تحولت مساجد قطاع غزة إلى ساحات لأعلام وشعارات الاحزاب الإسلامية، وفيما تحاول حركة حماس السيطرة عليها،تسعى بعض الحركات الإسلامية الأخرى مثل quot;الجهاد الإسلاميquot; لإيجاد بدائل لها وقامت ببناء جوامع خاصة بها، إلا أن الأخيرة تشكو من سطيرة حركة حماس على تلك المنابر الدينيةالتي بنتها.
تتطور المساجد وتزدان في كافة أنحاء العالم، لتكون في كل يوم معلمًا حضاريًا. ففي مسجد اورتكوي على مضيق البوسفور ترى الطبيعة خالصة هناك، كما يعانق مسجد فيصل في باكستان الجبال الخضر، ولتتخيل المسجد الازرق في تركيا أم الحضارات التي سكنها الإسلامي والعلماني ولم تتغير قط، ولترى الحمام بناظريك يحط في ساحة مسجد وزير خان لاهور في باكستان، وحدث كثيرًا عن الجامع الازهر في القاهرة ومسجد برمنغهام في بريطانيا، فالمساجد من طنجا إلى جاكرتا مرورًا بأندونيسيا حالها ليس كحال المساجد في قطاع غزة، فمن رفح المدينة المحاذية للحدود المصرية إلى بيت حانون المتاخمة للجدار الإسرائيلي تعلو رايات الفصائل الإسلامية أسطح ومآذن المساجد، وتحتل شعاراتهم بألوانها المختلفة الأروقة من الداخل.
quot;إيلافquot; كانت لها جولة حول مساجد قطاع غزة وسئلت المصلين والشيوخ وحتى الفصائل في الشعارات والأعلام التي ترفعها داخل وخارج جدران المساجد وأعاليها.
quot;أبو محمد عجورquot; 27 عامًا وهو أحد المصلين من مدينة غزة يقول كثيرة هي الملصقات التي تتحدث عن الدخان والضرائب، ويضيف: quot;هناك شعارات ضد السلطة الوطنية، وسواء كان ما كتبوه صحيحًا أو خاطئًا، فمكانه ليس المسجد، وإنما التلفزيون والراديوquot;.
ويرى عجور أن أغلبية المصلين غير المنتمين لأي فصيل هم ضد أي شعار أو ملصق يوضع على جدران المساجد، لأنها كما يقول وجدت للعبادة والصلاة.
ويشير بأن الحركات غير الإسلامية كالجبهة الشعبية وفتح لا تتبع أسلوب رفع الشعارات ووضع الملصقات داخل المساجد، بل يستخدموا طرق الصحافة والإعلام، ويوضح: quot;أما حركة حماس فتتخذ من المساجد مقرات لها لإيصال الرسائل للناس، ولا يستطيع أحد أن يفعل شيء، إلا بموافقة حماس، بإستثناء حركة الجهاد الإسلامي لأن لها مساجد وشعارات خاصة بهاquot;.
وحول سؤال quot;إيلافquot; إذا ما كانت الأعلام والشعارات داخل المساجد تضر بالمصلين، قال عجور: quot;نسبة كبيرة من المصلين باستثناء حركة حماس، عكفوا عن الصلاة في المساجد بسبب قضية الملصقات، والندوات التنظيمية، فهي يمكن أن تلفت إنتباه المصلين أكثر من الصلاةquot;.
وطالب عجور بوضع حل للملصقات داخل المساجد، فقال: quot;نرجو من التنظيمات المسؤولة عن ذلك، بأن تكون ملصقاتهم خارج المسجد، كي يبقى تفكير المصلي في الصلاة فقطquot;.
الحركات اليسارية لديها منابرها الخاصة
الدكتور نسيم ياسين أمين سر رابطة علماء فلسطين، وأستاذ العقيدة الإسلامية والمذاهب المعاصر في الجامعة الإسلامية بغزة، يرى بأن رفع الشعارات والأعلام خاصة في مقدمة المسجد من الداخل طريقة غير مناسبة، وتلهي المصلي، وتؤذي الخشوع.
ويقول إن هدف الشعارات والأعلام هي للترويج، الذي اعتبره أمر محرم في الإسلام، ويوضح: quot;الذي يلجأ للمساجد عادة هي الحركات والتيارات الإسلامية، فميدان الأحزاب الإسلامية الفلسطينية هو المسجد، أما الحركات العلمانية واليسارية فلا تلجأ للمساجد، ولديها منابرها الإعلامية الخاصة بهاquot;.
وتساءلت quot;إيلافquot; عن سبب استخدام المساجد بالتحديد دون غيرها من الأماكن العامة لرفع الشعارات وخدمة مصالح الحزب فأجاب ياسين: quot;إذا أرادت الحركات الإسلامية كحركة حماس والجهاد الإسلامي بالتحديد استقطاب شاب فلا يلتقطونه من الشارع، وخصوصًا حركة حماس لا بد من أن يكون ابنها ابن مسجد، فعملها بالأساس من داخل المسجد، لذلك توضع الشعارات داخل الجوامع لاستقطاب الناسquot;.
ويتابع قائلاً: quot;معظم شعبنا الفلسطيني متأطر وله أحزاب، فإذا رأى بعض الناس أن حزبًا ما يخالف حزبهم، ويعلق شعارات لا ترضيهم، فربما لا يذهبون إلى المسجد ويتركون صلاة الجماعةquot;.
ويتحدث ياسين عن استخدام المساجد للنداء عبر مكبرات الصوت، فيقول: quot;إذا كانت المسألة تتفق بين مصلحة الحزب والتوجه الديني فلا شيء أن أدعو إليها، خصوصًا أنني أدعو المسلمين إلى التمسك بالثوابت الإسلامية والفلسطينية التي يدعو إليها الإسلامquot;.
الجهاد الإسلامي: المساجد التي بنيناها تتعرض لهجمة من حماس
الشيخ خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي تمنى في بداية حديثه مع quot;إيلافquot; أن تفتح المساجد لكل روادها وأن تزول عنها الشعارات والأعلام الحزبية، ويتم تحريرها، وألا تحتكر من هذا الحزب أو ذاك، وأضاف: quot;نحن في الجهاد الإسلامي غير راضين عما وصلت إليه الأمور في بعض المساجد من خلال منعها عن المخالفين، وسيطرة بعض الأحزاب عليهاquot;.
وحول سؤالنا عما يشاع بين الناس أن هذا مسجد لحماس وذاك للجهاد الإسلامي، رد حبيب: quot;اضطررنا لبناء مساجد ونديرها بأنفسنا، ولكننا لا نمنعها عن أي مسلم، وذلك نتيجة احتكار المساجد من قبل بعض الأحزاب، ومنعها في وجوهنا وصدنا عن مزاولة أنشطتنا ودعوتنا الإسلاميةquot;.
وقد وصلت الأمور إلى حد خطير كما يقول حبيب، حيث يوضح: quot;حتى المساجد التي بنيناها بجهودنا الخاصة تتعرض لهجمة من قبل حماس بصراحة، وتقوم أحيانًا بمصادرتها بالقوة من أبناء حركة الجهاد الإسلامي والسيطرة عليها، ومنع كل المخالفين لحماس من مزاولة أي أنشطة داخل هذه المساجدquot;.
ويتحدث عن استخدامهم للمسجد لإستقطاب الشباب في صفوف حركة الجهاد الإسلامي فيقول: quot;نحن حركة إسلامية، ونحمل مشروع إسلامي، ولا بد أن نقوم بالتبشير لهذا المشروع، والدعوة للإسلام، فالمسجد هو الساحة المناسبة والمفضلة، والإنطلاق من المسجدquot;.
علماء الأزهر: يجب ألا نفرض على الناس قناعات وأفكار حزبية معينة
الدكتور عماد حمتو أحد علماء الأزهر الشريف في فلسطين يقول quot;لإيلافquot; أن المسجد راية الله في الأرض، وأن له دور كبير في إزالة الفوارق بين الناس، ويضيف: quot;تحررت المساجد في أذهاننا منذ انطلاقها أنها بيوت لله، وضلت المساجد بعيدة عن الإستبداد الحزبي طيلة تاريخنا المشرق، حيث كان الشعار المرفوع دائما quot;من دخل المسجد فهو آمنquot;.
ويتحدث عن الملصقات والشعارات، فيقول: quot;إذا كانت تعين الناس على بعض الإرشادات المهمة في تحسين عبادتهم فلا بأس أن توضع خارج المسجد، بحيث تكون منفصلة عن المقصد والدور الحقيقي للمسجد، ويتابع: quot;أما أن تكون هذه الملصقات عبارة عن صور أو أوراق لتمزيق الصف الإسلامي، أو المناداة بتصدع الصفوف، والفرقة السياسية، وأن يقحم فيها المصلين ورواد المساجد فأنا لست مع هذه الصورةquot;.
ويريد حمتو أن يبقى للمسجد طهارته ونقاءه وصفاءه، وأن يبقى بعيدًا من أي صورة من صور الرمزية الحزبية أو الشعارات، فيقول: quot;قد تتغير بعض سلوكياتنا، وأفكارنا، ونختلف في انتماءاتنا، ويصل الخلاف المذهبي والحزبي إلى أمور كبيرة، ولكن يجب أن يبقى المسجد بعيدًا من هذا الخلاف، لأن حقيقة المسجد أنه بيت اللهquot;.
ويطالب حمتو الناس بأن يتحرروا من أهوائهم ورغباتهم، وأن يخضعوها لشرع الله، لا أن يخضعوا شرع الله لرغباتهم وأهوائهم، ويبين: quot;يجب أن يفهم الناس أن عالم الدين ورجله ومسجده هم للناس جميعًا، ويجب ألا نلقي قصرًا على الناس قناعات أفكار حزبية معينة، والأصل أنني أعرض الإسلام كما هو بصفائه، لكن اختلاط العمل السياسي الآن بالقضية الإسلامية، أورث إشكالية عند بعض الناسquot;.
وقد رفضت حركة حماس الحديث حول هذا الموضوع على لسان الدكتور يونس الاسطل عضو المجلس التشريعي وأحد قيادات الحركة، الذي قال بأن تبني رأيه قد يعقد المشكلة ولا يحلها، وأضاف: quot;إثارة هذا الموضوع يأتي في إطار صب الزيت على النار، والإدلاء به قد يثير ضجة نحن في غنى عنها، فالمصنفون حزبيًا لا يُقبل رأيهمquot;.
التعليقات