اعتبر المحلل السياسي يوأف شطيرن، في حديث مع إيلاف، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو في ورطة سياسية حقيقية بسبب السياسة التي يتبعها رئيس بلدية القدس، نير بركات، والتي تسعى إلى تفجير الوضع في القدس من خلال المزيد من التضييق على الجانب الفلسطيني في المدينة، ومحاولة مواصلة عمليات البناء الاستيطاني في المدينة من جهة، وتشديد الخناق على البناء الفلسطيني من جهة أخرى.

تل أبيب: قال المحلل السياسي الإسرائيلي المعروف،يوأفشطيرنفي حديث مع إيلاف، إن رئيس بلدية القدس، نير بركات، الذي انتخب أصلا على أجندة مقاومة التأثير المتزايد للأصوليين الحريديم من اليهود، يسعى إلى تطبيق أجندته اليمينية المتطرفة، مستندا إلى أن قوانين التنظيم والبناء تمنحه حق القرار داخل نفوذ بلدية القدس، وإلى حقيقة وجود عناصر داخل حزب الليكود تشجع كل بناء في القدس، وتعمد على ما يعتبر إسرائيليا إجماعا على كون القدس عاصمة أبدية لإسرائيل.

وردا على سؤال حول وجود تقاسم أدوار بين نتنياهو من جهة وبين رئيس بلدية القدس، نير بركات من جهة أخرى قال شطيرن : لا أعتقد ذلك فلست واثقا من أن نتنياهو راض عن هذا الموضوع . أعتقد أن نير بركات يحمل أجندة خاصة به وانه في هذه الفترة بالذات، والتي وضعت فيها القدس تحت المجهر، قرر بركات الاستفادة من ذلك وفرض أجندته هو خلافا لموقف نتنياهو، ذلك أن نتنياهو هو الذي سيكون في عزلة دولية إذا ما نفذ هذا المشروع، وهو الذي سيكون عليه تقديم إيضاحات لرئيس الأميركي براك أوباما، ولذلك لا أعتقد أن هناك تقاسم أدوار بين الرجلين.

ولفت شطيرن إلى أن إجراءات التخطيط والبناء، في اللجنة المحلية لبلدية القدس، ليست خاضعة تماما لسيطرة الحكومة بل إن الأخيرة لا تستطيع أحيانا وفي المراحل الأولية التدخل في الأمر لأنه ضمن نفوذ البلدية بموجب القانون وأعتقد أنه لو كان الأمر متروكا لنتنياهو لما كان اختار هذا الاتجاه. على أية حال وفي ظل ما يحدث في حين سلوان، فإنه سيكون على أحد ما أن يعطي إيضاحات وأجوبة للحكومة وللأطراف الخارجية حول حقيقة ما يحدث هنا.

وفي رد على سؤال حول عجز الحكومة الإسرائيلية المعلن عن التدخل مقارنة بمواقفها المعلنة عادة بأن القدس تحت سيادتها، وبالتالي كيف يمكن لها الآن أن تنفي قدرتها على التأثيرفي مجريات الأمور في المدينة التي تدعي سيطرتها وسيادتها عليها ، ولا سيما أن نتنياهو يكثر من إصدار تصريحات في هذا الاتجاه، وهي تصريحات تغذي عمليا سياسة بركات،قال شطيرن: ما تقوله كان صحيحا وساريا حتى قبل عدة شهر ولكن في غضون هذه الأشهر بدأت الولايات المتحدة تتابع إزاء الحكومة الإسرائيلية ما يحدث في شرقي القدس. ما تقوله كان صحيحا في الماضي عندما كانت إسرائيل تعلن أن شرقي القدس هي تحت سيادتها وكانت الولايات المتحدة تنضم إلى الموقف الإسرائيلي وتؤيده، لكن إدارة أوباما ترفض هذا الموقف، وهي ليست على استعداد لإطلاق يد إسرائيل في البناء الاستيطاني بحرية كما كان الحال في السابق عند بناء أحياء استيطانية مثل غيلو ورمات شلومو، وجبل أبو غنيم. وهذا تغيير كبير طرأ مثلا في الموقف الأميركي خلال الفترة الأولى من ولاية نتنياهو الحالية ، وما يحدث في سلوان اليوم ينطبق عليه هذا الموقف الأميركي الجديد، وكان يمكن أن تمر العمليات الإسرائيلية في quot;وادي الملكquot; بسهولة، لكن الأحوال تغيرت اليوم.

وقال شطيرن إنه لا يعرف تماما ما هي قدرة الحكومة على فرض إرادتها على بلدية القدس. ولكنني أقول إن كل طرف في الجانب الإسرائيلي يحاول عرقلة أي اتفاق مستقبلي بين الفلسطينيين وإسرائيل ، يشرع في البناء في القدس، وهو أمر يناقض المصلحة الإسرائيلية بعيدة المدى، المتمثلة باعتقادي بدولتين لشعبين وبتقاسم القدس بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ولكن عند الاستيطان في شرقي القدس فهذا يعني عدم الخروج من المدينة وعدم التوصل إلى حل مع الفلسطينيين، ومن الواضح أن عناصر اليمين والمستوطنين لا يهمهم ذلك بل هم يسعون إلى عرقلة وإحباط أي اتفاق مستقبلي.

واعتبر شطيرن أن هذا الموضوع هو بمثابة امتحان لنتنياهو الذي عليه أن يقرر هل يستمع ويتجاوب مع المتطرفين في حزبه وفي صفوف اليمين، أم أنه رجل مسؤول يقود دولته نحو مستقبل أفضل.

إلى ذلك استبعد شطيرن أن يؤدي ملف سلوان الحالي، خصوصا وأنه لا يدور الحديث عن مشروع يمكن البدء بتطبيقه غدا، على تصعيد إسرائيلي فلسطيني، ولا سيما أن القيادات الفلسطينية تدرك اليوم أن أي تصعيد أو مواجهة من شأنها أن تقلب الأمور رأسا على عقب، وخصوصا أن الإدارة الأميركية تناصر اليوم الموقف الفلسطيني بوجوب تجميد كل المخططات الإسرائيلية في شرقي القدس.

وردا على تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي إيهود براك الذي اعتبر أن قرار اللجنة اللوائية بهدم 22 منزلا في سلوان هو قرار غبي، قال شطيرن إن لبراك وزنا نوعيا في الحكومة الإسرائيلية، وبالتالي فهو قادر على التأثير على قرار نتنياهو في هذا السياق.

من جهتها نقلت صحيفة هآرتس على موقعها الالكتروني عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها إن الحكومة غير قادرة حاليا على البت في الموضوع، ولكن عندما يصل الملف للجنة اللوائية للتخطيط والبناء فسوف تسعى إلى تجميد هذا الملف على الأقل إلى حين التوصل إلى تسوية مع السكان الفلسطينيين في سلوان. وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل تدعي بأن الأراضي التي تعتزم بلدية القدس مصادرتها وإقامة حديقة تاريخية ومتنزه على أرضها هي أراض عامة وليست أراضي بملكية خاصة، وأن السكان الفلسطينيين قاموا بالبناء عليها خلافا للقانون.