إستأنف زعيما الكتلة العراقيّة وائتلاف دولة القانون الحوار لتشكيل الحكومة الجديدة بعد توقّفها بسبب التحريض وتبادل الإتهامات، فيما أكّدت العراقيّة على ضرورة توطيد العلاقات مع دول الجوار، ومنها إيران، التي يجب أن تأخذ العلاقات معها شكلاً ومضمونًا مختلفين عن السابق.

أثمرت رسائل متبادلة بين زعيمي الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات أياد علاوي وائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء نوري المالكي عن اعادة العلاقات واستئناف الحوارات بينهما لتشكيل الحكومة الجديدة بعد ثلاثة ايام من إعلان توقّفها نتيجة تصريحات تبادل خلالها الطرفان اتهامات بالطائفية، حيث يؤشر هذا التطور إلى عودة للمشروع الاميركي لتقاسم السلطة بين الكتلتين خصوصًا بعد التقارب الذي حصل خلال اليومين الماضيين بين العراقيّة والتيار الصدري العدو اللدود للأميركيين وللمالكي ورافع راية المعارضة للتجديد له.

رسالتان توضيحيّتان تستأنفان العلاقات
فقد أعلن في بغداد ان علاوي تلقى رسالة من المالكي حملها رئيس تجمع كفاءات ضمن ائتلاف دولة القانون الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ يبدي فيها استعداده لبدء صفحة جديدة في العلاقات. وقال القيادي في العراقية اسامة النجيفي ان علاوي تسلم رسالة من المالكي حول تصريحاته الاخيرة quot;التي وصف فيها العراقية بأنها كتلة تمثل المكوّن السنّي الأمر الذي اثار حفيظة علاوي وقائمتهquot;. واوضح ان المالكي قد ابدى في الرسالة استعداده لبدء صفحة جديدة من العلاقات مع علاوي وبين كتلتيهما.

واضاف النجيفي في مؤتمر صحافي في بغداد الليلة الماضية ان العراقية تعتبر رسالة المالكي كافية وتعتبر الاشكال قد انتهى وهي تتمنى اقامة علاقات جيدة مع ائتلاف دولة القانون. واشار الى ان هناك قناعة لدى الكتل السياسية بأن العراقية quot;هي من ستشكل الحكومة والتيار الصدري شريك مهمّ ومتجاوب وسيكون اقرب الحلفاء لناquot;، واشار الى ان العراقيّة ستستأنف الحوار مع دولة القانون والائتلاف الوطني بزعامة الحكيم والتحالف الكردستاني للتعجيل بتشكيل الحكومة.

واكد النجيفي ايمان العراقية بضرورة توطيد العلاقات مع دول الجوار، وقال انه من هذا المنطلق فإنها تتطلّع لإقامة افضل العلاقات مع هذه الدول ومنها ايران التي يجب ان تأخذ العلاقات معها شكلاً ومضمونًا مختلفين عن السابق، في اشارة الى القطيعة بين العراقية وطهران التي تعارض تولّي علاوي رئاسة الحكومة المنتظرة. وشدد النجيفي على ان العراقية ستكون من خلال برنامجها الحكومي حريصة على ألاّ يكون العراق منطلقًا للاعتداء على اي من الجيران وهذه رسالة طمأنة لهذه الدول ومنها ايران. وتأتي رسالة التطمين هذه اثر التقارب الذي شهدته العلاقات بين العراقية والتيار الصدري المقرب من ايران، ويبدو انها تحمل طمأنة للتيار بعلاقات افضل مع طهران.

وجاءت رسالة المالكي هذه بعد يوم من رسالة اخرى مماثلة بعث بها اليه علاوي يؤكد فيها ان تصريحاته التي حملت توصيف الطائفي تخصّ حديث المالكي وليس شخصيته. وقال ان حديث المالكي الذي وصف فيه القائمة العراقية بأنها تمثل المكون السني هو حديث طائفي وليس شخصية المالكي هي الطائفية. وأضاف علاوي أن quot;القائمة العراقية قائمة المكون الوطني التي تضم جميع المكونات العراقية وليست قائمة مكون واحدquot;.

وكان القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر العبادي اتّهم العراقية بمحاولة تقاسم السلطات الامنية مناصفة مع التيار الصدري في حال تمّ تشكيل الحكومة المقبلة من قبل علاوي أو أيّ مرشح آخر من ائتلافه. بعد لقاء مطوّل بين كتلة الاحرار الممثلة للتيار الصدري (40 مقعدًا ضمن الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم في مجلس النواب) مع ائتلاف العراقية (91 مقعداً)، وتمخض الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة تعمل على توليف الحكومة العراقية المقبلة.

اتّفاق بعد تبادل اتهامات
وكان علاوي أعلن امس الاول وقف مفاوضاته لتشكيل الحكومة الجديدة مع المالكي ما لم يعتذر للقائمة العراقية التي وصفها بأنّها تمثل طائفة واحدة هي المكوّن السني. واضاف في تصريحات ان المالكي كشخص طائفي لا يؤمن بالمشروع الوطني مطلقًا. وشدد علاوي على ان القائمة العراقية مشروع وطني يمثل جميع فئات الشعب العراقي وتعمل من اجل المصالح الوطنية للعراق والعراقيين. وشدد على ان العراقية قائمة وطنية وليست قائمة سنية وهي تضم طيفًا واسعًا من القوميات العراقية. وطالب علاوي المالكي بالاعتذار لملايين العراقيين الذين صوتوا للقائمة العراقية كشرط لاستئناف المفاوضات من جديد.

لكن المالكي رفض فورًا اتهامات علاوي له بالطائفية وقال انه رئيس وزراء لكل العراقيين وليس لطائفة بعينها، واشار الى ان وقف علاوي لمفاوضاته معه هو تهرّب من الحوارات الجدية المطلوبة وبإلحاح في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق من أجل تشكيل حكومة ممثلة للكتل السياسية والمكوّنات الاجتماعية. وكرر ايمانه بضرورة مشاركة القائمة العراقية في الحكومة الجديدة وقال انه لا يعيب العراقية بأنها تمثل في تركيبتها عمق مكوّن معين وهذا لا يعني اسقاط الآخرين في إئتلاف العراقية، بل ان الجميع هم ممثلو الشعب العراقي الذي اختارهم للمرحلة المقبلة وكما هي الحال مع القوائم الأخرى والذين يمثلون جميع الطيف العراقي بغضّ النظر عن انتماءاتهم المذهبية والقومية، فالجميع مطلوب منهم أن يدافعوا عن مصالح الشعب العراقي ويقودوا عملية النهوض بهذا البلد نحو آفاق التنمية والبناء.

عودة إلى المشروع الأميركي لتقاسم السلطة
واعتبرت مصادر عراقيّة عودة العلاقات بين علاوي والمالكي واستئناف الحوارات بين كتلتيهما بمثابة العودة الى المشروع الاميركي لتقاسم السلطة بين الكتلتين والقاضي بتشكيل quot;المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الاستراتيجيةquot; الذي يوكل اليه عددًا من المهام بينها مراجعة القرارات الأمنيّة والعكسرية وحركة قطعات الجيش الى جانب الشؤون الاقتصادية والسياسة الخارجية، من دون أن يتعارض ذلك وصلاحيات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والنواب. وينص المشروع على ان يكون المجلس quot;مسؤولاً عن المراجعة والتنسيق والنصح وتقديم التوصيات بشأن سياسات حكومة العراق الداخلية والخارجية والعسكرية المتعلقة بالأمن الوطني. كما تتضمن سلطات المجلس التنسيقي للسياسة الوطنية الإستراتيجية quot;مراجعة القرارات المتعلقة بسياسة التوظيف في القوات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليهاquot; وquot;مراجعة الاتفاقيات الامنية والتوصية بموافقة السلطة التنفيذية عليهاquot;، وquot;مراجعة المشتريات الدفاعية الرئيسةquot; اضافة الى quot;مراجعة الجهود الرئيسة لنشر الجنود والعمليات القتاليةquot; وquot;مراجعة قضايا المحتجزينquot;.

يذكر ان المجلس السياسي للأمن الوطني الذي تقترح الوثيقة الأميركية إستبداله بإطار تنظيمي جديد كان قد تأسس عام 2006 بالتزامن مع تشكيل حكومة المالكي، لكنه عومل بوصفه هيئة غير دستورية بسبب عدم مصادقة مجلس النواب على نظامه الداخلي. ويتكوّن المجلس السياسي للأمن الوطني من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه ورئيس مجلس النواب ونائبيه وممثلي الكتل السياسية في مجلس النواب اضافة الى ممثل لرئيس إقليم كردستان العراق.

واشنطن مستعدّة للعمل مع أيّ رئيس وزراء يختاره العراقيّون
واثر زيارته الاخيرة الى بغداد التي انتهت امس الاول كشف مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان أن بلاده مستعدة للعمل مع أي رئيس وزراء عراقي تختاره الكتل السياسية شريطة أن يكون قرار الاختيار quot;عراقيًّاquot;، في اشارة الى ما وصفه مراقبون بمحاولات اقليمية للتدخل في فرض شخصية رئيس الوزراء المقبل.

وقال إنّ المناقشات التي خاضها مع الكتل السياسية لم تكن تعني أن الولايات المتحدة هي من ستقرر الكتلة الأفضل بالنسبة إلى الشعب العراقي بل هي محاولة لتقديم مقترحات وأفكار. وأضاف أن الواقع الذي اشارت اليه نتائج انتخابات آذار - مارس الماضي quot;هو أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي حقق أعلى الاصوات وتلاه زعيم العراقية اياد علاوي فيما حققت العراقية أعلى عدد من المقاعد وجاءت بعدها دولة القانون الأمر الّذييعني أن دولة القانون والعراقية هما الكتلتان الاكبر وأكثر الناس في العراق صوتوا لهما ولو كان ممكنًا تشكيل حكومة مرتكزة على هاتين القائمتين الكبيرتين وبإشراك القوائم الاخرى فسيكون هذا أمرًاجيّدًاquot;، مستدركًا بالقول: quot;لكنّ هذا القرار ليس لناquot;. وشدد بالقول: quot;لا نستطيع أن نتّخذ القرارات التي يجب ان تتّخذ من قبل العراقيين أنفسهم فالعراق بلد يمتلك سيادته ومهمتنا تتلخّص بتقديم بعض الافكار والمقترحات بهدف مساعدة العراقيين على اتخاذ القرار بأنفسهمquot;. ونفى ما وصفته كتل سياسيّة متعدّدة بأنّه ضغوط كبيرة مارستها الولايات المتحدة للتأثير على قرار القوى السياسية وفرض رئيس للوزراء مقرّب منها.

وقال فيلتمان ان quot;كل من قابلناهم هنا في العراق كانوا يشيرون الى أن حكومة تشكلها دولة القانون والعراقية هو خيار جيد مع ادراكنا التام بأن الكتل الاخرى تمتلك دورًا مهمًّا يجب ان تؤدّيهquot;. واضاف: quot;لهذا نحن نرى ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة شاملة وتعكس نتائج الانتخابات وتمثل كل مكوّنات الشعب العراقيquot;.

وكان علاوي والمالكي عقدا اجتماعين خلال الشهر الماضي كما دخلت كتلتاهما في مباحثات جدّية للاتفاق على تشكيل الحكومة المنتظرة لكنّ هذه المباحثات اصطدمت بإصرار كلّ منهما على منح رئاسة هذه الحكومة الى زعيمها واللذين رفضا ايضًا مشروعًا اميركيًّا لتقاسم السلطة.

وكانت الانتخابات التشريعية الاخيرة قد افرزت فوز اربع كتل رئيسة هي ائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي (91 مقعدًا) وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي (89 مقعدًا) والائتلاف الوطني (70 مقعدًا) والذي يضم المجلس الأعلى الاسلامي والتيار الصدري وحزب الفضيلة وائتلاف القوى الكردستانية (57 مقعدًا) والذي يضم التحالف الكردستاني وعدة احزاب كردية اخرى وهو ما يفرض تحالف عدة اطراف لضمان الغالبيّة اللازمة في مجلس النواب الذي يضمّ 325 مقعدًا لتشكيل الحكومة.