القاهرة: عقد الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لقاء ثنائيا الاربعاء في شرم الشيخ على البحر الاحمر تناول عدة قضايا من بينها مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وتطورات الاوضاع السياسية في لبنان.

وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان اللقاء بدأ بقمة ثنائية quot;اقتصرت على الزعيمين فقطquot; وتبعتها جلسة موسعة بحضور اعضاء الوفدين على مأدبة عشاء. ويرافق الملك عبدالله بن عبد العزيز بشكل خاص وزير الخارجية الامير سعود الفيصل ورئيس الاستخبارات العامة الامير مقرن بن عبد العزيز.

وذكرت صحيفة الاهرام الحكومية الاربعاء ان المحادثات بين العاهل السعودي والرئيس المصري ستركز على quot;بحث تطورات القضية الفلسطينية والممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وسبل تهيئة الاجواء الملائمة لتدشين مفاوضات جادة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيليquot;.

وبدأ الملك عبدالله في مصر جولة ستقوده الى سوريا ولبنان والاردن، في وقت تدفع الولايات المتحدة ومعها الاوروبيون باتجاه استئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين. واعلن مسؤول حكومي لبناني لفرانس برس ان الرئيس بشار الاسد سيصل الجمعة الى بيروت مع العاهل السعودي. وستكون تلك اول زيارة للاسد الى لبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في 2005.

وقد اكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاثنين انه على استعداد لإجراء مفاوضات مباشرة مع اسرائيل بعد الاتفاق على مرجعية quot;واضحة ومحددةquot; للتفاوض.

واضاف عباس في عمان quot;قلنا انه لا بد من المفاوضات المباشرة بمرجعية واضحة ومحددة هي حدود الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967quot;. وتابع quot;تحدثنا عن هذه المرجعية بكلمتين، حدود عام 1967 ووقف الاستيطان، وعندها تكون المفاوضات المباشرة ممكنة وممكنة جداquot;.

من جهته، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه مستعد للقاء عباس quot;في رام الله او تل ابيبquot; لكنه يتهم الفلسطينيين بquot;التهربquot; من المفاوضات. ويرفض نتانياهو الذي يترأس تحالفا من اليمين واليمين المتطرف اي شروط مسبقة للمفاوضات.

وقد استبعد تمديد التجميد الموقت للبناء الاستيطاني في مستوطنات الضفة الغربية، الذي اعلنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 تحت ضغط واشنطن وينتهي في 26 ايلول/سبتمبر.

وقد اكد نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي سيلفان شالوم الاربعاء ان الشروط التي وضعها عباس لتحريك المفاوضات المباشرة مع اسرائيل quot;يستحيلquot; قبولها.

وتأتي زيارة الملك عبد الله الى مصر عشية اجتماع لجنة المتابعة العربية الخميس في القاهرة بحضور عباس الذي سيطلع اعضاء اللجنة على ما وصلت اليه المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل التي بدأت في ايار/مايو برعاية اميركية.

وقال الناطق باسم الخارجية المصرية حسام زكي في تصريحات نشرتها صحيفة الشرق الاوسط ان هذه القمة الثنائية quot;سوف تركز على تفاصيل عملية السلام في منطقة الشرق الاوسط وتقييم الموقف وتحديد خطط التحرك التي سوف تنطلق في الايام المقبلةquot;.

وذكرت الاهرام ان مباحثات مبارك والعاهل السعودي تتناول quot;تطورات الاوضاع السياسية في لبنان وكيفية التغلب على ازماته الداخلية لمواجهة الاخطار الخارجية التي تحدق باستقرارهquot;.

واكد زكي ان quot;هناك اهتماما مصريا سعوديا بما يدور في لبنان والتهديدات التي تطلقها اسرائيل ومخاوف مشروعة من ان يحدث ما حدث صيف 2006 (الحرب الاسرائيلية على لبنان)quot;.

ونقلت الاهرام عن مصادر عربية رفيعة المستوى قولها ان quot;هناك توجها عربيا نحو ضرورة الحفاظ على التوافق اللبنانيrlm; في ضوء الرسائل الاسرائيلية الخطرة التي تلوح بضرب المؤسسات الحكومية اللبنانية بشكل مباشر اذا تعرضت تل ابيب لاطلاق صواريخ من حزب اللهquot;.

وسيزور العاهل السعودي بيروت الجمعة بعد محادثات يجريها الخميس في دمشق مع الرئيس السوري بشار الاسد. ويبحث مع المسؤولين اللبنانيين سبل تعزيز الاستقرار في البلاد.

ويشهد لبنان توترا شديدا على خلفية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، مع تسريب معلومات تفيد ان المحكمة ستوجه الاتهام الى عناصر في حزب الله.

وزيارة الملك عبدالله بن عبد العزيز هي الاولى الى لبنان منذ اعتلائه عرش المملكة، والثانية الى دمشق في اقل من عام.

وكان الملك عبد الله قام في تشرين الاول/اكتوبر 2009 باول زيارة رسمية الى سوريا منذ اعتلائه العرش، متوجا بذلك التقارب بين البلدين.

وتدهورت العلاقات بين الرياض ودمشق بعد الاجتياح الاميركي للعراق في اذار/مارس 2003، اذ اخذت سوريا على السعودية وقوفها الى جانب الولايات المتحدة.

وساهم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 في تصاعد حدة التوتر بين البلدين بعدما اشارت لجنة التحقيق الدولية في الاغتيال الى احتمال ضلوع اجهزة امنية سورية ولبنانية في الاغتيال، الامر الذي نفته دمشق.

كما زار الاسد الرياض في كانون الثاني/يناير الماضي. ويتوجه العاهل السعودي الجمعة الى الاردن للقاء الملك عبد الله الثاني لبحث التطورات في الشرق الأوسط حسبما افاد مصدر اردني مسؤول لوكالة فرانس برس الاثنين.

وكان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بحث الثلاثاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في عمان في عملية السلام. وهي المرة الثانية يلتقي فيها نتانياهو الملك عبد الله الثاني رسميا في الاردن منذ توليه منصبه العام الماضي.

ويرتبط الاردن منذ 1994 بمعاهدة سلام مع اسرائيل. وتشكل زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد المرتقبة الجمعة الى لبنان محطة اساسية في سياق الجهود الدبلوماسية التي تبذل لاحتواء اي تفجير محتمل للوضع الداخلي في لبنان.

ومن المقرر ان يلتقي الملك السعودي الذي يزور مصر وسيزور ايضا الاردن في اطار جولة اقليمية، الرئيس السوري بشار الاسد الخميس في دمشق قبل توجهه الى بيروت الجمعة في زيارة تستمر لساعات فقط يجري خلالها محادثات مع المسؤولين اللبنانيين.

ومن المقرر ايضا ان يصل امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى بيروت في اليوم نفسه. وكان الوضع في لبنان كذلك على جدول اعمال القمة التي عقدها العاهل السعودي مساء الاربعاء مع الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ وتناولت كذلك تطورات القضية الفلسطينية.

ويدخل هذا التحرك العربي في اطار المساعي للحد من التوتر المتصاعد في لبنان بعد توقع الامين العام لحزب الله حسن نصر الله الاسبوع الماضي ان تصدر المحكمة الدولية المكلفة قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري قرارا ظنيا يتهم افرادا في الحزب.

واثار هذا الاعلان مخاوف من احتمال حصول مواجهة جديدة بين انصار حزب الله الشيعي المدعوم من سوريا وايران، وانصار رئيس الحكومة السني سعد الحريري المدعوم من السعودية، تعيد الى الاذهان احداث ايار/مايو من العام 2008 التي قتل خلالها حوالى 100 شخص.

وتترافق هذه المخاوف ايضا مع قلق متزايد من امكانية اندلاع حرب جديدة بين حزب الله واسرائيل التي اتهمت الحزب المسلح خلال الاشهر الاخيرة بتخزين الاسلحة، علما ان الجانبين خاضا نزاعا مدمرا في العام 2006.

ويقول مدير الابحاث في معهد بروكينغز في الدوحة شادي حمد لوكالة فرانس برس quot;اعتقد ان الاسبوعين المقبلين سيكونان حاسمينquot;.

ويشير الى ان quot;احتمال تدهور الوضع واندلاع العنف الطائفي موجود، واللاعبون المعنيون يدركون هذا الخطر ويتخذون خطوات وقائية من اجل نزع فتيله قبل ان تخرج الامور عن السيطرة في الاسابيع او الاشهر المقبلةquot;.

واغتيل الحريري في انفجار سيارة مفخخة في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005. ووجهت اصابع الاتهام حينها الى سوريا. واثارت عملية الاغتيال هذه موجة احتجاج دولية وفي الشارع اللبناني دفعت سوريا الى سحب قواتها من لبنان بعد حوالى 30 سنة من انتشارها العسكري فوق اراضيه.

ومن المتوقع ان تصدر المحكمة الدولية المكلفة قضية الحريري قرارا اتهاميا بحلول نهاية العام الحالي.وتدهورت العلاقات السعودية السورية بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق، لكنها عادت الى دفئها من جديد في وقت كانت الرياض تلعب دورا اساسيا في عملية التقارب الاخيرة بين سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، والرئيس الاسد.

ويرى رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة ان زيارات القادة العرب تعكس المرحلة الحرجة التي يواجهها لبنان. ويقول السنيورة الذي دفعت حكومته المدعومة من الغرب نحو اجراء التحقيق الدولي لفرانس برس quot;اعتقد ان قسما كبيرا من التوتر هدفه التخويف، لكنني مع ذلك لا اقلل من امكانية وجود محاولات لدفع لبنان نحو شفير الهاويةquot;.

ويضيف النائب عن مدينة صيدا الجنوبية quot;للاسف، عندما يدفعون لبنان نحو حافة الهاوية، لا يكون من السهل عليهم السيطرة على الموقفquot;. ويقلل مستشار رئيس الوزراء محمد شطح من فرص وقوع موجة جديدة من اعمال اعنف.

ويوضح لفرانس برس quot;ما من اسباب لكي يؤدي الوضع الحالي في لبنان والتطورات المحيطة بالمحكمة الدولية الى اي نزاعquot;، مضيفا quot;لا ارى مكانا لصراع سني شيعيquot;.,وفيما يعتبر شطح ان زيارة الملك السعودي وهي الاولى له الى لبنان منذ العام 2002، ستتطرق الى عوامل التوتر المحلية، الا ان الزيارة تشكل ايضا جزءا من جهود اشمل تهدف الى اظهار موقف عربي موحد من تطورات الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

ويوضح quot;الملك يزور دولا اخرى (...) في وقت تسعى السعودية (...) الى بلورة موقف عربي من دون انتظار بلوغ طريق مسدود يقود نحو تدهور الاوضاع كما كان الامر دائما في ما يتعلق بمسار السلامquot;.

من جانبها، اكدت السفيرة الاميركية في لبنان ميشال سيسون مساء الاربعاء ان الولايات المتحدة ستقدم كل ما يلزم لدعم الحكومة اللبنانية لبسط نفوذها على كامل الاراضي اللبنانية.

ونقلت الوكالة الوطنية للاعلام عن السفيرة قولها اثر لقائها رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع ان quot;الادارة الاميركية ستقدم كل ما يلزم لدعم الحكومة اللبنانية، من اجل بسط نفوذها وسلطتها على كامل الاراضي اللبنانية للحفاظ على السلم الاهليquot;.