الرئيس الإيرانيّ محمود أجمدي نجاد خلال زيارة تفقديّة سابقة إلى مفاعل بوشهر النووي |
ينطلق السبت عمل المفاعل النووي في محطة quot;بوشهرquot; الكهرونووية الإيرانية ليتحول هذا التاريخ إلىمنعطف حاد في منطقة الشرق الأوسط والخليج، كون المحطة قد تساعد إيران في إنتاج السلاح النووي. ويرى مُحللون أنّ تشغيل المحطة قد يكون مبررا كافيا لتوجيه ضربة عسكريّة لطهران.
فالح الحمراني من موسكو: ينطلق السبت عمل المفاعل النووي في محطة بوشهر الكهرونووية الايرانية ليتحول الى انعطاف حاد في منطقة الشرق الاوسط والخليج، ربما سيشكل مرحلة تاريخية فاصلة، ما قبل وما بعد انطلاقة محطة بوشهر. وتتمحور إشكالية المحطة في ان تساعد ايران على إنتاج إيران لسلاح نووي.
ولهذا تساور الكثيرين المخاوف من ان تشغيل محطة بوشهر سيكون المبرر لإنزال إسرائيل او اميركا ضربة بايران، او يمهد الطريق لتطوير طهران برنامجها النووي وتحويله إلى أهداف عسكرية.
ويعتري سكانَ دول الخليج العربية قلقٌ مشروع من احتمالات تعرض المحطة الكهرونووية الى عطب كما حدث لمحطة تشيرنوبل او نتيجة ضربة او تسرب المواد المشعة منها، وربما ستكون هدفا لجماعات معارضة او اقليات قومية تشعر ان حقوقها مهضومة في بلاد الفرس.
وتجمع روسيا وعموم السداسية الدولية على عدم وجود تحفظات لديها على بناء ايران محطة بوشهر الكهروذرية التي تستخدم لاعراض مدنية وتعمل باشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية، بيد ان الخشية تكمن في ان تستخدم طهران المفاعل النووي في المحطة لاغراض تطوير انتاج سلاح نووي، ويدعو المجتمع الدولي إيران إلى تقديم ضمانات أكيدة تبرهن عدم نواياها بإنتاج السلاح المدمر، وان أفضل خطوة على هذا الطريق هي وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم.
وبينما تخشى طهران بان عدم تمكنها من تخصيب اليورانيوم سيجعل عمل المحطة خاضعة لارادة الدول المنتجة لليورانيوم، فان المجتمع الدولي بأسره يخاف من ان نجاح ايران بتخصيب اليورانيوم لنسبة 20% سيمهد لها الطريق لتخصيبة بنسبة 90% الكافية لانتاج سلاح نووي.
ووفقا للمعطيات الروسية فان محطة بوشهر بعد اطلاق تشغيلها رسميا ستعتبر وحدة مفاعل نووي. وهذا يعني ان اختبار جميع نظم الوحدة المبنية من قبل الاخصائيين الروس ستنتهي.ونصبت مؤسسة quot; آتوم ستروي اكسبورتquot; الداخلة في اطار مؤسسة quot;روس آتومquot; مفاعلا نوويا يعمل على الماء الخفيف بطاقة 1000 ميغ واط.وبدأ بناء محطة بوشهر في عام 1974 من قبل الشركة الألمانية سيمينس.
وفسخت الألمانية العقد مع طهران عام 1980 في ضوء قرار الحكومة الالمانية الانضمام الى العقوبات الاميركية التي تحظر تصدير المعدات الى ايران.
ووقعت في عام 1995 شركة quot;زاروبيج اتوم انيرج ستوريquot; مع منظمة الطاقة الايرانية عقدا لاستكمال بناء المفاعل الأول للمحطة. وتعهدت روسيا نصب مفاعل نووي وتدريب خبراء ايرانيين للعمل عليه.لكن روسيا أجلّت استكمال بناء المفاعل مفسرة ذلك بسبب عدم ايفاء ايران بالتزاماتها المالية او لاسباب فنية، بينما اعتبر مراقبون ان هذا جرى نتيجة لضغوط اميركية.
ونقل راديو صوت روسيا العالمي عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله ان محطة الكهرباء الذرية في بوشهر عامل مهم لايران في مجال الطاقة الذرية. اذ انه وفر الفرصة للوكالة الدولية للطاقة الذرية وضع المشروع بالكامل تحت اشرافها، كما وفقا لقول لافروف انه محمي من اي مخاطر متعلقة بنشر السلاح النووي.
و يشير إلىأن وجهة النظر هذه يؤيدها جميع قادة الدول الغربية.
وترى اميركاأن تشغيل المفاعل النووي لمحطة بوشهر في إيران يعتبر برهانا على أن الجمهورية الاسلامية لاتحتاج الى مصانع تخصيب اليورانيوم وان المحطة تتجاوب مع المخططات التي يقترحها السداسي الدولي.
ولكن واشنطن لاتخفي قلقها من تهرب ايران من مراعاة التزاماتها الدولية وتعمل على تخصيب اليوم وفقا لبرامج غير مشروعة.
ولكن لإيران رأي آخر اذ انها ستتابع العمل على تخصيب اليورانيوم بغض النظر عن الظروف من حولها وانها بصدد بناء عشرين محطة نووية من هذا الطراز.
وأكد ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي انه لا يوجد تضارب في وجهات النظر بين موسكو وواشنطن حول تشغيل محطة بوشهر النووية في ايران.
وقال مارغيلوف أثناء حديث أدلى به للصحافيين: quot;لا يوجد اختلاف في وجهات النظر بين روسيا والولايات المتحدة ازاء تشغيل محطة بوشهر النووية المقرر في 21/آب أغسطس من الشهر الجاري.
وذكر مارغيلوف بأن الاعمال الجارية في بوشهر خاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأنه سيتم تزويد المفاعل بالوقود النووي الروسي. وتابع: quot;إن السداسيةquot; الدولية ترى أن محطة بوشهر الذرية لتوليد الطاقة الكهربائية لا تمت بأية صلة إلى برنامج طهران النوويquot;.
وفي تعليقه على الموقف الإيراني أعرب البروفسور المستشرق فلاديمير ساجينن عن قناعته ان إيران تنطلق من واجب روسيا في تأمين الوقود فقط لمحطة بوشهر. وفي الوقت نفسهحسب البرنامج القومي لتطوير الطاقة النووية تخطط ايران لبناء 20 وحدة طاقة مماثلة لتلك التي في بوشهر لانتاج 20 ألف ميغاواط من الطاقة.
و هذه المفاعلات أيضا بحاجة الى وقود.وفي الوقت نفسه يعتقد فلاديمير ساجين انه لن تستطيع ايران تحقيق مشروعها في تأمين الوقود لـ 20 وحدة طاقة. و هذا يعود بالدرجة الاولى الى عدم كفاية الوقود النووية في ايران. و من جهة اخرى ان عزم ايران على تخصيب اليورانيوم تزيد من قلق المجتمع الدولي و توتر الوضع السياسي حول برنامجها النووي.
وفي الوقت نفسهتجعل محطة بوشهر ايران تحتل مكانا جيدا ضمن الدول التي تعمل على تطوير الطاقة النووية في اهداف سلمية
واعترف المحلل السياسي فيكتور ينيكييف ان احتمال ضرب المحطة في بوشهر قليل و انتقد في كلامه روسيا. حيث اعلن انه عندما بنت موسكو هذه المحطة كانت تهدف لمصالحها الشخصية التي ادت الى اصطدام دول اخرى. ان ادارة الرئيس باراك اوباما لا تجمع بين بناء روسيا محطة كهروذرية في بوشهر وبين عمل إيران على برنامجها النووي.
وبالفعل توقفت أميركا رسمياً عن التعليق على روسيا بسبب محطة بوشهر النووية. اذ يعرف الجميع ان هذا المشروع بني لأهداف سلمية و يعمل تحت مراقبة الوكالة الدولة للطاقة النووية.
كما صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان المحطة الكهربائية النووية في بوشهر تلعب دورا مهما في دعم إيران لواجباتها في اتفاقية عدم نشر السلاح النووي.
وفي الوقت نفسهما زال يوجد الكثير من الجمهوريين في اميركا من يحرض اسرائيل على الهجوم على ايران و يهدف الى ان تعود العلاقات مع روسيا الى ما كانت عليه في زمن الحرب الباردة، إلا أنهم لا يدركون مدى خطورة النتائج التي يمكن ان يؤدي اليها مجرى الاحداث هذا في الشرق الاوسط والعالم ككل
وإذا كان خطر السلاح النووي الايراني على أمن منطقة الخليج مسألة افتراضية نظرا لان قدرات طهران غير كافية بعد لانتاجه، وان قوى عظمى تتصدى لها، فان خطر محطة بوشهر النووية الايرانية أصبح فعليا ومحدقا بالجميع.
والمسألة ليس فقط لان المحطة القريبة من شواطئ جميع الدول المطلة على الخليج كائنة في بلد ليس لديها خبرة بادارة مثل هذه التكنولوجيا الخطرة وعدم ثقتها بالاخرين للتعاون، بل الخطر يكمن في ان كافة أشكال هذه المحطات عرضة للمخاطر الطبيعية او بعامل الإنسان، وليس هناك من يضمن لها الامن %100 وهذا ما تشهد عليه الانفجارات التي وقعت في محطات مشابهة في بلدان متطورة وذات خبرة، وكان اشهرها واكثرها فداحة محطة تشيرنوبل في نهاية ثمانينات القرن الماضي والتي أعادتها إلى الأذهان اندلاع الحرائق في روسيا، فما زالت آثارها الخطرة ماثلة حتى الآن وتتجسد في تعرض الناس هناك لامراض خبيثة وولادة اطفال مشوهين، ويخشى الناس من تعاطي محاصيل المنطقة الزراعية، علما ان تصميم محطة بوشهر يشبه الى حد كبير بناء محطة تشيرنوبل.
لهذا السبب بالذات فان بعض الدول المتحضرة التي تحترم الحياة البشرية وتدافع عن صحة الانسان الجسدية والنفسية تخلت عن فكرة المحطات النووية وفضلت المحطات الكهرومائية او التي تعمل على الوقود والشلالات.ومن يرى ان المحطة ستكون مصدر خير لايران لانها ستزود مساحات واسعة مكتظة بالبشر والمصانع والحقول بالكهرباء الرخيصة، وانها رمز التقدم واستخدام التكنولوجيا الراقية وتعطي دفعة قوية للاقتصاد، فانه يتناسى ان المحطة بنيت بأياد وعقول أجنبية ولكن بتمويل إيراني.
ولكن حينما يرحل الأجنبي عن المحطة التي يعرف أسرارها فانه سيترك فراغا مظلما وراءه، ويفجر قلق الشعوب القريبة من المحطة على خلفية الابتهاج الايراني، فالمحطة في نهاية المطاف قابلة للعطب باي لحظة، ومعرضة لأي خطأ، انها القنبلة النووية الحق.
فدول المنطقة مدعوة لوضع استراتيجيات بعيدة المدى للمستقبل تجنبها احتمالات تلوث الجو وتسرب الاشعة ومراقبة مستديمة للاجواء القريبة، لان الافاق في كل الاحوال غير واعدة.
التعليقات