هدد وزراء حزب الله في الحكومة اللبنانية اليوم بتقديم استقالتهم اذا لم تعقد الحكومة جلسة لبحث ملف المحكمة الدولية.
بيروت: تبدو الحكومة اللبنانية اليوم الاربعاء على وشك الانهيار مع تاكيد وزراء حزب الله وحلفائه انهم سيستقيلون اذا لم ينعقد مجلس الوزراء بناء على طلبهم لاتخاذ موقف من المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري.
ويأتي هذا التطور التصعيدي غداة اعلان قوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه) فشل المسعى السعودي السوري القائم منذ اشهر في محاولة لايجاد حل للخلاف المستحكم بين طرفي الحكومة الاساسيين حول المحكمة الخاصة بلبنان التي اكدت تقارير صحافية انها ستوجه الاتهام في اغتيال رئيس الحكومة السابق الى حزب الله.
ويعقد وزراء قوى 8 آذار اجتماعا بعد ظهر اليوم يرجح ان يعلنوا خلاله استقالتهم.
وكانوا طالبوا مساء الثلاثاء رئيس الحكومة سعد الحريري بالدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء quot;خلال ساعاتquot; من اجل quot;اتخاذ موقف من المحكمة والقرار الظني وما يتسبب به من انقسامات واشكالات في الوطنquot;، الامر الذي لم يحصل حتى الآن.
وقال وزير الصحة اللبناني محمد جواد خليفة المنتمي الى حركة امل الشيعية المتحالفة مع حزب الله، الاربعاء لوكالة فرانس برس quot;اذا لم ينعقد مجلس الوزراء، يعني ان الحكومة غير موجودة، وسيقدم 11 وزيرا استقالاتهم اليومquot;.
وتتألف الحكومة من ثلاثين وزيرا، وتعتبر مستقيلة في حال استقالة الثلث زائد واحد اي 11 وزيرا.
ويبلغ عدد وزراء حزب الله وحلفائه عشرة، ورفض خليفة الافصاح عن اسم الوزير الحادي عشر الذي سيستقيل معهم.
وكان عدد وزراء قوى 14 آذار بقيادة رئيس الحكومة لدى تشكيل الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، خمسة عشر وزيرا قبل ان يعلن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الممثل بثلاثة وزراء، الخروج من قوى 14 آذار الى موقع وسطي.
اما الوزراء الخمسة المتبقون فمحسوبون على رئيس الجمهورية التوافقي ميشال سليمان.
وبدأت الازمة بعد كشف حزب الله في الصيف الماضي عن توجه الى اتهامه في جريمة اغتيال رفيق الحريري التي وقعت في شباط/فبراير 2005. وبدأ على الاثر حملة على المحكمة الخاصة بلبنان التي يتهمها بالتسييس وبانها quot;اداة اسرائيلية واميركية لاستهدافهquot;.
وطالب حزب الله بوقف التعاون مع المحكمة، مقابل اعلان فريق رئيس الحكومة تمسكه بالمحكمة ورفضه اي تسوية على حسابها. وتسببت الازمة بشلل حكومي ومؤسساتي.
ويتبادل الفريقان مسؤولية فشل المساعي السعودية السورية من اجل احتواء التوتر الناجم عن احتمال صدور القرار الظني الذي بات quot;واردا في اي لحظةquot;، على حد ما اعلن النائب جنبلاط الاربعاء.
وكان رئيس الحكومة انتقل منذ الجمعة الماضي الى الولايات المتحدة للمرة الثانية خلال عشرة ايام، لاجراء محادثات مع الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز الذي يتلقى العلاج في نيويورك، بهدف البحث في الحلول الممكنة للازمة.
وحمل قبل مغادرته خصومه مسؤولية عدم تنفيذ ما التزموا به في اطار مسعى السعودية الداعمة للحريري وسوريا الداعمة لحزب الله. واوضح مسؤول حكومي لوكالة فرانس برس في حينه ان الاتفاق السعودي السوري كان ينص على وجوب التزام قوى 8 آذار بالتهدئة السياسية وتفعيل العمل الحكومي.
في المقابل، اعتبرت قوى 8 آذار ان quot;دخولا اميركيا على الخطquot; أفشل المساعي العربية.
والتقى الحريري في نيويورك خلال الايام الماضية، الى جانب العاهل السعودي، الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والامين العام للامم المتحدة بان كي مون. ويفترض ان يلتقي في وقت لاحق اليوم الرئيس الاميركي باراك اوباما في واشنطن.
وقال النائب عمار حوري من كتلة تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري لفرانس برس ان quot;لا قرار بعقد جلسة حكومية الآنquot;، مضيفا ان الحريري quot;سيتشاور في هذا الامر مع رئيس الجمهورية بعد عودته من زيارته الحالية الى الولايات المتحدةquot;، من دون ان يحدد تاريخ عودته.
وقال وزير البيئة محمد رحال المنتمي الى تيار المستقبل ان quot;كل السيناريوهات التي طرحت (من جانب قوى 8 آذار) هي لاخضاع الحريري لالغاء المحكمة. وعندما لم ينجح هذا الامر اعلنوا الحرب السياسية عليه اليومquot;.
واكد ان quot;الهدف من الاستقالة هو شل الدولة في سبيل الغاء المحكمة الدوليةquot;، مضيفا quot;يظنون انهم سيضغطون عليه اكثر لتنفيذ اجندة معينة لكن هذا الموضوع سيبوء بالفشلquot;.
وكان الحريري اتصل ليلا بسليمان. وقال، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه، ان quot;الامل لا يزال معقودا على كل الاشقاء والاصدقاء في مساعدة لبنان على تخطي هذه المرحلة الصعبة بمثل ما ان الامل معقود في الدرجة الاولى على حكمة اللبنانيين وقياداتهم وسعينا جميعا الى عدم الانجرار لردات الفعلquot;.
وشهد لبنان ازمة حكومية بين تشرين الثاني/نوفمبر 2006 حتى ايار/مايو 2007 بعد انسحاب خمسة وزراء شيعة وسادس مسيحي من الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة آنذاك على خلفية خلاف حول اقرار نظام المحكمة الدولية.
وتطورت الازمة الى معارك في الشارع بين انصار فريقي حزب الله وسعد الحريري تسببت بمقتل اكثر من مئة شخص واستدعت عقد مؤتمر حوار وطني في الدوحة تم خلاله التوصل الى تسوية.
كلينتون: العدالة والاستقرار يسيران جنبا الى جنب في لبنان
من جهة ثانية اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في مقابلة بثتها قناة العربية الثلاثاء ان الاستقرار والعدالة في لبنان يسيران جنبا الى جنب.
وردا على سؤال خلال المقابلة مع قناة العربية، ومقرها في دبي، حول ما يجب ان تكون الاولوية بالنسبة للبنان العدالة ام الاستقرار، قالت كلينتون quot;اعتقد انه يجب ان يكون الاثنان معاquot;.
ويشهد لبنان منذ اشهر ازمة سياسية على خلفية تقارير تتحدث عن احتمال توجيه الاتهام في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، الى حزب الله الذي يصف المحكمة الدولية المكلفة النظر في هذه القضية بانها quot;مسيسةquot; ويطالب بوقف التعامل معها.
وردا على سؤال لمعرفة ما اذا يمكن ان تؤدي العدالة الى اعمال عنف في لبنان قالت كلينتون quot;اعتقد ان العدالة عنصر مهم ويرسي الاستقرار على المدى الطويل في اي مجتمع لانه اذا كان الناس يعيشون في ظل الرعب، فان هؤلاء الذين يملكون السلاح يمكنهم فرض قانونهم. العدالة ضرورية من اجل الاستقرارquot;.
واكدت وزيرة الخارجية في الوقت نفسه ان quot;حكومة وشعب لبنان يجب ان يطالبا بمحاسبة افراد وليس المجموعات التي ينتمون اليهاquot;.
وقالت ان quot;الافراد يجب ان يحاكموا بصفتهم هذهquot; وليس بصفتهم اعضاء في حزب سياسي.
التعليقات