رانغون: حدد المجلس العسكري الحاكم في بورما السابع من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل موعدا لاول انتخابات تشريعية ستجري في البلاد منذ عشرين عاما ويؤكد المجتمع الدولي انها ستفتقر الى الحد الادنى من الشرعية من المنظور الديموقراطي.

وتتميز الانتخابات المرتقبة بمنع زعيمة المعارضة اونغ سانغ سو تشي من المشاركة فيها. واضافة الى ان سو تشي (65 عاما) الفائزة بجائزة نوبل للسلام لا تزال موضوعة قيد الاقامة الجبرية في منزلها فقد حل النظام في ايار/مايو حزبها quot;الرابطة الوطنية للديموقراطيةquot; بسبب قرار الاخير مقاطعة الانتخابات.

وامضت زعيمة المعارضة القسم الاكبر من السنوات العشرين الماضية محرومة من حريتها. واثر الاعلان عن موعد الانتخابات توالت ردود الفعل الدولية. وقالت وزارة الخارجية الاميركية ان هذه الانتخابات لا يمكن ان تتمتع بquot;المصداقيةquot; نظرا الى quot;الجو السياسي القمعيquot; السائد في البلاد.

وقال فيليب كراولي الناطق باسم الوزارة انه quot;نظرا الى الجو السياسي القمعي السائد في بورما فان هذه الانتخابات لا يمكن ان تكون على المستوىquot; المرتجى، مؤكدا ان العملية الانتخابية والحال هذه quot;لا يمكن ان تتمتع بالصفة التمثيلية ولا بالمصداقيةquot;.

من جهته طالب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المجلس العسكري البورمي quot;بشدةquot; بالافراج عن السجناء السياسيين قبل موعد الانتخابات كي تتاح لهم المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، كما قال المتحدث باسمه مارتين نسيركي.

واضاف نسيركي ان الامين العام quot;اخذ علماquot; بموعد السابع من تشرين الثاني/نوفمبر وهو quot;يجدد دعوتة السلطات البورمية الى الوفاء بوعودها التي قطعتها علانية باجراء انتخابات حرة ونزيهة بلا استثناءات، بغية دفع افق السلام والديموقراطية والازدهار في بورما قدماquot;.

بدورها دعت لندن السلطات البورمية الى الافراج عن السجناء السياسيين بمن فيهم اونغ سانغ سو تشي، مؤكدة على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية جيريمي براون انه في حال لم يستجب النظام لهذا الطلب فان الانتخابات quot;لن تتمتع بالشرعية ولا بالمصداقية على الصعيد الدوليquot;.

وتعود آخر انتخابات تشريعية جرت في بورما الى العام 1990. ويومها حققت الرابطة الوطنية للديموقراطية، التي أسستها سو تشي في 1988 اثر انتفاضة قادتها ضد المجلس العسكري الحاكم في حينه، فوزا كبيرا في تلك الانتخابات التي ما لبث العسكر ان رفضوا الاعتراف بنتائجها.

وهذه المرة يؤكد محللون ان ربع مقاعد البرلمان ستكون مخصصة للعسكريين، ما سيجنب نظام الجنرال ثان شوي خطر التعرض لهزيمة قاسية. ويؤكد نينغ اونغ عضو منتدى الديموقراطية في بورما ومقره تايلاند ان quot;النظام العسكري تعلم الدرس، لذلك فهو يستخدم كل السبل الممكنة لكي تفوز احزابه (ومناصروه) بالانتخاباتquot;.

ومن بين الاحزاب والكيانات السياسية التي تسجلت للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وعددها حوالى 40، يبرز حزب quot;الاتحاد والتضامن والتنميةquot; الذي اسسه رئيس الوزراء ثين سين وعدد من الوزراء الذين استقالوا مؤخرا من الجيش. واضاف نينغ اونغ quot;لو كانت هناك انتخابات حرة ونزيهة لكنا واثقين بنسبة مئة بالمئة بان الاحزاب المدعومة من العسكر لن تفوزquot;.

واصدر نظام الجنرالات في آذار/مارس قوانين وضعت شروطا صارمة للمشاركة في الانتخابات ومنعت الاحزاب من الإبقاء على عضوية سجناء سياسيين. وازاء هذا الشرط تحتم على الرابطة الوطنية للديموقراطية الاختيار بين عدم خوض الانتخابات او طرد رئيستها الموضوعة قيد الاقامة الجبرية، فكان قرار الحزب مقاطعة الانتخابات وكان قرار المجلس العسكري حل الحزب.

ولكن عددا من كوادر الرابطة الذين عارضوا مقاطعة الانتخابات انشقوا عن حزبهم واسسوا quot;القوة الوطنية الديموقراطيةquot;. وقال نيان وين الذي كان لوقت طويل متحدثا باسم الرابطة الوطنية للديموقراطية، في تصريح لوكالة فرانس برس، ان الانتخابات quot;لا يمكن ان تكون حرة وعادلةquot;. واضاف quot;نحن لا نزال محرومين من حرية التعبير والاعلامquot;، مؤكدا ان ليس هناك اي مؤشر على ان سو تشي ستستعيد حريتها قبل موعد الانتخابات.

ومن دون زعيمتهم صاحبة الشخصية الكاريزماتية ورمز المقاومة السلمية للنظام العسكري، تبدو فرص حزب quot;القوة الوطنية الديموقراطيةquot;، وكل حزب آخر، شبه معدومة لتكرار الانتصار الذي حققته الرابطة الوطنية للديموقراطية في 1990. وسبق لبعض الاحزاب الديموقراطية التوجه ان اعربت عن تحفظات عديدة على التحضيرات الجارية للانتخابات المرتقبة.

وفي هذا السياق قدم فيو مين ثين، وهو سجين سابق ومرشح للانتخابات المقبلة، الاسبوع المقبل استقالته من رئاسة حزب الاتحاد الوطني، مؤكدا انه لن يشارك في انتخابات quot;غير حرة وغير نزيهةquot;. والشهر الفائت اعربت الولايات المتحدة مجددا عن قلقها من quot;عملية انتخابية تشوبها شوائب عدةquot; في بلد يحكمه الجنرالات منذ 1962 ويخضع لعقوبات غربية بسبب انتهاكاته المتكررة لحقوق الانسان.

وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عقوبات على بورما، تعبيرا خصوصا عن احتجاجهما على استمرار النظام في احتجاز حرية اونغ سانغ سو تشي. وتم تشديد هذه العقوبات في 2007 بعدما قمعت السلطات العسكرية بالحديد والنار حركة احتجاج شعبية قادها رهبان بوذيون.