أكدت الأحزاب العربية الرئيسة في الكنيست الإسرائيلي ( التجمع الوطني الديمقراطي، الجبهة الديمقراطية، والحركة الإسلامية) أنها لا تعول على أي مفاوضات مباشرة قد تنطلق بين إسرائيل والجانب الفلسطيني في شهر سبتمبر، كما يلوح في الأفق لأن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم فعليا على أي خطوة تشير إلى استعدادها الفعلي عن التنازل عن بناء المستوطنات، وعن وقف مسلسل التهويد في القدس، أو الاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
نضال وتد من القدس: رأى نواب عن هذه الأحزاب في الكنيست في حديث خاص مع إيلاف أن نتنياهو سيكون الرابح الوحيد من مثل هذه المفاوضات، حيث سيوظفها للخروج من أزماته الداخلية ( في الائتلاف اليميني الحاكم) وفي إخراج إسرائيل وتحريرها من الضغوط الدولية عليها. وقد استطلعت إيلاف آراء ثلاثة أعضاء كنيست يمثلون الأحزاب العربية الرئيسة في إسرائيل الممثلة في الكنيست بأكثر من نائب واحد، وهم: رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي د. جمال زحالقة ورئيس كتلة الجبهة البرلمانية عضو الكنيست د. حنا سويد، وعضو الكنيست عن الحركة الإسلامية، مسعود غنايم.
جمال زحالقة: نتنياهو يحتاج المفاوضات لرفع الضغوط عنه وتحويلها ضد إيران
جمال زحالقة - خاص إيلاف |
يستهل عضو الكنيست جمال زحالقة حديثه بالتأكيد أن نتنياهو معني جدا وفعلا بإطلاق المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين بشرط ألا تفضي إلى نتائج حقيقية وهذا ما يريده نتنياهو، فهو معني بهذه المفاوضات لأسباب كثيرة سياسية واقتصادية لأن هذه المفاوضات توفر له عدة امتيازات أولها دعم الاقتصاد الإسرائيلي وفتح الطريق أمام تدفق الاستثمارات المالية الهائلة على إسرائيل، وخاصة في قطاعات الصناعات التكنولوجية المتطورة، ما سيرفع الناتج القومي المحلي الإسرائيلي بنسب تتراوح بين 2-3% وفق توقعات محافظ بنك إسرائيل، إضافة إلى النسبة العادية المتوقعة 4% لأن المفاوضات تعني الاستقرار السياسي والاقتصادي. ففي العام 2000، قبل اندلاع الانتفاضة الثانية كانت نسبة الناتج القومي المحلي 7% تراجعت بعد اندلاع الانتفاضة إلى -2% في العام 2002 إذ انخفضت الاستثمارات المالية في قطاع الهايتيك في إسرائيل بعد الانتفاضة الثانية من 10 مليارات دولار إلى أقل من مليار، وهي ما نعتبرها الاستثمارات الأيديولوجية أي الأموال التي يستثمرها يهود في إسرائيل في كل الأحوال.
ولكن من الناحية السياسية أيضا فإن مجرد الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين يعفي إسرائيل ويريحها من الضغط الدولي الذي تتعرض له وحالات العزلة هنا وهناك. ونتنياهو بحاجة إلى هذه المفاوضات للخروج من أزماته الداخلية وليلوح بورقة quot;سياسيةquot; غطاء لمواصلة التجميد وليس وقف الاستيطان. ففي حال كانت هناك مفاوضات مباشرة يستطيع نتنياهو أن يقول إنه لا يمكنه وقف تجميد الاستيطان طالما كانت هناك مفاوضات، أي يوفر لنفسه حماية من العناصر اليمينية في ائتلافه الحكومي، وفي المقابل يحظى بتخفيف الضغوط والعزلة لأن المجتمع الدولي لن يقبل بأن يستأنف نتنياهو الاستيطان. كما أن نتنياهو بحاجة إلى هذه المفاوضات كخطوة تمكنه من الانتقال من الضغوط الدولية المفروضة عليه إلى حشد التأييد والدعم الدولي للمواقف الإسرائيلية في المفاوضات، ونقل الضغوط إلى الجانب الفلسطيني والانتقال للضغط على الجانب الفلسطيني بعد تحرير إسرائيل من هذه الضغوط.
وفي مثل هذه الحالة فقد يستغل نتنياهو المفاوضات المباشرة لخلق الوهم من جديد وتحويل الضغوط الدولية أيضا ضد إيران.
العرب قادرون على الضغط على حكومة نتنياهو
ويرى عضو الكنيست جمال زحالقة أن للعرب دورامهما في هذه المرحلة. فقد أثبت نتنياهو، وفق د. زحالقة، أنه يتراجع عند ممارسة الضغوط عليه وبالتالي فإن بمقدور العالم العربي، على ضعفه، أن يمارس ضغوطا قوية على إسرائيل وإجبار حكومة نتنياهو على تقديم التنازلات، ويرى زحالقة أن هناك خطأ استراتيجيا في الجانب الفلسطيني والعربي في التعامل مع حكومة نتنياهو الحالية، لأنها أولا حكومة متطرفة ولا يمكن التوصل معها إلى أي اتفاق حتى مع الذين على استعداد لتقديم التنازلات لها. هذه الحكومة غير ناضجة لأي تسوية سياسية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم تستوعب لا السلطة الفلسطينية ولا العالم العربي أن نتنياهو يخضع للضغوط، وهو أثبت ذلك، وبالتالي فيمكن من خلال حشد دعم دولي لفكرة عزل هذه الحكومة ومحاصرتها والضغط عليها، أن نخضع نتنياهو للضغوط وانتزاع التنازلات من حكومته وتغيير مواقفه في كثير من القضايا وخاصة قضايا القدس وحصار غزة، وممارساتها تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وحتى تجاه الفلسطينيين في الداخل. المشكلة هي بعدم وجود الضغوط، والعالم العربي على ضعفه يمكنه أن يضغط على حكومة نتنياهو لكنه لا يقوم بذلك. وكانت هناك محطات كثيرة أمكن خلالها الضغط على إسرائيل مثل تقرير غولدستون، وأسطول الحرية، لكن العالم العربي لا يتحرك في هذا الاتجاه مع أنه فقط بواسطة هذه الضغوط يمكن تحقيق الكثير والحصول على كثير من التنازلات من كومة نتنياهو.
عضو الكنيست مسعود غنايم: على القيادة الفلسطينية ألا تعطي نتنياهو جائزة المفاوضات المباشرة
مسعود غنايم - خاص إيلاف |
أما عضو الكنيست من الحركة الإسلامية، مسعود غنايم فلا يعتقد أن المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين يمكن لها أن تنطلق في سبتمبر، ويقول إنه على القيادات الفلسطينية ألا تعطي هذه الحكومة جائزة على هيئة مفاوضات مباشرة. في الوقت الذي يريد فيه نتنياهو مواصلة الاستيطان والمشروع الاستيطاني بشكل أكبر. يعني المشكلة الاستيطانية بقيت فهي ليست قضية تجميد أو عدم تجميد وإنما وقف الاستيطان كليا، لأنه من دون هذا الشرط أنا أعتقد أن على القيادة الفلسطينية أن تحترم نفسها وألا تجدد هذه المفاوضات المباشرة وألا تعطي بنيامين نتنياهو هذه الجائزة مرة أخرى.
على المفاوض الفلسطيني والمفاوض العربي وعلى لجنة المتابعة العربية التي كما أعرف ستجتمع قريبا أن تتخذ موقفا صلبا إزاء الحكومة الإسرائيلية اليمنية المتطرفة، وألا يكرروا أمامنا الأسطوانة نفسها بأن الخيار الوحيد أمام العرب هو خيار السلام فقط. يجب أن يفهم بنيامين نتنياهو وأميركا أيضا أن أمام العرب خيارات أخرى غير خيار السلام، على الأقل كوسيلة ضغط على هذه الحكومة الإسرائيلية التي تريد إطلاق مشروع استيطاني أكثر من السابق.
حكومة نتنياهو تشرع قوانين عنصرية وأخرى تستبق أي تسوية سلمية
عضو الكنيست مسعود غنايم لفت في هذا السياق إلى تمرير قانون الاستفتاء الشعبي وأغلبية غير عادية لإقرار أي انسحاب من الأراضي العربية في سياق تسوية واتفاق سلام مع العرب، واعتبر أن هذا القانون، وقوانين عنصرية أخرى يسنها الكنيست وترمي إلى إعاقة العملية السلمية أو تركز على يهودية الدولة تؤكد أن الحكومة الحالية في إسرائيل غير جدية في القيام بعملية سلام تؤدي إلى إعادة الأراضي المحتلة، ويكفي دليلا قانون الجولان، وهذا يؤكد التناقض بين إطلاق عملية سلام على أساس الأرض مقابل السلام، ثم تشرع قوانين تمنع تطبيق مبدأ الأرض مقابل السلام، وخاصة في ما يتعلق بالقدس.
ويتفق غنايم مع عضو الكنيست زحالقة أن نتنياهو لا يفهم إلا منطق القوة، ويضيف إن حالة الضعف العربي والانقسام الفلسطيني تخدم مصالح نتنياهو فلا يمكن الدخول في مفاوضات جادة وانتزاع الحقوق في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون الانقسام وتصدع الصف الفلسطيني والعربي.
عضو الكنيست حنا سويد: المفاوضات المباشرة ستنطلق ولكنها لن تحقق شيئا
حنا سويد - خاص إيلاف |
يعرب عضو الكنيست ورئيس كتلة الجبهة، د. حنا سويد عن اعتقاده أن المفاوضات المباشرة ستنطلق في موعدها المرتقب، خصوصا وأن هناك تغطية من الجامعة العربية. كما أن اجتماع نتنياهو وأوباما يؤكد أن وراء الأكمة ما وراء وأن هناك اتفاقا مع القادة العرب بإطلاق المفاوضات. وباعتقادي فإن القيادة الفلسطينية اليوم في وضع ستقبل فيه بدء المفاوضات إذا تلقت إشارة بذلك من العالم العربي، لكن هذه المفاوضات لن تفضيإلى نتائج إيجابية باتجاه حل القضية الفلسطينية وتحقيق المطالب العربية والفلسطينية.
ولفت عضو الكنيست حنا سويد إلى أن الوضع الحلي والمفاوضات المرتقبة تذكرنا بالمفاوضات خلال حكومة أولمرت وهو يقول لإيلاف: كانت هناك مفاوضات جارية على قدم وساق، ولكن وفي الوقت ذاته أيضا شهدنا الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المختلفة. الحكومة الإسرائيلية ترى في معاودة المفاوضات وسيلة تغطية على ممارستها على أرض الواقع وبالتالي فإن الأمر يتوقف على المفاوض الفلسطيني وهل سيسمح بإعطاء صورة للعالم بأنه تجري مفاوضات حقيقية فيما تتواصل الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية، وممارسة الاحتلال كالمعتاد، أو أن يشترط الجانب الفلسطيني وقف كل هذه الممارسات، وأن يرفض أن تكون المفاوضات غطاء لإسرائيل وممارساتها الاحتلالية المختلفة.
وخلص عضو الكنيست د. حنا سويد إلى القول: إنه في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية ومستوى الدعم الأميركي المتوفر لها فلا يمكن التعويل على إجراء مفاوضات حقيقية وخاصة أننا شبعنا من المفاوضات، ونريد مفاوضات تفضي إلى نتائج حقيقية وواقعية تتمثل بانتهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وهذا ما لا أعتقد أن هذه الحكومة مستعدة له.
التعليقات