في وقت يسعى القادة العراقيون لتسجيل تقدم على طريق حل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة قبل مراجعة مجلس الأمن الاسبوع المقبل للأوضاع في بلادهم خشية اتخاذه موقفا قد يتعارض وخياراتهم المطروحة فإن خلافات ما زالت تخيم على الاجواء السياسية قبل 24 ساعة من جلسة لمجلس النواب ستعقد غدا هي الثانية منذ افتتاحه في 14 من الشهر الماضي ستحاول الكتل خلالها الاتفاق على اختيار رئاسة موقتة للمجلس تتمكن دستوريا من قيادة اجتماعاته وسط تهديدات ائتلاف المالكي بمقاطعتها اثر اجتماع له اليوم.

يعقد مجلس النواب العراقي غدا الثلاثاء جلسة ثانية في محاولة لاختيار رئاسة موقتة له وسط خلافات ما زالت تعيق التوصل إلى اتفاق على المرشح الذي يتولى هذا المنصب. وتطرح كتل سياسية حلا وسطا للمشكلة باختيار رئيس السن للمجلس حاليا القيادي في الائتلاف الكردستاني فؤاد معصوم رئيسا موقتا. لكن الاكراد يشترطون ان لا يكون هذا الاختيار على حساب مطالبتهم بمنصب رئاسة الجمهورية الذي يرشحون له الرئيس الحالي جلال طالباني.

ويواجه اختيار رئاسة البرلمان مشكلة اخرى تتعلق بعدم رغبة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في انجاز هذه المهمة نظرا لان ذلك سيمكن لاحقا من طرح مشروع على مجلس النواب بسحب صلاحيات حكومته وتحويلها الى تصريف اعمال لان مثل هذا المشروع لايمكن لرئيس السن بحسب النظام الداخلي للمجلس طرحه وانما يحتاج الى رئاسة منتخبة.

ومن هنا يعارض ائتلاف المالكي دعوة كتلتي العراقية بزعامة اياد علاوي والائتلاف الوطني بقيادة عمار الحكيم إلى عقد جلسة استثنائية للمجلس الاحد المقبل للتصويت على هذا المشروع مؤكدا انه قد يقاطع جلسة يوم غد كما اعلن اثر اجتماع له اليوم في مقر البرلمان.

وبهذا الصدد فقد أكد عضو ائتلاف دولة القانون عزت الشابندر ان ائتلافه لن يحضر الجلسة الاستثنائية التي دعا اليها ائتلافا العراقية والوطني لتحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف اعمال quot;لأن ذلك سيدخل البلاد في فراغ أكثر خطورة من الفراغ الحاليquot; بحسب قوله.

وأوضح في تصريح صحافي اليوم أن الدعوة إلى حضور جلسة استثنائية لتحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف اعمال ستنهي ما يسمى بالجلسة المفتوحة وقبل ذلك على الكتل ان تصوت لاختيار رئيس جديد لمجلس النواب فالجلسة الاستثنائية بحاجة الى رئيس برلمان وليس رئيس سن والبرلمان الحالي غير قادر على اتخاذ قرار وما زالت الجلسة مفتوحةquot;. واشار الى ان ائتلاف دولة القانون سيقاطع الجلسة الاستثنائية quot;لانها ستدفع العراق الى فراغ اكثر خطورة من الفراغ الذي يعيشه الانquot;.

وقبل ساعات من استئناف مجلس النواب لاجتماعاته فان الآراء ما زالت متباينة فالبعض يريد تسمية رئيس للبرلمان ونائبين بشكل موقت والبعض الآخر يدعو إلى انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه بصورة دائمة فيما يريد بعض القوى ان تكون الجلسة طارئة لسحب الصلاحيات من المالكي وجعل وزارته حكومة تصريف اعمال.

وتؤكد الكتلة العراقية بزعامة علاوي ان استمرار الحكومة بممارسة صلاحياتها على الرغم من كونها حكومة تصريف اعمال يعد خرقاً دستورياً وعائقاً اساسياً امام الجهود الرامية إلى تشكيل حكومة وطنية تضم الجميع. واكد القيادي في كتلة العراقية عبد الكريم الحطاب أن ممارسة الحكومة كامل صلاحياتها على الرغم من انتهاء ولاية مجلس النواب الذي كلفها بذلك في السادس عشر من اذار (مارس) الماضي ما يعني تحويلها الى حكومة تصريف اعمال وعدم تأدية بعض اعضائها اليمين الدستورية بعد فوزهم بعضوية المجلس، يعد مخالفة دستورية صريحة.

وفي هذا الاطار يؤكد خبراء قانونيون عراقيون أن مجلس النواب الجديد لايمكنه اتخاذ قرارات ما لم يتم انتخاب هيئة رئاسة وفقا لما ورد في الدستور العراقي. وقال طارق حرب إن quot;مجلس النواب الحالي لايمكنه اتخاذ اي إجراء ما لم يتم انتخاب هيئة رئاسة ويؤكدون ان مساعي بعض الكتل السياسية العمل على تحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف اعمال يجب أن يكون مرهونا بانتخاب هيئة رئاسة اولا وطرح الموضوع على المجلس وحصول المقترح على تصويت الاغلبية المطلوبة ثانيا.

ويسعى القادة العراقيون حاليا إلى تحقيق تقدم على طريق حل الازمة السياسية التي تواجهها البلاد منذ الانتخابات التشريعية الاخيرة في اذار (مارس) الماضي وذلك قبل عقد مجلس الامن الدولي يوم الاربعاء من الاسبوع المقبل جلسة خاصة لمراجعة الاوضاع في العراق.

ويخشى القادة من ارتفاع اصوات داخل المجلس بضرورة التدخل لحل الازمة العراقية على اعتبار ان البلاد ما زالت خاضعة للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة المفروض عليها منذ عام 1991وتسعى بكل الوسائل للخروج من تداعياته وقيوده.

وتشير مصادر عراقية الى ان هناك مخاوف داخل مجلس الامن من انهيار الاوضاع الامنية مجددا في العراق اذا استمر النزاع حول تشكيل الحكومة الجديدة وقتا اطول، الامر الذي يهدد امن واستقرار المنطقة برمتها. لكن هذه المصادر تتوقع ان يتخذ المجلس قرارات قوية ضد الاوضاع الحالية او محاولة فرض حلول على العراقيين نظرا لهيمنة الولايات المتحدة عليه باعتبارها رعية quot;الديمقراطيةquot; في هذا البلد. لكنه يخشى من اصدار المجلس توصيات قد تمهد لاحقا للتدخل في الشأن العراقي لمحاولة حل الازمة السياسية التي تتخبط بها البلاد منذ حوالى الخمسة اشهر.

وسبق لعدد من القادة العراقيين ان طالبوا بتدخل للامم المتحدة لحل الأزمة الحالية في حال استمرار عجز الكتل السياسية عن انهاء ازمة الحكومة الجديدة واختيار رئيس يعمل على تشكيلها. وفي هذا الاطار بحث نائب الرئيس العراقي القيادي في كتلة العراقية طارق الهاشمي مع إد ملكرت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق الوضع السياسي الراهن والمشاكل التي تعترض تشكيل الحكومة العراقية.

وقال مكتب المسؤول العراقي في بيان صحافي إن اللقاء بين الهاشمي وملكرت تناول التقرير الذي يعتزم ملكرت تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي في الرابع من الشهر المقبل بشأن الوضع في العراق. واعرب الهاشمي عن أمله في أن يتضمن التقرير توصيفاً دقيقاً للأزمة السياسية بما يجعل مجلس الأمن يؤكد الالتزام بالدستور واحترام نتائج الانتخابات العراقية والاعتراف بحق كتلة العراقية في تشكيل الحكومة واعتبار حكومة المالكي حكومة تصريف أعمال بحسب البيان.

ويدور جدل بين الفائزين في الانتخابات حول النص الدستوري المتعلق بأحقية الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة حيث ينص الدستور العراقي بمادته 76 على أحقية الكتلة النيابية الأكبر عددا في تشكيل الحكومة فيما تصر الكتلة العراقية الحاصلة على91 مقعدا على أن النص يشير إلى القائمة الفائزة في الانتخابات في وقت يعتبر ائتلاف دولة القانون 89 مقعداً أن النص يعني أي تكتل قد ينشأ نتيجة اندماج أو تحالف أي من الكتل الفائزة بعد الانتخابات في اشارة الى تشكيله مع الائتلاف الوطني quot;التحالف الوطنيquot;.