قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن استجوابات السجناء والرسائل الهاتفية والإلكترونية التي تمكنت أجهزة الاستخبارات من الحصول على فحواها، بيّنت أن قادة القاعدة العراقيين يشكون من افتقارهم إلى الأجانب المستعدين لتنفيذ هجمات مثلما كان الحال في السابق، في سياق آخر يبدو أن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع البريطانيةحاولوا دفن دراسة عن الظروف المحيطة بحرب العراق.
للمرة الأولى، صار تنظيم laquo;القاعدةraquo; في العراق شبه عاجز عن شن هجمات انتحارية جديدة في العراق بسبب النقص الحاد الذي تعاني منه في المتطوعين خاصة وسط الأجانب. هذا هو ما صرّح به وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في حوار مع صحيفة laquo;اندبندانتraquo; البريطانية ونشرته الجمعة.
وتبعا له، فقد اتضح من استجوابات السجناء والرسائل الهاتفية والإلكترونية التي تمكنت أجهزة الاستخبارات من الحصول على فحواها، أن قادة القاعدة العراقيين يشكون من افتقارهم إلى الأجانب المستعدين لتنفيذ تلك الهجمات مثلما كان الحال في السابق.
وورد في الحوار أن القاعدة العراقية تعتمد بشكل رئيس على أصوليين أجانب غالبيتهم من المملكة العربية السعودية واليمن والأردن وسورية والجزائر والمغرب، إضافة الى دول إسلامية أخرى. وكان هذا التيار الأجنبي قد أتاح لها القدرة على القيام بسبع أو ثماني هجمات انتحارية في اليوم الواحد.
ويعتقد زيباري أن نقص الانتحاريين في العراق يعود الى عدة عوامل منها أن اهتمام الأصوليين ينصبّ الآن على أفغانستان وباكستان، وأن الأميركيين ينسحبون شيئا فشيئا من العراق، إضافة الى جهود الأجهزة الأمنية العراقية والأميركية في التصدي للإرهابيين.
ويذكر أن زيباري من قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني وظل يشغل منصبه هذا في سائر حكومات العراق منذ سقوط صدام. وقد تعرضت وزارته لأضرار كبيرة نتيجة انفجار قنبلة بسيارة مفخخة قتلت 42 من عامليها وجرحت عديدين آخرين في اغسطس (اب) الماضي. وقال الوزير العراقي: laquo;اعتقد أن القاعدة ستسعى إلى تجميع مواردها الباقية من أجل هجوم يائس كبير في العاصمة بغداد في وقت قريبraquo;.
وبينما شهد العام 2007 مقتل 5 آلاف و480 شخصا، انخفض هذا العدد الى أقل من النصف في 2008 ثم الى ألفين و58 شخصا خلال السنة الماضية. وتبعا لإحصاءات laquo;مؤسسة يروكينغزraquo; فقد بلغ عدد القتلى 346 شخصا منذ بدء العام الحالي.
وقال زيباري إن العامل الوحيد الذي يصبّ لصالح القاعدة الآن يتمثل في المأزق السياسي الذي يمنع البلاد من تشكيل حكومتها الجديدة، بسبب أن انتخابات السابع من مارس (اذار) الماضي لم تُحسم بوضوح لصالح أي جهة. وفي جو سياسي كهذا، يؤدي حتى أصغر الهجمات الى اختلال واضح في حياة الناس اليومية.
وضرب الوزير مثالا لهذا بقوله إن نائبا منتخبا جديدا اغتيل في بداية الأسبوع الحالي في الموصل ضحية لهجوم من القاعدة بشكل شبه مؤكد. ومع ذلك فقد سارع الساسة السنّة لإلقاء اللائمة على الحكومة قائلين إنها لم توفر الحماية الكافية له.
وتبعا للصحيفة فقد بدا الوزير العراقي قانطاً وهو يعدد الصعوبات التي تواجه مساعي البلاد لتشكيل حكومة جديدة كنتيجة مباشرة للعداوات بين معسكري رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والفائز بالانتخابات بفارق ضئيل إياد علاوي. ودعا زيباري الأمم المتحدة لأن تحل محل الولايات المتحدة laquo;التي أدت في ما مضى دورا حيويا في إقناع الضدين بالعمل معا من أجل مصلحة البلادraquo;.
لكنه يضيف قوله إنه يعتقد أن المساعي الأميركية لمظلة ائتلافية بين المالكي وعلاوي laquo;لن تكون موفقة، لأن مكمن الصعوبة هو: من يجلس على الكرسي الأعلىraquo;؟ ومضى ليحذر من أن الانقسامات العراقية الداخلية ستؤدي الى مزيد من تدخل القوى الخارجية في شؤون البلاد، مشيرا بالتحديد الى إيران وتركيا وسورية.
الجنرال المكمم
في لندن وردت أنباء تفيد أن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع حاولوا دفن دراسة أعدّها اللفتنانت - جنرال كريس براون عن الظروف المحيطة بحربالعراق. ويذكر أن كريس كان آخر ممثل عسكري لبريطانيا في بغداد العام 2009.
وقال صحيفة laquo;غارديانraquo;، التي أوردت النبأ، إن تكليف الجنرال إعداد هذه الدراسة جاء في أعقاب تزايد الأدلة على أن قرار الغزو اتخذ من دون استعدادات كافية أو دراسة متأنية لمترتباته. وكان بعض كبار العسكريين البريطانيين قد أدلوا بشهادات دامغة في هذا الشأن في العام 2003 أمام laquo;لجنة تشيلكوت للتحقيقraquo;.
وكان أحد أهداف هذه اللجنة هو النظر في الدروس المستقاة من قرار الغزو وقانونيته ومبرراته وغياب الدراسة وراءه، ما يجعله أقرب شيء لأزمة السويس في العام 1956. وتحت هذه الضغوط لجأت وزارة الدفاع إلى إعداد دراسة خاصة بها وكلفت الجنرال كريس إعدادها.
لكن الدراسة احتوت على انتقادات بلغت حدة قسوتها أن الوزارة قررت، لدى إكمالها، طمرها بالكامل تفاديا للحرج الهائل الذي تسببه لها. وقالت laquo;غارديانraquo; إن قائد السلاح الجوي إضافة الى رئيس هيئة أركان الدفاع وبعض كبار المسؤولين العسكريين الآخرين هم الذين اتخذوا هذا القرار حتى لا تصل نتائج الدراسة الى لجنة تشيلكوت وتخرج الى العلن.
التعليقات