جازان تنفض غبار الغياب والحرب والنزوح

قصص من الألم والمعاناة تعرض لها النازحون السعوديون من فلول حرب الحدود اليمنية مع جماعة الحوثيين التي فاجأت كافة سكان تلك المناطق الحدودية، فتلك معاناة أم فقدت ابنها الذي ارتحل لمدينة جدة للعمل والآخر فقد زوجته بعد أيام نتيجة مشكلة صحية، ولم تخل المواقف من وجود quot;العشاقquot; في هذه المخيمات وطلب ذلك الشاب بخطبة فتاة شاهدها بمخيم الإيواء ورغبته بأن تكون quot;إيلافquot; الشاهد على فرحة حب عذري.

إلى الجنوب الشرقي باتجاه محافظة احد المسارحة (50 كلم عن مدينة جازان) حيث مخيمات الإيواء الخاصة بالنازحين من محافظة الخوبة حسب الإسم الشعبي والتاريخي أو الحرث حسب الاسم الإداري الجديد، على الطريق كانت بعض العربات العسكرية لوحدات من القوات البرية السعودية متجهة نحو منطقة النار الحدودية بمحافظة الخوبة التي لا تبعد عن أحد المسارحة سوى (30 كلم)، وكان التعزيز الأمني لقوات أمن الطرق وحرس الحدود السعودي ملاحظًا طول الطريق.

آثار الحريق الذي وقع بالمخيم quot;عدسة إيلافquot;

حين وصلت quot;إيلافquot; إلى معسكرات الإيواء تلفت النظر المساحة الكبيرة للخيام المنتشرة على مساحة تقدر بـعشرة آلاف كلم مربع، تكتسي بياضًا باهتًا غسلت غباره المطر الذي كان غائبًا عن المنطقة لأكثر من خمسة أشهر، تحيط بالمخيم إدارات محافظة الخوبة المرتحلة إجبارًا بمباني متنقلة كان أغلبها مقفلاً حين وصولنا الساعة العاشرة صباحًا،على الرغم من الوقت المبكر للدوام الرسمي بالسعودية، إدارة الدفاع المدني والمركز الصحي الميداني ودوريات الأمن داخل المخيم متواجدة وبكثافة لتغطية احتياجات المخيم ونازحيه والقيام بأعمالها تجاه راحتهم.

quot;أمquot; تعد دقائق الانتظار ..
حين دخلنا إلى المركز الصحي كان الطفل فارس يبدو منهكا جراء حرارة أعيته عقب الأمطار وما صاحبه من اختلال صحي لمن لا يحتمل ذلك الوضع، تقول والدته السعودية الجنسية بلهجة القناعة quot;وضعنا الصحي ميسورquot; وبدأت دون أي تساؤل بسرد قصتها والعبرة تخنقها quot;ابني غادر قبل ثلاثة أشهر ولا أعلم أين هو حتى الآنquot; وأضافت أم فارس أن ابنها الكبير غادرها للبحث عن مصدر للرزق بمدينة جدة عقب نقلهم مع أطياف النازحين إلى مخيمات الإيواء، تقول أم فارس إن ابنها الكبير (علي) كان هو القائم بشؤون المنزل في جلب الرزق والعيش من مزارعهم التي يعيشون في وسطها منذ وفاة زوجها قبل أربع سنوات، وتضيف أنها لا تريد سوى الوصول إليه للاطمئنان على حاله وحين سألنا عن سبب مغادرته قالت أنه كان ينوي العودة قبل الأشهر الثلاثة لمزرعتهم ومنزلهم للاعتماد على نفسه في إعانتنا على قوتنا، إلا أن سلطات الأمن السعودية رفضت طلبه حرصًا على سلامته.

المدرسة المتوسطة داخل مخيم اللاجئين quot;عدسة إيلافquot;

quot;حريقquot; يمر بسلام داخل المخيم

وفي تجوالنا على المخيم قصدنا مقر الشؤون الاجتماعية بالمخيم الذي كان مغلقا دون ذكر للأسباب اتجهنا بعده إلى مقر إدارة الإسناد والإيواء بالدفاع المدني بمقر المعسكر الذي تجنب ضباطه الحديث والتزموا على حد قولهم بتعليمات التصريح بواسطة المتحدث الرسمي للدفاع المدني بمنطقة جازان الذي أفادنا نائبه بأن الملزم بالرد حول مواضيع الإيواء هو مدير الإسناد والإيواء بالدفاع المدني بمنطقة جازان العميد هاشم صيقل الذي حاولت quot;إيلافquot; التواصل معه دون فائدة.

وصلت إيلاف إلى داخل المخيمات الخاصة بالنازحين التي أحيطت بسياج منعا للتسلل إليها إلا من خلال تصاريح أعدتها إدارة الدفاع المدني للعبور من بوابتها، أثناء الجولة سيرًا على الأقدام ومررنا بالعديد من المخيمات التي ارتسم عليها شعار (السعودية مملكة الإنسانية) استوقف الجولة بعض ركام من رماد بأقصى الشمال من المخيم اتضح بعد السؤال أن حريقًا شب ببضع من الخيام السبت الماضي دون حدوث أي أضرار بشرية في صفوف النازحين.

الشاب ق.م (عدسة ايلاف)


quot;البدونquot; أزمة حقيقية داخل المخيمات
في التجوّل بين مخيمات النازحين مررنا بالعديد من ذكورهم وإناثهم تجمعهم سجية واحدة يقبلون النقاش والحوار معنا دون خوف أو قلق كانت الدعوات لأميرهم محمد بن ناصر تسبق كل تساؤل يوجه إليهم وصلنا إلى المتضرر من حريق خيمته (م.ش) الذي بدأ في شكواه من عدم استفادته من المعونات المالية التي تقدم للنازحين كونه لا يملك الجنسية السعودية رسميًا وإنما يملك تصريحًا منذ سنوات يفيد أنه يملك تصريحا يعامل به كسعودي هو وأفراد عائلته المدونين به. ويقول إن أصعب لحظاته بالمخيم كانت وفاة زوجته التي توفيت متأثرة بمرض السرطان بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض التي نقلت إليه من المخيم بعد اشتداد مرضها إلا أن قدر وفاتها كان أسرع.

quot;إيلافquot; دخلت أحد المخيمات حيث يتواجد 11 شخصًا في مساحة لا تتعدى (16م2) مقطوعة الكهرباء عن بعض المخيمات بعد حريق السبت، وتحدث (م.ش) بحرقة عن وضعه المادي الذي آل إليه بعد انتقاله إلى مخيم النازحين الذي فقد به دخله من مزرعته التي كانت تؤمن له احتياجات أبنائه وبناته الذين يتواجدون في مقر مجمع المدارس داخل المخيم بعد تشرّدهم من الحريق الذي أشعل خوف والدهم عليهم أكثر من السابق.

م.ش (عدسة إيلاف)


الأمطار تزيد أزمة الكوارث.
حين يرفع الناس أياديهم إلى الرب طلبا للماء هناك من يستفيد لكن ليس هذا هو حال النازحين الذين يخشون منه ومن نزوله لأنه يصيبهم برعشة الخوف من الغرق والمرض على أطفالهم، قال أحد سكان المخيم (البدون) الذين يتجاوز عددهم 300 شخص داخل معسكرات النازحين أنه قبل بضعة أيام حمل ابنته وزوجته,اللتين هددتهما الأمطار الغزيرة على المبيت بسلام,على أكتافه حتى نقلهم إلى مكان أفضل داخل المخيم.

الأغراض الشخصية للنازحين بعد الأمطار والحريق (عدسة إيلاف)

محافظ الخوبة : سيتم إغلاق المخيم نهائيا.
وفي حديث خاص quot;لإيلافquot; قال محافظ الخوبة محمد الشمراني أن جميع النازحين هم سعوديون حتى حاملي التصاريح الخاصة بأوراق ثبوتية لوجود تصحيح لوضعهم لدى إدارة الأحوال المدنية وأكد الشمراني أن جميع من دخلوا إلى مخيمات النازحين بأحد المسارحة هم سعوديون وسيعاملون سواسية من حيث الأمور التعويضات والاحتياجات الأساسية، وعن سؤالنا عن أعداد النازحين بالمخيم أوضح محافظ الخوبة أن العدد يتجاوز 11ألف نسمة وأضاف أن نسبة كبيرة منهم غادروا المخيم لوجود أماكن سكنية لهم بالمحافظات والمدن الأخرى.

وعن نقل بقية النازحين الذين لا يزالون متواجدين في المخيمات أوضح المحافظ أن توجيهات العاهل السعودي أمرت بإخلاء المخيم والبحث عن طرق لتسكين بقية النازحين الذين لازالت إجراءات إثبات هويتهم السعودية تحت الإجراء الإداري، وأضاف أن طبيعة الجو خصوصا فترة الصيف زادت في حاجتنا إلى نقل النازحين لمقرات للسكن أفضل من المخيم الذي يفتقد إلى العديد من الاحتياجات على حد وصفه. وعن كيفية تعويض النازحين قال محافظ الخوبة محمد الشمراني أن رب الأسرة يحصل على 4000 ريال شهريا ويحصل كل فرد بالأسرة على 800 ريال كحد أدنى، وأضاف أن قيمة السكن تدفع بالتنسيق مع وزارة المالية السعودية التي تحدد القيمة مع مالك العقار المؤجر سواء كانت شقق أو منازل.

في الجزء الثالث:
الخوبة ما بعد الحرب !
وماذا طلب ذلك العاشق النازح من quot;إيلافquot; لتسيير ارتباطه بمعشوقته؟