أعادت الحرب الإسرائيلية الأخيرة لأذهان الكثيرين من سكان غزة ذكريات اللجوء والنكبة.

مجسم لطائرات إسرائيلية غيرت في تاريخ الفلسطينيين خلال معرض في غزة quot;عدسة إيلافquot;

على غرار نزوح الفلسطينيون سنة 1948 من أراضيهم وقراهم، عاش الفلسطينيون نزوحاً جديداً تمثل في معظمه بهجرة المواطنين الفلسطينيين الذين يسكنون بالقرب من الحدود مع أراضي الـ 48م، بعيداً عن أراضيهم بعد تجريف منازلهم ومزارعهم خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

وتمثل السنة الماضية بالنسبة للنازحين الجدد في نظر نحو 8 آلاف أسرة أضطرت لمغادرة أراضيها ومنازلها بعد أن جرّفتها إسرائيل بالكامل، هجرة جديدة، بعد انلحقوا في ركب أجدادهم الذين غادروا أراضيهم قسراً تحت وابل من النيران والقصف المدفعي والجوي، وهو ما فعلته إسرائيل تماماً في حربها الأخيرة على غزة مع بداية 2009.

وأعادت الحرب الإسرائيلية الأخيرة بالنسبة للحاج عبد الرحمن مرضي سعد الذي كان يسكن منطقة روبين التابعة لقضاء الرملة، ذكريات رحيله عن بلدته الأساسية . وقال لإيلاف quot;أتذكر كل مكان نزلنا فيه خلال الهجرة، أنا كنت الوحيد لوالدي كان عمري يومها 11 سنة، كان والدي يعمل مزارع كان عنا أراضي الأوراق موجودة مع الحاجة، كان عنا أكثر من 800 دونم، وها هنا أملك في مخيم دير البلح أقل من 100 متر فقط وهو بيت أعطته لنا وكالة الأونروا. كانت في البداية غرفة، وتمددنا على حساب الشوارع كانت الشوارع واسعة في المخيم وبين المنزل والآخر 4 متر، لكن مع التزايد السكاني إضطررنا لأن نتمدد على حساب الشوارعquot;.

ويضيف quot;حق العودة لن يحصل إلا من فوهة المدفع. الحق لمدفع القصاف لا من غيره، فمجلس الأمن لن يأتي لنا بدولة، والمجتمع الدولي يشاهد عبر الفضائيات المختلفة تهجيرنا من جديد وإقتلاع منازلنا وأشجارنا دون أن يحرك ساكناًquot;. وأشار إلى أن quot;الأرض والعرض لا تفريط فيهما، لا تقول لي مفاوضات أو ما شابه، لا بد من تحرير الأرض بالبندقية. لا أحد يجلس عن حقه لأكثر من 40 سنة . يتحدث عن نكسة الـ 67مquot;.

من جانبه أكد النائب الدكتور أشرف جمعة المنحدر من قرية حتا التي أحتلتها إسرائيل سنة 48م، على ضرورة إعادة ملف اللاجئين بقوة في المفاوضات النهائية. وقال لإيلاف quot;ملف اللاجئين من أهم الملفات التي يجب أن تحل، وعلى إسرائيل أن تعوّض هؤلاء اللاجئين عن إحتلال أراضيهم لإثنين وستين سنة متواصلةquot;.

ويطلق الفلسطينيون في كافة أنحاء العالم يوم 15/5 من كل سنة، وهو ذكرى النكبة، فعاليات متنوعة لتذكير العالم بنكبتهم التي لا تزال متواصلة، وحقهم في العودة إلى أراضيهم التي إحتلتها إسرائيل قبل 62 سنة.


ويؤكد رئيس بلدية مخيم المغازي أحد المخيمات الأربعة وسط قطاع غزة، محمد النجار، المنحدر من مدينة بئر السبع التي إحتلتها إسرائيل سنة 48م، أن مخيم المغازي quot;مثله مثل باقي المخيم التي أنشأت بأثر النكبة سنة 48 والهجرة من قرى ومدن فلسطين، بفعل المخطط الإستعماري الصهيونيquot;. وقال لإيلاف quot;يعتبر وجود المخيمات كتجربة فريدة في العالم، وصمة عار في جبين الإنسانية أن يتم إقتلاع سكان مواطنين من أراضيهم ومنازلهم ليتم توطين أو إستبدالهم بأناس من بلدان مختلفة. هذه التجربة جديرة بكل إنسان أن يتعمق فيها بشكل جيد حتى لا تكررquot;.


وأضاف quot;كان المخيم أول إنشاءه عبارة عن مجموعة من الخيام تلعب فيها الريح ويلفها الظلام، ويعيش الألم والحسرة على ذكريات الوطن والبيوت والمزارع وجمع الذكريات عمن تبعثر شمالا وجنوبا ومن مات حيا أو فقد أو أصبح بلا مصير، بدأ يتطور شيئاً فشيئاً بفعل الخدمات التي تقدمها الأونروا التي أقيمت خصيصاً بهذا الغرض، لكن مئات الأسر تعرضت للنزوح من جديد بفعل تجريف منازلهم القريبة من الحدود، ما زاد من أعباء البلدية والأونروا معاًquot;.

ويقول quot;بحكم الهجرة يبدأ الإنسان بإعادة ترتيب أولياته، فعندما تفقد أرضك أو نشاطك التجاري أو الصناعي أو غيره، فلا بد أن تبحث عن بدائل لإثبات الذات(..) لكن الحصار المتواصل لأكثر من ثلاث سنوات، أثّر بشكل كبير على حياة الناس، وأعاد من جديد ذكريات الهجرة والنكبةquot;.

وتبقى النكبة في نظر الشعوب العربية والغربية وحتى العديد من الفلسطينيين مجرد ذكرى تمر في مخيلتهم عبر فعاليات ومهرجانات مختلفة، لكنها لن تكون بالتأكيد عند أصحابها إلا ألماً وحسرة على أرض أبائهم وأجدادهم التي فقدوها كرهاً.