لها quot;.

واضاف quot;تواجه السياحة الدينية في كربلاء بعض المشكلات التي تتعلق بتوفير الكوادر المتخصصة في مجال السياحة الدينية كالمترجمين والمرشدين والعمالquot;. واشار الى ان في مدينة كربلاء المقدسة موارد سياحية تتمثل في وجود المراقد المقدسة للإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام، كذلك الموارد الطبيعية والبشرية والتي يمكن أن تساهم في عملية الجذب السياحي وان صناعة السياحة الدينية في كربلاء قد ازدادت بشكل ملحوظ، ولكن ليس بمستوى الطموح لعدم وجود الاستقرار السياسي والأمني لذلك نوجه كلامنا وارشادنا الى الجهات المعنيّة في الحكومة المركزية واعضاء مجلس محافظة كربلاء الجدد ان يولوا جلّ اهتمامهم بهذا القطاع كونه يمثل بالنسبة إلى العراق ومدينة كربلاء نفطًا دائمًا quot;.

وكربلاء مدينة مهمة دينيًّا لعدد كبير من المسلمين موزعين في أنحاء مختلفة من العالم، وكل هؤلاء يسعون لزيارتها فهذه المدينة (110 كم جنوب بغداد) وتحيطها صحراء رملية واسعة من الجنوب والجنوب الغربي تتصل بصحراء رملية تمتد نحو السعودية والأردن، وتحيطها من الشرق والشمال بساتين باتت تشكو من آثار العطش حيث ان هذه المدينة لا يبدو أنها تستفيد كثيرًا من حركة السياحة الدينية.

وكانت لجنة السياحة الدينية في مجلس محافظة كربلاء السابق قد دعت إلى تشكيل وزارة خاصة بالشعائر الدينية، وقال رئيس اللجنة آنذاك عبد الحسن الفراتي خلال زيارة الأربعين الماضية، إحدى المناسبات الدينية المهمة لدى المسلمين الشيعة إنquot; كربلاء بحاجة إلى جهد حكومي واسع من أجل تطويرها لتكون مدينة سياحية تعود حركة السياح فيها بالنفع على العراق بشكل عامquot;.

لكن المفارقة أن أصحاب المصالح التجارية في كربلاء عارضوا بشدة خطة سابقة أعدتها وزارة البلديات بالتنسيق من مراكز هندسية، لإزالة أبنية في وسط المدينة وإنشاء مرافق خدمية وسياحية فيها، واعتبروا ذلك تجاوزًا لحقوقهم وتاريخ المدينة.