تصل نسبة الأمية في جنوب السودان نحو 85%، وتعمل وزارة التعليم في هذا البلد على خطة لتقليل هذه النسبة إلى 50% بنهاية العام 2015.


جوبا: في منطقة تصل فيها نسبة الامية الى 85% ويبلغ عدد سكانها اكثر من ثمانية ملايين نسمة، تعمل وزارة التعليم في جنوب السودان بميزانية متواضعة على تحقيق هدف طموح يقضي بخفض هذه النسبة الى 50% بنهاية العام 2015.

والمدارس في جنوب السودان ليست بالضرورة البناء الذي يضم غرف التدريس والملعب والمدرسين والناظر، بل يمكن ان تكون مجرد خيمة في قرية نائية، او مدرسا مغامرا يجول في الارياف ويضع لوحه الدراسي على جذع شجرة يتفيأ تحت ظلها مع عدد من الاطفال الذين لم يعرفوا من الحياة سوى رعاية الماشية.

رغم جسامة المشكلة والامكانات المحدودة يشرح المدير العام في وزارة التعليم في حكومة جنوب السودان كوال اكيم بول المشاريع التي تعمل عليها الوزارة منذ سنوات لمحاربة الامية في جنوب السودان، بميزانية بلغت عام 2010 نحو 110 ملايين دولار لا تشكل سوى 6% من الموازنة العامة.

يقول اكيم بول لوكالة فرانس برس وهو جالس في مكتبه في مقر وزارة التعليم في جوبا عاصمة الجنوب quot;ان 65 % على الاقل من سكان جنوب السودان يعتاشون من رعاية الماشية وغالبيتهم يتحركون بشكل دائم من منطقة الى اخرى، فكان من الصعب اقناعهم بالبقاء في منطقة واحدة لتمكين اولادهم من الذهاب الى المدرسةquot;.

ويضيف quot;لذلك انشأنا المدارس المتنقلة حيث ينتقل المدرسون من منطقة الى اخرى لتأمين التعليم للاولاد والكبار على حد سواءquot;.

والمدارس المتنقلة تأتي في اطار مشروع quot;التربية البديلةquot; المكلف به اكيم بول، والهدف منها اعطاء دروس مكثفة للاطفال في الارياف لمدة اربع سنوات تكون كافية لجعل التلميذ قادرا على الانتقال الى المرحلة الثانوية، بدلا من الثماني سنوات التي تتشكل منها عادة المرحلة الابتدائية في المدارس العادية.

ويعطي المسؤول في وزارة التعليم ارقاما للتأكيد على التقدم الذي حصل في مجال محاربة الامية. ففي العام 2006 كانت نسبة الاولاد في سن الدارسة الذين يتلقون فعليا التعليم نحو 400 الف، ليرتفع هذا العدد عام 2009 الى 1,380 مليون، بينهم 217 الفا يتلقون تعليمهم في المدارس المتنقلة.

ويضيف اكيم بول quot;ان الجهود التي بذلناها بعد توقيع اتفاق السلام عام 2005 مكنتنا من ان نرفع نسبة الاولاد في سن الدارسة الذين يتلقون التعليم من 11% عام 2005 الى نحو 40% حاليا اي اربعة اضعاف، الا ان هذا يعني ايضا ان 60% من الاطفال لا يزالون بعيدين عن مقاعد الدراسة!quot;.

ويؤكد اكيم بول ان الهدف الذي تعمل الوزارة على تحقيقه هو خفض نسبة الامية من نحو 85% حاليا الى 50% عام 2015.

وتعمل المدارس في جنوب السودان في ظروف صعبة للغاية ان لم تكن بدائية. وتكشف الارقام التي وضعتها دائرة الاحصاء في الوزارة ان 51% من المدارس الابتدائية لا ماء للشرب فيها في حين ان 77% منها لا تعرف الكهرباء.

ويوضح المسؤول السوداني الجنوبي ان نسبة الامية عند الاناث تصل الى 92% لذلك وضعت الوزارة برنامجا خاصا لتعليم البنات في الارياف يمتد على ثلاث سنوات.

ويقول اكيم بول quot;ان الاهل يفضلون عدم ارسال البنات الى مدرسة بعيدة عن مناطق سكنهم خوفا عليهن من التعرض للاغتصاب في الارياف، لذلك كان لا بد ايضا من مدارس متنقلة تعنى خصيصا بتعليم البناتquot;.

ويضيف quot;كان من الصعب اقناع الرعاة باهمية تعليم البنات، لان المهم بالنسبة اليهم هو الحصول على مهر العريس الذي يريد الزواج منهن في المنطقة نفسها، والتعليم قد يبعدهن الى المدنquot;.

ويوضح اكيم بول ان هناك مشروعا خاصا ايضا بتعليم الكبار يمتد على سنتين لاخراجهم من الامية عبر تقديم حد ادنى من نسبة التعليم اليهم.

اما عدد المدارس في كافة انحاء الجنوب فهو لا يزال محدودا جدا مقارنة بعدد السكان. فهناك 3220 مدرسة ابتدائية تضم 1,38 مليون تلميذ، في حين ان عدد الثانويات 158 ثانوية فقط تضم 44 الف تلميذ.

اما عدد الطلاب الجامعيين في جنوب السودان فهو تسعة الاف اي اقل مما هو موجود في اي كلية عادية في مدينة عربية.

ويعلق المسؤول التعليمي الجنوبي اهمية كبيرة على المساعدات الخارجية ويوضح من دون ان يقدم ارقاما ان برنامج المساعدات الاميركية quot;يو اس ايدquot; يساهم كثيرا في مجال التعليم في جنوب السودان.

ويواصل السودانيون الجنوبيون الاقتراع في اطار الاستفتاء الذي بدأ في التاسع من كانون الثاني/يناير الحالي، والذي ترجح كافة الاوساط ان يؤدي الى الانفصال عن السودان وبالتالي ولادة دولة جديدة ستكون من بين الافقر في العالم.