شدد جلال طالباني على أن العراقيين لديهم حالة من الإجماع بأنهم لا يمكن أن يستغنوا عن بعضهم، معتبرا الجميع شركاء في العراق، مشيرا الى حقيقة ان العراق بلد متعدد الاعراق والقوميات والاديان والمذاهب، وأوضح أن هناك الآن ارضية مناسبة لتعزيز الحوار الإيجابي بين القادة


اكد الرئيس العراقي جلال طالباني ان القمة السياسية للقادة العراقيين التي رعاها في بغداد اليوم قد أوجدت ارضية مناسبة لتعزيز الحوار الإيجابي بين القادة ليقفوا عليها في الدخول بمفاوضات جدّية على طريق تشكيل الحكومة المقبلة معبرا عن ثقته بالتغلب على العراقيل والصعاب التي تواجه هذا التشكيل فيما اشار نائب الرئيس القيادي في الكتلة العراقية طارق الهاشمي الى ان القمة كسرت الكثير من الحواجز النفسية بين القادة وستسهل من مهمتهم في الحوار الجاد والسريع للخروج من الازمة الحالية في المستقبل القريب .. في وقت عبرت النائبة العراقية صفية السهيل عن الحزن لعدم دعوة القيادات السياسية النسوية الى الاجتماع الذي كان ذكوريا بامتياز كما قالت.

وقال الرئيس طالباني في ختام quot;مأدبة سياسية موسعة للكتل والقوى السياسيةquot; جرت خلالها نقاشات حول اخر التطورات على الساحة العراقية واقيمت بقصر السلام الرئاسي في بغداد
وحضرها رئيس الوزراء نوري المالكي رئيس قائمة دولة القانون وعمار الحكيم رئيس الائتلاف الوطني ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي من القائمة العراقية واياد السامرائي من جبهة التوافق وجواد البولاني من ائتلاف وحدة العراق وعدد كبير من قادة وممثلي الكتل الفائزة والقوى السياسية الاخرى .. قال ان اللقاء هيّأ جوا من المودة والتفاهم بقصد تذويب حالة الجمود السياسي الراهن كما اوجد ارضية مناسبة لتعزيز الحوار الإيجابي ليقف عليها الساسة العراقيون وللدخول في مفاوضات جدّية على طريق تشكيل الحكومة المقبلة.

واضاف quot; كلنا مجمعون على حقيقة اننا لا يمكن ان نتنازل عن بعضنا البعض، واننا جميعا شركاء حقيقيون في هذا البلد.. وان وجودنا معا هو أمر اساسي لتحقيق حق المواطنة ومبدأ التوافق.quot; مشيرا الى حقيقة ان العراق بلد متعدد الاعراق والقوميات والاديان والمذاهب، ومؤكدا quot; لذلك يتحتم علينا ان نكون متآخين كما يتحتم علينا التوافق لنعيش بسلام ووئامquot; كما نقل عنه بيان صحافي رئاسي تسلمت quot;ايلافquot; نسخة منهquot;. واشار الى ان العراق بلد quot;غني برجالاته وثرواته، يحتاج الى حكومة شراكة وطنية حقيقية لتقوم بقيادة البلد نحو الاستقرار والازدهار.quot; وابدى تفاؤله بالتغلب على العراقيل والصعاب التي تواجه عملية تشكيل الحكومة قائلا quot;كما تغلبنا في الفترة السابقة على الكثير من المشاكل التي وقفت في طريق مسيرتنا فسنتغلب على المشاكل الحالية.. واملي كبير بحكمتكم ودرايتكم وبحرصكم على العراق وسلامته ونعتقد انكم ستبذلون الجهود لحل الاشكالات الموجودة.quot;

ثم اشار طالباني الى الرسالة التي كان قد بعث بها اياد علاوي رئيس القائمة العراقية اليه معتذرا عن الحضور بسبب التزامات كان قد اتفق عليها مسبقا نظرا لتلبيته دعوة لزيارة الكويت .
وتحدث خلال اللقاء كل من المالكي (رئيس الوزراء زعيم ائتلاف دولة القانون) وعمار الحكيم (زعيم الائتلاف الوطني رئيس المجلس الاعلى الاسلامي) وطارق الهاشمي (نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية) واياد السامرائي (القيادي في جبهة التوافق العراقي رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته) وابراهيم الجعفري (رئيس تيار الاصلاح ضمن الائتلاف الوطني رئيس الوزراء السابق) وجواد البولاني (رئيس قائمة وحدة العراق وزير الداخلية) وكرار الخفاجي (رئيس كتلة الاحرار للتيار الصدري ضمن الائتلاف الوطني) معبرين عن تقديرهم للرئيس طالباني على هذه المبادرة quot;التي من شأنها ان تمهد الطريق امام حوارات اعمق واشمل وصولا الى انضاج المشتركات الوطنية التي يجمع عليها القادة السياسيون في البلاد، لتشكيل الحكومة المقبلةquot;.

وخلال مؤتمر صحافي عقب انتهاء القمة تحدث عدد من قادة الكتل السياسية حيث سلطوا الضوء على اهمية هذه الخطوة التي اعتبروها بداية للدخول في حوارات جادة بين الكتل. واشار الهاشمي الى ان هذا اليوم quot;سيشكل ان شاء الله منعطفا جديدا في الوضع السياسي القائم حالياquot; . وقال ان quot;دعوة هذا اليوم بالتأكيد كسرت الكثير من الحواجز النفسية بين القادة .. وآمل انها سوف تسهل مهمة القادة في الحوار الجاد والسريع للخروج من ازمة تشكيل الحكومة في المستقبل القريب ان شاء اللهquot;. واضاف ان quot;القادة الذين تحدثوا قد تكلموا بلغة واحدة وبمفهوم واحد وتطلعات مشتركة وركز الكل على الشراكة في الهم والشراكة في المواطنة وفي تحمل المسؤولية الوطنية للمستقبلquot;.

من جانبه قال الحكيم quot;كانت فرصة سعيدة ان نشارك في هذه الوليمة السياسية لنجتمع على مائدة مستديرة وصولا الى الطاولة المستديرة في خطوة لاحقةquot; . واضاف quot;ان مثل هذه اللقاءات والتواصل بين الاطراف السياسية على اختلاف توجهاتها توفر الفرص والمناخات المناسبة لتعميق الاخوة الوطنية بين الاطراف المختلفة وهي رسالة واضحة الى ابناء شعبنا وتعبر عن رغبة القوى والقيادات السياسية في مزيد من التلاحم والتواصل وتقريب وجهات النظر وصولا الى تشكيل الحكومة وعقد البرلمان في اسرع وقت ممكنquot;. وقال quot;نتمنى ان تكون هذه الخطوة مناسبة مهمة في الطريق الصحيح لمزيد من التواصل والتشاور والتفاوض لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة quot;. واشار الى ان quot;الاجواء العامة كانت اجواء تدعو الى التفاؤل والعبارات التي اطلقتها جميع القيادات السياسية بكل اطيافها والافكار التي عبر عنها الجميع كانت افكارا متقاربة الى حد كبيرquot; . وأكد quot; وجود افق واحد و تقارب كبيرquot; .. مضيفا ان quot;التنوع الذي نجده اليوم في هذه الجلسة هو اشارة اخرى الى طبيعة التطور الذي يشهده الموقف والخطوات التي تتعزز يوما بعد اخر لتحقيق هذه الشراكة الوطنية التي نصبو اليها جميعاquot;.

بدوره اشار البولاني الى ان لقاء اليوم يعتبر خطوة تمهيدية للدخول في مفاوضات جادة في المستقبل القريب، مضيفا ان : quot;كل القوى السياسية مهتمة وابدت التزامها ومسؤوليتها في خلق ظروف ومناخ ملائم لبناء حكومة الشراكةquot;. وقال quot;ان ما يجمع القوى السياسية او المشترك الوطني هو كبير ونحن متفائلون في المرحلة القادمة اننا سنستطيع ان نشجع كل المبادرات التي عززتها دعوة فخامة الرئيس هذا اليومquot;.

وعلى الصعيد نفسه فقد عبرت النائبة العراقية صفية السهيل عن استغرابها لعدم دعوة القيادات السياسية النسوية الى الاجتماع الذي كان ذكوريا بامتياز كما قالت .

وقالت السهيل في تصريح مكتوب تسلمت quot;ايلافquot; نسخة منه انها تثمن الجهود المبذولة من لدنطالباني بتوجيهه دعوة للشخصيات والقيادات ورؤساء الكتل السياسية للجلوس على طاولة واحدة لتقريب وجهات النظر ورأب الصدع بينها والتسريع تشكيل حكومة الشراكة الوطنية وهذه الدعوة بحد ذاتها هي مبادرة ابوية رعوية عودنا عليها الرئيس طالباني في مثل هذه الظروف.
وعبرت عن الامل في ان تتوحد الرؤى ويكون انطلاقة لمباحثات وحوارات اكثر جدية للاسراع بانعقاد المجلس النيابي المنتخب الجديد ، والخروج بحكومة شراكة وطنية تحافظ على المسيرة الديمقراطية وتساهم في استقرار البلاد ، ومنع اعداء العملية السياسية والارهابيين من الاستفادة من الخلافات السياسية واستهداف شعبنا ومؤسسات الدولة الدستورية.

غير انها قالت quot;لكن بالوقت نفسه نعبر عن حزننا واستغرابنا ان يعقد هذا الاجتماع المهم الذي يعد -الاجتماع السياسي الاوسع الاول- ، بغياب القيادات السياسية النسوية وان يكون اجتماعا ذكوريا بامتياز والمستغرب اكثر ان يعقد بدعوة من الرئيس طالباني الذي هو رئيس للعراق برجاله ونسائه فضلا عن كونه شخصية ديمقراطية كبيرة دأبت وحرصت على دعم دور المرأة السياسيquot;.

واضافت quot;بالاصالة عن نفسي وعن الذين اعطونا ثقتهم على رأسهم النساء العراقيات اود ان اعبر عن الاجحاف الذي اصاب المرأة العراقية وعن الشعور بتراجع دور المرأة بالعملية السياسية المستقبلية وهو مؤشر غير ايجابي تجاه تطلعاتنا لدور اكبر في الشراكة الحقيقية في بناء العراق الديمقراطي دون إقصاء او تميز على اساس التنوع الاجتماعيquot;.

وقالت quot;نؤكد لفخامة الرئيس طالباني وللقوى السياسية العراقية وممثلي الدول الصديقة والمنظمات والمؤسسات الدولية صاحبة العلاقة في العراق بان العراق يملك قيادات نسائية سياسية انتخبت من قبل الشعب العراقي المؤمن بدورها جراء اثباتها جدارة وقدرة في العمل السياسي المجتمعي فضلا عن دورها في مقارعة الدكتاتورية والارهاب على حد سواء وبذلها تضحيات كبيرة تحملت خلالها الظروف القاسية التي مر بها بلدنا العزيزquot;. وختمت بالقول quot; نتمنى ان يتم مناقشة القصور الذي اصاب العملية السياسية وان تكون هناك ارادة جدية لمعالجته والالتفات لمسألة عدم تبوؤ المرأة للمناصب السيادية والقياديةquot; .

وكان طالباني وجه الثلاثاء الماضي دعوة الى قادة الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية الاخيرة الى اجتماع بعقد اليوم من اجل خلق أرضية ملائمة للحوار بين هذه الكتل للاتفاق على رؤى مشتركة وإيجاد آلية مناسبة حول تركيبة وطبيعة الحكومة المقبلة .
واشارت الرئاسة العراقية الى ان مبادرة طالباني هذه تأتي quot;بعد اللقاءات المطولة التي أجراها مع جميع قادة الكتل وقناعته بأن الوقت يدرك الجميع لذلك يرى أن مثل هذا الاجتماع خاصة في هذه المرحلة ضروري وكذلك فإن الظروف مواتية لعقد هذا الاجتماع الذي سيكون بداية خير للعراقيين جميعا بكل أطيافهم و مكوناتهمquot;.

وينتظر القادة السياسيون حاليا موافقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات وهو ما يتوقع ان يتم مطلع الاسبوع المقبل حيث يتعين بعدها ان يدعو الرئيس طالباني مجلس النواب الجديد الى الانعقاد خلال 15 يوما من موعد التصديق حيث سيرأس أكبر أعضاء المجلس سنا الجلسة الاولى وعلى النواب اختيار رئيس المجلس ونائبيه خلال 15 يوما .. كما يجب على المجلس اختيار رئيس جديد للبلاد خلال 30 يوما من عقد جلسته الاولى. وبعد اختيار الرئيس فان عليه ان يقوم خلال 15 يوما بتكليف اكبر كتلة في مجلس النواب بتشكيل حكومة واختيار رئيس للوزراء المطلوب منه تشكيل ائتلاف حكومي نظرا لعدم حصول اي كتلة على العدد المطلوب من المقاعد البرلمانية التي تؤهله للحصول على موافقة مجلس النواب حيث يتطلب الامر عددا من الاعضاء يبلغ ثلثي عدد مقاعد المجلس البالغة 325 مقعدا .. وبعدها يتوجب على رئيس الحكومة المكلف ان يرشح اعضاء مجلس الوزراء خلال 30 يوما.

واذا فشل رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومة في الوقت المقرر ينبغي على الرئيس ان يكلف شخصا اخر خلال 15 يوما بتشكيل الحكومة لعرض تشكيلتها على مجلس النواب مجددا .
وفي هذا الاطار يتجه الرئيس طالباني حاليا توجيه دعوة الى لقادة الكتل السياسية لعقد جلسة مفتوحة لبحث تشكيل الحكومة .

ويدور الجدل حاليا بشأن أحقية من سيشكل الحكومة خاصة بعد أن أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في بيان لها في السادس والعشرين من شهر آذار (مارس) الماضي ردا على طلب رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي بتفسير المادة 76 من الدستور العراقي التي تشير إلى الكتلة الأكبر في البرلمان التي تشكل الحكومة أن الكتلة النيابية الأكثر عدداً تعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات وحازت العدد الأكثر من المقاعد أو أن هذه الكتلة ناجمة عن تحالف قائمتين أو أكثر من القوائم التي دخلت الانتخابات واندمجت في كتلة واحدة لتصبح الكتلة الأكثر عددا في مجلس النواب الأمر الذي رفضته القائمة العراقية بشدة واعتبرته التفافا على الدستور وانحناء من القضاء العراقي أمام رئيس الحكومة نوري المالكي الذي يتزعم قائمة منافسة.

واكد زعيم القائمة علاوي رفض قرار المحكمة معتبرا أن قرار المحكمة بشأن الكتلة النيابية الأكثر عددا التي يحق لها تشكيل الحكومة المقبلة هو قرار قاض واحد وليس قرار محكمة متهما بعض الأطراف بمحاولة سلب الاستحقاق الدستوري للقائمة العراقية من خلال تسويق هذا القرار.