تسود حالة من القلق لدى كثير من المصطافين على بحر غزة، من الزوارق الحربية الإسرائيلية التي تتحرك في أماكن قريبة من الشاطيء.

على إمتداد شاطئ بحر قطاع غزة، بدا أصحاب الإستراحات في التنافس فيما بينهم بطرق مختلفة لجذب المصطافين مع قدوم فصل الصيف، كمتنفس وحيد لسكان غزة في ظل الحصار إسرائيلي المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات.

وتزين الألوان الزاهية المختلفة على طول ساحل غزة الإستراحات والكافيتريات، فيما الآلاف للعمل في موسم الصيف، متمنين أن يكون على أفضل حالٍ، حسبما قال مهدي عدنان، صاحب إستراحة على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة.

وقال مهدي لإيلاف quot;أتمنى أن يكون هذا الصيف كما الصيف الماضي الذي كانت حركته رائعة جداً، وكان العمل داخل الكافيتريا ذاتها التي إستأجرتها هذا العام أيضاً ممتازاً، واستفاد كذلك نحو 12 عاملاً كانوا يعملون داخلهاquot;.

وأعتبر صاحب الكافيتريا أن فصل الصيف وحده كافٍ لإدخار مبلغ من المال لباقي السنة. وقال quot;لقد أتممت إستعداداتي الكاملة لإستقبال زبائني من الصيف الماضي، فأنا أحاول أن أوفر لهم كل ما يمكن من توفير الراحة والإطمئنان، كغيري من مئات الكافيتريات التي تفتح أبوابها أمام المصطافين على طول ساحل شاطئ قطاع غزةquot;.

ولم يتسنى للفلسطينيين فتح الإستراحات والكافيتريات على شواطئ قطاع غزة في ظل وجود المستوطنات الإسرائيلية. وأقتصرت أماكن وجود الإستراحات على المناطق التي تخلو من تلك المستوطنات فقط، لكن أكثر من نصف طول الساحل كان حكراً على المستوطنين الإسرائيليين. وبعد رحيل إسرائيل عن قطاع غزة، إنتشرت ظاهرة الإستراحات المتواضعة والبسيطة قياساً بإمكانات دول أخرى، على طول الساحل، وفتحت أبوابها أمام مليون ونصف مليون فلسطيني محاصراين ولا يجدون سوى البحر متنفساً له.

واعتبر خالد أبو موسى صاحب إستراحة على شاطئ بحر خان يونس جنوبي قطاع غزة، أن العمل في فصل الصيف quot; فرصة ذهبية في ظل إغلاق غزة بالكامل أمام أي أعمال أخرى، على الرغم من الأسعار المرتفعة لإستئجار الاستراحة والتي تتراوح بين 3000 دولار و10 آلاف دولارquot;.

وقال أبو موسى لإيلاف quot;نبدأ في صناعة الخيام من جديد قبل إنطلاق فصل الصيف، ونعيد ترميم الإستراحة وأماكن جلوس المصطافين، ونبتكر طرقاً جديدة لتحسين الخدمات للمواطنين، وكذلك نهتم كثيراً بالمستوى العالي للنظافة والتنظيم، فنظافة المكان ومستوى الخدمات يمثل الإعلان الدعائي لكل استراحة، وأصحاب الاستراحات يحققون الربح بناء على مستوى خدماتهمquot;.

وتوقع أبو موسى أن يجلب لإستراحته مزيداً من العمال مع اشتداد العمل خلال الشهر المقبل. وقال quot; كان نحو عشرة عمال عندي في فصل الصيف الماضي، لكنني أتوقع هذا العام إقبالاً أكثر بعد إكمال الثانوية العامة إمتحاناتهم في مدارس قطاع غزة، ومع ذلك فإن جموع المصطافين قد بدأت تهل على الشاطئ بكثافة لتفادي موجة الحر الشديدة التي إجتاحت البلادquot;.

ومن النادر أن تنام أسرة فلسطينية على شواطئ بحر غزة في السابق، لكن السنوات التي تبعت رحيل المستوطنين والإحتلال الإسرائيلي عن غزة لاقت طمأنينة في نوم أسر فلسطينية داخل خيام محكمة الإغلاق تابعة لإستراحات وكافيتريات، وهو أمر لم تعتاده تلك الإستراحات منذ سنوات عديدة.

وتعتبر الإستراحات المنتشرة على طول ساحل بحر غزة، فرصة مناسبة لآلاف العمال العاطلين عن العمل، بعد أن منعتهم إسرائيل من العمل داخل مدنها منذ بداية إنتفاضة الأقصى عام 2000م. ومع ذلك لم يخلو شاطئ غزة من إستفزازات وعمليات قصف إسرائيلية سواء للصيادين أو حتى الجالسين على رمال غزة المرصع باللون الذهبي. ولم ينس محمد خليل أبو لحية صورة هدى غالية التي فقدت باقي أفراد أسرتها عند كانوا جالسين على شاطئ البحر شمالي قطاع غزة بعد أن قصفتهم زوارق حربية إسرائيلية.

وقال أبو لحية quot;مشهد لم يغادر ذهني رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحادثة، فكلما أقترب فصل الصيف وبدأ أطفالي بطلب الذهاب على البحر، أكون في حالة من الإستنفار والترقب خوفاً من غدر الزوارق الحربية الإسرائيلية، فهي لن يثنيها أي أمر من إطلاق قذائفها صوب الناس والمصطافين في أي لحظةquot;.

وأضاف أبو لحية quot;لكن هذا لم يمنعني من ضرورة أخذ أطفالي الثلاثة إلى شاطئ البحر أسبوعياً، فهو المتنفس الوحيد الذي تبقى لنا في قطاع غزة، في ظل حصار إسرائيلي وإغلاق كافة المعابر أمام سكان قطاع غزة لنحو أربعة سنوات متتاليةquot;.
تصطف على الرمل الأصفر عدد من القوارب الجاهزة للإبحار السياحي على طول أربعين كيلومتر هو ساحل بحر قطاع غزة.. بضعة أمتار تفصل بين انسياب الأمواج الهادئة، ورقعة الظل التي يصقل فيها الصيادين أجسادهم تحت قواربهم في مجموعات يحكون فيها عن أيام وسنين كانت عندهم كالعصر الذهبي حينما كان الخير وفيراً في البحر.. يترقبون هؤلاء اليوم ومعهم العشرات من أصحاب الإستراحات صيفاً آمناً يخلو من بارود إسرائيل وقذائفها.