يبدو أن منطقة سيناء عادت لتكون مصدر ازعاج وقلق للحكومة المصرية خصوصًا بعد صواريخ إيلات والعقبة، إذ لم تكد الأمور تهدأ بعض الشيء بين الحكومة والبدو بعد سلسلة الاجتماعات الأخيرة التي عقدت بين وزارة الداخلية وزعماء القبائل والوعود التي قطعتها بعض الوزارات الأخرى المعنية للتخفيف من وطأة معاناتهم.

باتت ارض الفيروز ومهد الرسالات السماوية، سيناء، تمثل مصدر إزعاج وقلق بالغين للحكومة المصرية في الآونة الأخيرة. فلم تكد الأمور تهدأ بعض الشيء بين الحكومة والبدو بعد سلسلة الاجتماعات الأخيرة التي عقدت بين وزارة الداخلية وزعماء القبائل والوعود التي قطعتها بعض الوزارات الأخرى المعنية للتخفيف من وطأة معاناة بدو سيناء، حتى جاء حادث صواريخ ايلات والعقبة ليضيف المزيد من المواجع للمثلث المضطرب، بحسب تعبير صحيفة quot;الايكونومستquot; البريطانية.

وعلى الرغم من ان هذا الحادث الأخير ليس بحجم سلسلة التفجيرات التي قام بها تنظيم القاعدة في العام 2004 على شواطئ جنوب سيناء، والتي أسفرت عن مقتل حوالى 130 شخصًا، إلا ان الحوادث الأخيرة التي تراوحت ما بين الاحتجاجات المناهضة للحكومة من قبل بدو سيناء الأصليين، و معارك الشرطة مع المهربين، و إطلاق الشرطة لطلقاتها القاتلة على اللاجئين الأفارقة، وأخيرًا الصواريخ التي أطلقت من سيناء، بحسب الفرضيات الراهنة, على إسرائيل والأردن، يشير الى تفاقم الوحشية في سيناء.

وكانت صواريخ متعدّدة قد أطلقت على ميناء إيلات على البحر الأحمر جنوب إسرائيل يوم الاثنين الماضي، من دون أن يسفر انفجارها عن سقوط إصابات أو أضرار، فيما أصاب صاروخ مدينة العقبة الأردنية المجاورة ما أدى لمقتل شخص وإصابة أربعة آخرين.

وأطلقت الشرطة المصرية، على ما أفاد مصدر امني، بحملة تمشيط واسعة بحثا عن شاحنتين يشتبه في استخدامهما في الهجوم وللوصول الى دلائل قد تقود الى فك لغز الحادث وتحديد مواقع إطلاق الصواريخ والقائمين عليها.

وكان هذا ثاني هجوم من نوعه منذ ابريل/ نيسان الماضي. وقد أطلقت الشرطة المصرية نيرانها يومي 24 و 29 يوليو النار على مهاجرين أفارقة غير مسلحين يحاولون عبور الحدود. وكان الضحايا لاجئين من السودان وإريتريا، يبحثون عن فرصة عمل أو اللجوء السياسي في إسرائيل. وأسفرت سياسة إطلاق النار التي تنتهجها مصر عن مقتل 21 شخصا حتى الآن هذا العام بحسب الأرقام، مقارنة ب 19 شخصًا عن العام 2009. وتحت ضغوط من إسرائيل للحد من المهاجرين، وخطر وقوع اشتباكات مع المهربين المسلحين، لم تبال مصر لضغوط جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة في إيجاد وسائل أكثر إنسانية لمنع تسل المهاجرين.

ووسعت الصواريخ وعمليات قتل للاجئين من مشكلة العلاقات المتوترة بين الحكومة المصرية وبدو سيناء، الذين ارتفعت أعدادهم نتيجة ارتفاع معدلات الخصوبة منذ عودة شبه الجزيرة إلى مصر في عام 1982 بعد 15 عاما من الاحتلال الإسرائيلي.

وتشكو القبائل الأصلية في شمال شبه الجزيرة من التهميش والفقر وقصر المناطق الساحلية بجنوب سيناء على المصريين من أبناء الوادي والدلتا. لتصبح عمليات التهريب تجارة أكثر ربحا، وأكثر ضرورة من أجل البقاء وأكثر خطورة. وقد ساعد الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة على رواج هذه التجارة عبر الأنفاق لتمر المخدرات والأسلحة عبر التضاريس الجبلية الوعرة في سيناء بمساعد ة مهارات البدو.

وأخذت شكوك الحكومة المصرية في البدو منعطفا خطيرا بعد تفجيرات شرم الشيخ. ففي سياق مطاردة إفراد تنظيم القاعدة الذين نفذوا الحادث، ألقي القبض على ما يصل إلى 3 آلاف شخص آخر، واحتجز العديد منهم لفترات طويلة دون توجيه اتهامات لهم بموجب قوانين الطوارئ. وقد تركت حملة الشرطة جبل من المرارة لدى البدو، تفجر في وقت سابق من هذا العام في صورة إضرابات ومسيرات احتجاجية وهجمات متفرقة على منشآت حكومية.

سعت وزارة الداخلية المصرية مؤخرا لتهدئة الاضطرابات بعقدها اجتماعات مع شيوخ القبائل، والإفراج عن العشرات من المعتقلين من البدو. و وعدت وزارات أخرى بتوفير المزيد من فرص العمل والاستثمار. وتخطط إسرائيل، من جانبها، لبناء سياج على طول حدودها مع مصر، ما يبعث الأمل في إخراج سيناء من بريتها.