الإنقسام بين حماس وفتح في غزة والضفة يعكس سياسات إقليميَّة بحيث يمكن تشبيه الوضع بالحرب الباردة.

لندن: اعتبر الباحث البريطاني جوناثان سباير أن الانقسام بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة والسلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية انعكاس لسياسات إقليمية، بحيث يصطف كل طرف إلى جانب واحدة من الكتل المعارضة في الحرب الباردة التي تهيمن على الشرق الأوسط.

وتأكيدا لتصريحات القيادي في حماس صلاح البردويل التي قال فيها إن جهود المصالحة الفلسطينية مجمدة، قال رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في دمشق إن مسؤولين عربا اشترطوا على الحركة الاعتراف بشروط الرباعية بما فيها الاعتراف بإسرائيل لتحقيق المصالحة الفلسطينية برعاية مصرية. غير أن مشعل كرر رفض الحركة لذلك، وخاطب الأميركيين والصهاينة مشددا على quot;عدم الرضوخ لهذه الشروطquot;، وقال quot;لن ندفع أي ثمن سياسي مهما طال أمد الحصارquot;.

سباير يعلق - في مقاله quot;حرب فلسطينية باردةquot; المنشور في صحيفة ذي غارديان البريطانية - بالقول إن تلك التصريحات توحي بأنه لا توجد عملية تسوية لإنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني، وما يجري على الأرض الآن هو أن السلطات في كل من غزة ورام الله تعمل على تكريس نفسها. ويشير الكاتب إلى أن صعود نجم حماس في غزة يوازيه ارتفاع شعبيتها في الضفة الغربية، في حين أن شعبية حركة التحرير الوطني (فتح) المنافسة تتراجع بشكل حاد.

فالقائد الفلسطيني الحقيقي في الضفة الغربية هذه الأيام هو رئيس الحكومة سلام فياض -الذي لا ينتمي إلى فتح، ولكن حكومته لا تملك النفوذ بسبب سلطة الحركة- لكونه معينا من قبل الغرب، وتحميه القوات التي يقودها الجنرال الأميركي كيث دايتون. ورغم أن نهجه التدريجي الذي يعد شكلا غريبا على الثقافة الفلسطينية ساهم في تحسين الحياة اليومية بالضفة الغربية، فإن مستوى شعبيته ما زال محل شك.

وحسب المحلل الفلسطيني يزيد الصايغ فإن السلطتين -في غزة والضفة الغربية- تعتمدان على المساعدات الخارجية، فميزانية حكومة فياض تصل إلى 2.8 مليار دولار سنويا، يصل نصفها من الخارج، في حين أعلنت حماس ميزانية تبلغ 540 مليون دولار، quot;يأتي 480 مليون منها من الخارج (إيران)quot;.

فالاعتماد على رأس المال الخارجي هو العامل المشترك بين السلطتين، بمعنى أن قدرتهما على البقاء مرتبط بمصالح القوى الخارجية المتنافسة. ويشير كاتب المقال إلى أن الشرق الأوسط الآن منقسم ما بين الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة والغرب، وبين حركات ودول quot;كتلة الممانعةquot; بقيادة إيران. فالنتيجة -والكلام لسباير- هي أن السياسات الفلسطينية مخترقة من قبل العنصر الإقليمي، ولا سيما أن كل كتلة إقليمية لديها سلطة فلسطينية تشكل مختبرا ووسيلة للإعلان عن نهجها.

وفي الختام قال الكاتب إن الوجود المستمر لهاتين السلطتين المتنافستين والمعتمدتين على الخارج من شأنه أن يغير الديناميكية الأساسية للسياسات الفلسطينية وإطار الاحتمالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وquot;هذا يستحق المزيد من الاهتمامquot;.