زقاق في مدينة النجف القديمة |
حوّلت منازل رجال الدين مدينة النجف إلى ثكنات عسكرية بفعل الإجراءات الأمنيّة والحراسة المشدّدة، تخوّفًا من استهداف الشخصيات التي تقطنها، وهي وضعية باتت تدفع الكثير من المواطنين العراقيين للتذمر والاشمئزاز.
النجف: خرج حسين الموسوي من مطار النجف متلهفًا لرؤية الأهل، والأحباب بعد رحلة هجرة في استراليا امتدت 16 عامًا. ولم يصل إلى منزله في حي الغدير الذي يبعد كيلو مترًا واحدًا عن المطار إلا بعد أكثر من 40 دقيقة قضاها في سيارة أجرة تدخل في شارع مغلق وتخرج منه وعند ترجّله من السيارة واستقباله من قبل أحبائه قال في دهشة واستغراب quot;نعم هنالك تغير في العراقquot;.
لم يكن الموسوي الوحيد المندهش والمستغرب عند رؤية الحالة الجديدة التي حلت بالنجف ذات المليون نسمة من إغلاق الشوارع الفرعية وبعض الرئيسة لكون هناك رجل دين أو احد المسؤولين قاطني هذا الشارع أو الحي.
يقول الموسوي لـquot;إيلافquot; لم quot; أجد صعوبة أو تعبا في السفر من استراليا إلى أن وصلت إلى مطار النجفquot;. وأضاف: quot;حالة النجف مأساوية، لم أكن أتوقع أن يفعل رجل دين يؤمن بالله الواحد، والرسول الكريم بمدينة علي بن أبي طالب هكذاquot;، وأشار النجف quot; تقطعت شوارعها وتجزأت بالكامل وترى كأنها ثكنات عسكرية منتشرة هنا وهناك quot;.
وتعد النجف (160 كلم جنوب بغداد) عاصمة التشيع حيث يقطنها الآلاف من رجال الدين ومن مختلف الجنسيات فضلاً عن وجود المقرّات الرئيسة للأحزاب الإسلامية ومنازل المسؤولين الحكوميين ويطلق عليها بعضهم النجف بعد العام 2003 تكريت العراق. quot;في إشارة إلى موطن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسينquot;.
والنجف القديمة محاطة بدرجة عالية من الحراسة لوجود منازل ومكاتب معظم المرجعيات الدينية فيها، وتتعزز الحمايات بشكل كبير قرب مكتب آية الله السيد علي السيستاني السيستاني ومنزله، باعتباره المرجع الأعلى، حيث لا يدخل أي شخص إلى مكتبه أو يمرّ به إلا بعد تفتيش دقيق والمكتب مسؤول عن اختيار الحراس.
وتغلق المدينة القديمة بالكامل بشكل مستمر في كل مناسبة دينية والأحداث الأمنية وتضم المدينة بداخلها مرقد الإمام علي عليه السلام ومدارس الحوزة العلمية وجميع منازل المراجع الأربعة الرئيسين فضلاً عن الأقسام الداخلية لطلبة العلوم الدينية. وتصطف السيارات طوابير كبيرة بمسير واحد لدقة التفتيش، فضلاً عن انتشار رجال الشرطة والجيش والحرس الوطني وعناصر الحمايات الخاصة بأعداد كبيرة في شوارعها.
وأدى انتشار رجال الدين في السكن في أحياء النجف المختلفة خارج المدينة القديمة إلى ظهور اشمئزاز وسخط لدى أهالي النجف بسبب غلق الشارع بالكامل من قبل قوات الحماية المكلفة بحماية منزل رجل وعدم السماح لأي شخص بالمرور.
يقول احد قاطني حي الزهراء في النجف صاحب مجي لـquot;إيلافquot;: quot;أنني من مواليد هذا الحي وأحب منطقتي حبًّا جمًّا لكونها تحمل ذكريات طفولتي وشبابي الى وصولي لمرحلة الأربعين حتى بدأت اكره هذا الحي ككرهي للموت quot;. وأضاف: quot;انه لم يكن رجل الدين الأبعد العام 1995 وصار مرجعًا بعد ثلاث سنواتquot;. وأشار quot;ان المرجع محمد اليعقوبي بعد العام 2003 اجتمعت حوله المليشيات وصاروا حماة له وسيطروا على جميع الحي ومنعوا حتى سكانه من دخول سياراتهم وصارت حياتنا مريرة quot;. مشددًا أنني quot; تركت هذا الحي بغصّة ومرارة من جراء تعسف وسطوة عناصر حمايته quot;.
ويؤكد مختار حي النفط بضواحي النجف الشمالية ناجي صمد أن quot; رجال الدين الذين ينتمون إلى أحزاب فقط من يضع حمايات حول منزله quot;. وقال صمد في تصريح لـquot;إيلافquot; سكن quot; في منطقتي رجل دين يدعى أبو تقي كان يدرس في حوزة السيستاني كان عاديًا وبسيطًاquot;. وأشار quot;لكنه بعد فترة وجيزة انتمى لإحدى الأحزاب الإسلامية حتى أصبحت مواكب الحمايات تملأ الشارع وأغلق الحي بالكامل بالكتل الكونكريتيةquot;.
ويشير مدير طوارئ النجف العميد مهدي الحكاك أن quot; الحمايات لرجال الدين صارت مبالغ فيها وهي تابعة لحماية الشخصياتquot;. وقال لـquot;إيلافquot; إن quot;الوضع الأمني في النجف جيد ولا يستحق من الأشخاص وضع هكذا حمايات فكل فرد صار يمتلك من الحمايات العشراتquot;، لافتًا إلى أن quot; رجال الدين يريدون بكثرة حماياتهم وقطع الشوارع أن يجعلوا لأنفسهم وجاهة وأهميةquot;.
ويرى مدير وكالة الأنباء العراقية أصوات التي تبث من النجف عماد محي الدين أن quot; ظاهرة غلق الشوارع في النجف جديدة ولا تستحق كل هذا التعصب من رجال الدين quot;.
وقال محي الدين لـquot;إيلافquot; شارع مغلق بسبب منزل لبحر العلوم والثاني آل الحكيم والآخر بسبب منزل اليقوبي لم يبقَ شارع في النجف مفتوحًاquot;، وأضاف quot; أن هذه العوائل تملك تاريخًا كبيرًا وثقلاً دينيًّا، لكنّها اليوم بدت تفقد صداها بسبب هذه الأعمال التي تؤذي أفراد المجتمعquot;. وأشار إلى أنه quot;يجب على رجال الدين التواضع وعدم جعل الناس يتذمّرون منهم كما حصل في إيران بعد قيام الثورة الإسلامية هناكquot;.
التعليقات