في خطوة من المتوقع أن تثير الكثير من الحرج التونسيّ لدى الحلفاء الأوروبيين، كشف تقرير حقوقيّ أوروبيّ صدر الجمعة واطلعت quot;إيلافquot; على نسخة منه عن انتهاكات كبرى تنتهجها الحكومة التونسيّة ضدّ حقوق الإنسان، الأمر الذي وجده مُعدّو التقرير quot;متعارضاquot; مع التزامات تونس وتحديدا مع اتفاقيات الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبيّ.

التقرير: تونس تنكّرت لالتزاماتها، وطريقة تعاطي الأوروبيين مع الملفّ الحقوقيّ غير متّستقة

إسماعيل دبارة من تونس: quot; تنتهك تونس بصورة منهجية ومنظمة معظم الحقوق والحريات التي التزمت بها وأقرتها اتفاقيات الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبيquot;، هذا ما خلص إليه التقرير الجديد للشبكة الأوربية المتوسيطية لحقوق الإنسان الذي صدر الجمعة بثلاث لغات واطلعت quot;إيلافquot; على نسخة منه.

التقرير الوارد بعنوان: quot;تضارب السياسات الأوربية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في تونسquot; دعا إلى ضرورة ضمان حرية الصحافة وحرية تكوين الجمعيات النقابية للمنظمات غير الحكومية، النقابات، والهيئات والنقابات المهنية، والإفراج عن كافة السجناء السياسيين.

وأكد كمال الجندوبي الرئيس الحالي للشبكة الأوربية المتوسيطية لحقوق الإنسان أنّ السلطات التونسية تنتهك بصورة منهجية ومنظمة معظم الحقوق والحريات التي التزمت بها وأقرتها اتفاقيات الشراكة بينها وبين الاتحاد الأوروبي.

وطالب الجندوبي الاتحاد الأوروبي بأن يكون quot;أكثر حزماquot; في المطالبة بمزيد من الإصلاحات خلال المفاوضات الجارية بشأن منح مرتبة الشريك المتقدم لتونس ومنها حرية التعبير والتنظم والإفراج عن جميع المساجين السياسيين والعمل على إلغاء التعديل على المادة 61 مكرر من القانون الجنائي الذي يجرم الاتصال بين الناشطين والمؤسسات الأوروبية.

وقال كمال الجندوبي رئيس الشبكة من خلال التقرير: quot;الاتحاد الأوروبي لم يستنفد بعد كافة الوسائل المتاحة أمامه لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في تونس، إننا نناشد الاتحاد الأوروبي بأن يكون أكثر حزما في علاقاتة مع السلطات التونسية وأن يطالب بمزيد من الإصلاحات خلال المفاوضات الجارية بشأن رفع مستوى العلاقات في ما بينهما من أجل منح تونس quot;مرتبة الشريك المتقدمquot;، ومنها ضمان حرية الصحافة وحرية تكوين الجمعيات النقابية للمنظمات غير الحكومية، النقابات، والهيئات والنقابات المهنية، والإفراج عن كافة السجناء السياسيينquot;.

كما أعرب الجندوبى عن قلقة البالغ بشأن التعديل الذي ادخل على المادة 61 مكرر من القانون الجنائي الذي يُجرّم الاتصال بين الناشطين في مجال حقوق الإنسان، والمؤسسات الأوروبية، وناشد الاتحاد الأوروبي المطالبة بإلغاء فوري للتعديل.

ويقول التقرير الذي ورد في 75 صفحة وورد باللغات العربيّة والفرنسيّة والانجليزية إنه ينشرُ في سياق المفاوضات القائمة بين تونس والاتحاد الأوروبي بشأن رفع مستوى العلاقات في ما بينهما من أجل منح تونس quot;مرتبة الشريك المتقدمquot;، كما يحلل التقرير سياسة الحكومة التونسية وممارساتها في مجال حقوق الإنسان وكذلك سياسات مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

كمال الجندوبي رئيس الشبكة الأوربية المتوسيطية لحقوق الإنسان:quot;الاتحاد الأوروبي لم يستنفد بعد كافة الوسائل المتاحة أمامه لتعزيز وحماية حقوق الإنسانquot;.

وانتقد التقرير طريقة تعاطي الأوروبيين مع الملفّ الحقوقيّ في تونس، ووصف السياسات الأوربية في هذا الصدد بـquot;عدم المتسقةquot;.

وكشف التقرير أنّ تونس لم تنفّذ أيا من التزاماتها التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق باحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل انتهكت بشكل quot;ممنهج ومنظمquot; كل ما تمّ الالتزام به مع الأوروبيين ومن ذلك تكثف محاكمة النشطاء السياسيين والحقوقيين والتعذيب والرقابة على الانترنت وعدم احترام استقلالية القضاء وسجن الصحافيين وغيرها من الانتهاكات.

ويرى تقرير الشبكة الأورومتوسطيّة لحقوق الإنسان أنّ تونس التزمت بتعزيز الديمقراطية والتعددية السياسية من خلال تنمية المشاركة في الحياة السياسية وضمان حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسيةquot;، لكنّ السلطات لم تنفذ أي من الالتزامات المتعلقة بالإصلاحات الديمقراطية وحقوق الإنسان المتفق عليها.

ويرى تقرير الشبكة انه على الاتحاد الأوروبي الوفاء بالتزاماته و أن يستمر في quot;الضغط على تونسquot; من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والديمقراطية.

كما تحدّث التقرير عن quot; فجوةquot; بين التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز حقوق الإنسان في تونس والتنفيذ الفعلي لهذه الالتزامات، كون الاتحاد الأوروبي لم يتصرف بطريقة حازمة ومتسقة في علاقاته مع تونس في شأن الالتزامات التي تعهدت بها في إطار سياسة الجوار الأوروبية.

يشار إلى أنّ تونس تسعى منذ بدايات العام 2010 إلى الحصول على مرتبة الشريك المتقدّم مع الاتحاد الأوروبيّ وهي مرتبة تكتسي أهمية بالغة خصوصا على الصعيدين الاقتصاديّ والسياسيّ، وهي مرتبة تمنح للجيران المباشرين للاتحاد الأوروبي غير المعنيين بمسار الانضمام إلى الاتحاد .

ومع انطلاق المفاوضات بين الطرفين في ما يتعلّق بمرتبة الشريك المتقدّم، أثير جدل حاد في كلّ من تونس وأوروبا حول قدرة الحكومة التونسية على الاستجابة للشروط التي يضعها الاتحاد الأوروبيّ أمام الدول الراغبة في الحصول على هذه المرتبة المميزة والتي يصفها معظم المتابعين quot;بالصعبةquot; خصوصا على المستوى السياسيّ.

إذ يفترض على الدول الراغبة في الحصول على مرتبة quot;الشريك المتقدّمquot; الاستجابة لجملة من الشروط التي يضعها الأوروبيون من قبيل القيام بسلسلة من الإصلاحات تشمل عدّة محاور لعلّ أبرزها الاقتصاد (إصلاحات جبائية وجمركية)، والسياسة (إصلاحات في مجال حقوق الإنسان وتكريس التعددية السياسية)، والمجتمع (تحسين حقوق المرأة)، والهجرة.

المزيد في quot;إيلافquot;:

حقوق الإنسان...امتحان تونس الأصعب لنيل ثقة الأوروبيين

إسماعيل دبارة من تونس

وتجابه تونس ضغوطا دولية وداخلية متصاعدة في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان، ويبدي عدد من المتابعين تخوفهم من إمكانية خسارة تونس لهذه المرتبة على خلفيّة السجلّ التونسيّ السيئّ في ملف حقوق الإنسان.

أما التعديل على المادة 61 مكرر من القانون الجنائي الذي تحدثه عن التقرير الجديد للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، ويجرم الاتصال بين الناشطين والمؤسسات الأوروبية ويحدّ من حرية التعبير بتعلة quot;الأمن الاقتصاديّquot; فإنه يقضي بـ quot;معاقبة كل تونسي يتعمد ربط الاتّصالات مع جهات أجنبيّة للتحريض على الإضرار بالمصالح الحيويّة للبلادquot; المُرتبطة بـquot;أمنها الاقتصاديّquot;.

وأثار هذا القانون انتقادات واسعة في الداخل والخارج والكثير من الجدل في أوساط الحقوقيين والمُشرعين.

ولئن اعتبرت الحكومة أنّ إقرار هذا القانون يأتي في إطار حماية مقومات الأمن الاقتصادي التونسيّ في ظل التحولات التي يشهدها العالم وما تقتضيه من حفاظ على المصالح الحيوية لتونس من كل انتهاك ، فإنّ معارضين ونشطاء حقوقيين وجدوا فيه محاولة جديدة لإسكاتهم واستهدافا لهم لمنعهم من الانتقاد.

يشار إلى أنّ الشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان التي أصدرت التقرير تأسست في العام 2007 خلال اجتماع عقد في المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان في كوبنهاغن، من قبل مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان من شمال وجنوب المنطقة المتوسطية.

وتقول الشبكة الأورو- متوسطية إنّ عملها يستند إلى مقاربة تعتمد على المشاركة، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تيسير عمل الأعضاء من خلال مناصرة تطوير السياسات ونشاطات الضغوط السياسية في قضايا حقوق الإنسان وإجراءات ضمن السياق الواسع للاتحاد الأوروبي، وفيما يتعلق بالمنطقة العربية والمنطقة الأورو- متوسطية، إضافة إلى بناء القدرات والعمل الشبكي من خلال تأسيس مجموعات عمل إقليمية ومعنية بموضوعات محددة.

وتسعى الشبكة إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي ضمن إطار quot;مسيرة برشلونةquot; وهياكل التعاون بين الاتحاد الأوروبي والبلدان العربية.

وتسعى إلى تطوير وتعزيز شراكات بين المنظمات غير الحكومية في المنطقة الأورو- متوسطية، وتيسير تطوير آليات لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، ونشر القيم الحقوقية.