تواجه فرنسا انتقادات أوروبية واسعة بسبب تعاملها مع قضية الغجر.

باريس: يرى مسؤولون وخبراء ان الانتقادات غير المسبوقة التي تتعرض لها فرنسا، مهد شرعة حقوق الانسان في اوروبا، بسبب سياسة طرد الغجر، انما هي طريقة يستخدمها البعض لتصفية حساباته مع دولة غالبا ما تعتبر متعجرفة، والبعض الاخر للتقليل من مسؤولياته.

وفي بروكسل كما في بوخارست، تكرر فرنسا التأكيد على انها تحترم القانون الاوروبي quot;بحذافيرهquot;. غير ان سياستها في ازالة عشرات المخيمات غير الشرعية التي اقامها الغجر القادمون خصوصا من رومانيا وبلغاريا وقيامها بترحيل المئات من هؤلاء الى بلادهم، ولا سيما رومانيا، عادا عليها بانتقادات حادة.

وهذه الانتقادات ترفضها باريس جملة وتفصيلا. ويقول وزير الدولة الفرنسي للشؤون الاوروبية بيار لولوش في تصريح لوكالة فرانس برس انه quot;من الظلم تعليق فرنسا على عمود التشهيرquot;.

ويؤكد الوزير الفرنسي ان لديه quot;انطباعا بوجود حملة تقريعquot; تتعرض لها فرنسا في الاوساط الاوروبية.

وبعد الامم المتحدة التي وضعت فرنسا في قفص الاتهام في آب/اغسطس بمناشدتها باريس quot;تجنب الخطابات السياسية التي تنم عن تفرقة عنصريةquot;، كان الدور هذا الاسبوع في جلد فرنسا لكل من البرلمان الاوروبي ومجلس اوروبا.

وقال لولوش لاذاعة quot;فرانس انترquot; quot;اقول للبرلمان الاوروبي انهم بصدد فقدان مصداقيتهم ولقد قلت لهم هذا الامر وجها لوجهquot;.

واضاف quot;عندما ينتهك البرلمان الاوروبي بنفسه النصوص، اي التوجيهات المتعلقة بحركة التنقل داخل الاتحاد الاوروبي ويقول +لا، لم يعد يحق لهم القيام بعمليات طرد+ فماذا يعني هذا؟ هل لم يعد هناك اي قيمة للبند الثالث من المعاهدة؟quot;.

واضاف ان quot;القانون الاوروبي يقول ان حرية التنقل تطبق على الدول ال27. هو ينص على اقامة لثلاثة اشهر وليس 30 عاما، وليس مجانا من دون حساب: لا احد لديه الحق بان يذهب ويقيم في الطرف الآخر من اوروبا على حساب الدولة المضيفةquot;.

وزار لولوش الخميس بوخارست برفقة وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون للدفاع عن سياسة فرنسا امام الانتقادات الحادة التي وجهت اليها في هذا الملف.

ولم يتردد رئيس الكتلة الليبرالية في البرلمان الاوروبي رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفشتادت في ان يتحدث الثلاثاء عن quot;منحى شعبوي، واحيانا عنصريquot; في حملة طرد الغجر، في حين وصف رئيس الكتلة الاشتراكية في البرلمان الاوروبي الالماني مارتن شولز الاجراءات الفرنسية ضد الغجر بquot;التنكيلquot;.

بدوره وصف مفوض حقوق الانسان في مجلس اوروبا السويدي توماس هاماربرغ الاربعاء quot;الخطاب السياسي الراهن ضد الغجرquot; بذلك الذي اعتمده quot;النازيون والانظمة الفاشيةquot;، الامر الذي اثار ازمة سياسية سرعان ما تم احتواؤها عندما قال انه لا يقصد السلطات الفرنسية.

ويقول عالم الاجتماع ميشال فيفيوركا ان هذا التشبيه انما هو تعبير عن استياء حيال فرنسا، الدولة التي quot;لطالما اعتبرت متعجرفةquot; في المسرح الدولي، وتعبير ايضا عن quot;خيبة املquot; من بلد يرفع لواء القيم الانسانية العالمية.

ويضيف ان quot;البلد الذي يحب ان تكون له الصدارة في مجال حقوق الانسان والذي كان القدوة في العالم اجمع بمعارضته من على منبر الامم المتحدة الحرب في العراق (2003) يؤخذ عليه اليوم ارتكابه جرما وضيعا يتناقض مع خطابهquot;.

والخميس دعا النواب الاوروبيون فرنسا الى ان تعلق فورا عمليات ترحيل الغجر الذين تم ترحيل حوالى الف منهم منذ مطلع تموز/يوليو.

ولكن بالنسبة الى المسؤولين الفرنسيين فان هذه الهجمات ما هي الا محاولات للتقليل من مسؤولية الاتحاد الاوروبي والدول التي يتحدر منها الغجر والتي، بحسب باريس، لا تقوم بما عليها في مجال تطبيق سياسات دمج هذه الاقليات في مجتمعاتها.

ويقول ارنو كلارسفيلد المستشار في مكتب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون في تصريح لفرانس برس ان quot;هذه الهجمات هي بالنسبة الى الاتحاد الاوروبي ورومانيا محاولة لرفع المسؤولية عنهما والقائها على فرنساquot;.

وبدوره يقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية اكسيل بونياتوفسكي ان quot;هذا الامر مزعجquot;، مهاجما الدول التي انضمت مؤخرا الى الاتحاد الاوروبي مثل رومانيا.

وبعيدا عن قضية الغجر تعرض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مؤخرا لهجمات متكررة من قبل الصحافة الاجنبية، ولا سيما في مجالي السياسة الاجتماعية والمالية.

وفي تموز/يوليو عنونت اسبوعية quot;كورييه انترناسيونالquot; (التي تترجم مقالات اجنبية) احد اعدادها بquot;فرنسا منتوفة الريشquot; وقد تضمن العدد مقالات نشرت في الصحافة الاوروبية وتندر فيها اصحابها بالمأساة التي يعاني منها رئيس quot;يحاضر في الاخلاقquot; في المحافل الدولية ولكنه في بلده غارق في فضائح سياسية-مالية.

وهذا الاسبوع اختارت مجلة quot;ذي ايكونوميستquot; الاقتصادية البريطانية عبارة quot;الرئيس المنكمش بشكل لا يصدقquot; عنوانا لمقال قارنت فيه بين كيف بدأ ساركوزي عهده وquot;النسخة المصغرةquot; التي اصبح عليها.