انهال سيل من التحذيرات على السكان الجنوبيين في السودان بالتزامن مع بدء الاستفتاء حول تقرير المصير، ويرى متابعون أنّ الأسباب التي تقف وراء أطول حرب أهلية شهدتها القارة السمراء لن تذوب بين عشية وضحاها أو بسبب آمال يطلقها البعض.


الخرطوم: بينما توجه الأحد السكان في جنوب السودان إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء المصيري الذي سيحدد مستقبلهم سواء بالانفصال أو الوحدة، وجَّه دبلوماسيون وعمال إغاثة تحذيراتهم إلى الجنوبيين من أنهم يأوون آمالاً كبيرة quot;على نحو سخيفquot; بالنسبة للمستقبل، وهي الآمال التي يمكن أن تزرع بذور صراع جديد.

ورغم حالة الهدوء التي فرضت نفسها يوم الأحد على الأجواء عند بدء عملية التصويت في الجنوب، إلا أن سيلاً من التحذيرات بدأ ينهمر على رؤوس السكان هناك من أنه وبغض النظر عن الاستفتاء الذي يشكل على ما يبدو المرحلة الأخيرة من اتفاق السلام الذي تم إبرامه قبل ستة أعوام بين الشمال والجنوب، فإن الأسباب التي تقف وراء أطول حرب أهلية شهدتها القارة السمراء لن تذوب بين عشية وضحاها.

وفي حين طغت أجواء احتفالية على عاصمة الجنوب، جوبا، مع توجه الجنوبيين إلى مراكز الاقتراع، أوردت اليوم صحيفة الدايلي تلغراف البريطانية عن دبلوماسي غربي يتواجد في جوبا، قوله quot; إن إقامة استطلاع سلمي، وإكمال عمليات الفرز بصورة شفافة، هي البداية، وليست النهاية لسبيل السودان نحو الاستقلال. وهناك توقعات كبيرة على نحو سخيف بأنه من اليوم الأول عقب الانفصال، ستظهر بشكل مفاجئ جميع المشكلات المتعلقة بالمدارس، والمستشفيات، والوظائف، والطرق، والكهرباءquot;.

وقال ألون ماكدونالد، الناطق باسم منظمة أوكسفام في شرق إفريقيا :quot; لن يحدث ذلك ببساطة. ولن تزول الأسباب الرئيسية للعنف في أعقاب الاستفتاء. فالمجتمع الدولي وحكومتا السودان الشمالية والجنوبية يعملون سوياً لحل القضايا السياسية رفيعة المستوى، في وقت تتعرض فيه بعض من اهتمامات المجتمعات المحلية لخطر التجاهلquot;.

ومضت الصحيفة تقول إن حكومة جنوب السودان، التي يقودها بشكل كبير جنود متمردون سابقون بالكاد يستطع كثيرون منهم القراءة والكتابة، ستواجه تحديات كبيرة مع بدء تسلمها مسؤولية الدولة الأحدث في العالم. وقال أحد عمال الإغاثة في جوبا إن أموال البنك الدولي التي يبلغ مجموعها حوالي 350 مليون إسترليني، وخُصِّصَت للتنمية في جنوب السودان، لم تنفق لأن الحكومة غير قادرة على التصرف بها.

وقالت الصحيفة إن من أهم اهتمامات الناخبين هو احتمالية قيام المسؤولين في شمال السودان بطريقة أو بأخرى بعرقلة التصويت، أو عمليات الفرز، أو رفض الاعتراف بالنتيجة. ونقلت الصحيفة في تلك الجزئية عن ماري نيراسوك، 57 عاماً، وهي مُدرِّسة ابتدائي سافرت من الخرطوم إلى وطنها في الجنوب لكي تصوِّت، قولها :quot; لا يمكننا أن نثق في أنهم سيكونوا سعداء ليقولوا ( وداعاً ) للجنوبquot;.