مثلت المواقع الاجتماعية وخاصة quot;فايسبوكquot; منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في تونس فضاء لتقاسم المستجدات للاحتجاجات في مختلف المدن، وأنشأ المبحرون التونسيون صفحات مخصصة للتغطية الفورية لآخر الأحداث ذات الصلة بالاحتجاجات مثل quot;وكالة أنباء تحرك الشارع التونسيquot;.
تونسيات يتابعن اخبار الاحتجاجات في الصحف اليومية |
أمر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في خطاب ألقاه مساء الخميس بوقف استعمال الرصاص الحي من طرف قوات الأمن وأكد رفضه سقوط مزيد من الضحايا المدنيين كما تعهد عدم الترشح لفترة رئاسية قادمة ومحاسبة المسؤولين عن الفساد.
كما عبر عن تفهمه للمطالب السياسية والاقتصادية واعدا بالإرساء الفعلي والحقيقي للتعددية والديمقراطية لتجاوز المغالطات التي تعرض لها في السابق بالإضافة إلى تخفيض أسعار المواد الأساسية وتحرير الإعلام بصفة كلية والتخلي عن سياسة الرقابة على الانترنت.
وعيّن بن علي أسامة الرمضاني مستشاراً خاصاً له، بعد أن أقاله من منصب وزير الاتصال على خلفية الاحتجاجات الأخيرة خلفا للمستشارين عبدالوهاب عبدالله وعبدالعزيز بن ضياء كما أقال أمس وزير الداخلية.
ميدانيا، تواصلت الاضطرابات لتدخل أسبوعها الرابع حيث فرقت قوات الأمن الخميس في العاصمة عدد من المسيرات الاحتجاجية باستعمال الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع مما أسفر عن عدد من الجرحى ولم تؤكد إلى الآن سقوط قتلى رغم تأكيد بعض شهود العيان لإيلاف ذلك.
ونشرت على الموقع الاجتماعي quot;فايسبوكquot; رسالة استقالة من وزير الخارجية كمال مرجان تقدم بها للشعب التونسي منقولة من موقعه الخاص على الانترنت يقر فيها بعجزه عن مواصلة مهامه ضمن الحكومة الحالية وصرح بأنه غير مسؤول عن المجازر المرتكبة بحق المدنيين وهذا ما فنده مرجان حسب إحدى وسائل الإعلام المحلية وأكد أن الموقع لا يخصه و quot;خبر الاستقالة مغلوطquot;.
وفي هذا السياق قال العروسي النالوتي عضو المجلس الأعلى للاتصال ورئيس تحرير صحيفة المستقبل خلال لقاء مع إيلافquot;انتفاء مصداقية الإعلام المحلي والرسمي خاصة وغيابه التام خلال هذه الأحداث فسح المجال أمام تداول أخبار تطرح إشكالية بخصوص صحتهاquot;.
ويواصل النالوتي قائلا إن التونسيين أمام ما يسمى quot;إعلام الإشاعة الذي أصبح أكثر مصداقية حتى من الإعلام الرسمي رغم كونه مغلوطا في أغلب لأحيان لتأكد التونسيين من التعتيم والمغالطات التي يعتمدها الإعلام المحلي وأتمنى أن تكون هذه الأحداث قد أبرزت مواطن الخلل في إعلامنا quot;.
وأكد الإعلامي لطفي حجي لـ إيلاف quot;هنا تكمن حرفية الصحافي بالاستقصاء والتثبت من مدى صحة الأخبار التي تنشر على الشبكات الاجتماعية خاصة المكتوبة قبل نقلها للرأي العام أما بالنسبة لتسجيلات الفيديو فهي تبرهن عن مصداقيتها بنفسهاquot;.
ومثلت المواقع الاجتماعية وخاصة quot;الفايسبوكquot; منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في تونس فضاء لتقاسم المستجدات الانية للاحتجاجات في مختلف جهات البلاد، وأنشأ المبحرون التونسيون صفحات مخصصة للتغطية الفورية لآخر الأحداث ذات الصلة بالاحتجاجات مثلquot;وكالة أنباء تحرك الشارع التونسيquot;.
وتحول هذا الفضاء الافتراضي أقرب لوكالة أنباء منه إلى موقع للتعارف والدردشة و مصدرا رئيسيا للأخبار والصور التي تستند إليها القنوات الفضائية وبعض وكالات الأنباء العالمية والمواقع الالكترونية لإعداد تقاريرها بخصوص مستجدات الاحتجاجات في تونس وتبث مقاطع من تسجيلات محملة على quot;فايسبوكquot;.
في هذا السياق قال الحجي لإيلاف quot;لجوء وسائل الإعلام الدولية للشبكات الاجتماعية لاستقاء المستجدات يعود لفرض الحكومة حصارا عليها حيث يتطلب التنقل إلى عين المكان لمتابعة الأحداث ترخيصا من وكالة الاتصال الخارجي وعديد الإجراءات الأخرىquot;.
ويضيف أن اندلاع الاحتجاجات في نفس الوقت وبصفة مفاجئة مما يجعل متابعتها بصفة حينية صعبا وهذا ما يفسح المجال للمشاركين فيها بتقمص دور quot;المراسل الهاوي quot; الذي يعتمد على هاتفه الجوال للتوثيق ثم يحمّلها على الشبكات الاجتماعية لتصبح في ما بعد مصدرا لوسائل الإعلام الدولية.
من جهته قال الأستاذ في الجامعة الأميرية الدكتور طارق الكحلاوي لإيلافquot; كان علينا أن ننتظر الاحتجاجات الأخيرة حتى نفهم بشكل واضح و مفاجئ، مثلما كانت الاحتجاجات مفاجئة للجميع بدون استثناء، مدى دمقرطة القدرة على الإعلام و الإخبار في تونس من خلال quot;فايسبوكquot; فبهاتف جوال وحاسوب (مع حساب في quot;فايسبوكquot;) أصبح أي شخص قادر على إنتاج الخبر وننتقل إلى غرفة أخبار واسعة بمئات آلاف المحررين، و بالتحديد إنتاج نوع من الأخبار الميدانية التي تصبح بشكل خاص ثمينة في سياق التعتيم الإعلامي و منع أو تنفير الصحافة المحترفة من التواجد ميدانيا، و هذا ببساطة، الضربة القاضية للإعلام التقليدي للسلطة و لمعارضتها على حد السواءquot;.
وحسب موقع quot;بيكريرز الاجتماعيquot; الذي يقدم إحصائيات حول عدد مستعملي quot;فايسبوكquot; في العالم، فإن عدد التونسيين الذين استعملوا quot;فايسبوكquot; خلال الفترة ما بين 18 و 26 كانون الاول- ديسمبر 2010 (خلال الاحتجاجات) لم ينزل عن مليون و820 ألف مستعمل يوميا.
اعتقالات، حجب وقرصنة...
وشنت الحكومة التونسية في وقت سابق حملة اعتقالات شملت مدونين وناشطين على الانترنت بالإضافة لمغني راب إشتهر باغنية quot;رايس لبلادquot; وأطلق سراحهم في ما بعد ماعدا المدوّنين سليم عمامو و عزيز عمامي رغم قرار بن علي الإفراج عن جميع المعتقلين.
وقالت المدونة هناء الطرابسي لإيلاف quot; كان من الأجدر بالسلطة ان تفتخر بهؤلاء المدونين لا أن تحجب حساباتهم و مدوناتهم، ويصل بها الآمر للزج بهم في السجون كفاطمة الرياحي سابقا و سليم عمامو و عزيز عمامي حاليا، اللذين لا نعرف عنهما شيئا حتى الآن و نندد بشدة اتهامهم بجرائم لم يقترفاهاquot; .
وفي سياق متصل اشتكى الكثير من مستخدمي الإنترنت في تونس من بطئ التدفق ومن الأساليب المستحدثة لحجب المواقع الإلكترونية خلال الأيام الأخيرة ، حيث تعذر عليهم استخدام البريد الإلكتروني ونشر مواد وأشرطة فيديو على quot;فايسبوكquot; ، كما تعذر عليهم الدخول إلى المواقع الإخبارية الإلكترونية رغم استخدام البرامج المعتادة لتجاوز الحجب إضافة إلى زرع روابط مفخخة لقرصنة حساباتهم.
وأكدت الطرابلسي quot;النظام القامع الذي لا يتأخر في محق كل سبيل للتعبير عن الرأي و النقد وراء عمليات القرصنة و لكن يصعب تحديد الهيكل المكلف بذلكquot;
وحسب مصادر إعلامية محلية تعرضت مواقع حكومية في تونس للقرصنة مثل بوّابة الحكومة التونسية والوكالة التونسية للاتصال الخارجي وغيرها من المواقع الرسمية و أعلن قراصنة يحملون اسم quot;أنونيموسquot; (المجهولون) مسؤوليتهم عن الهجمة مشيرين الى أن هذه العملية هي ردّة فعل على توسيع تقنيات الحجب التي لجأت لها الحكومة مؤخّرا.
وردا على هذا الهجوم قامت مجموعة قالت إنها من شباب الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) بقرصنة صفحات مشهورة مثلquot; تونس ـ تونيزي ـ تونيزيا quot; إضافة إلى بعض صفحات صحافيين معارضين ردا على quot;الأكاذيبquot; التي تضمنتها على حد تعبيرهم.
وقال أحد شباب الحزب الحاكم رفض التصريح باسمه لإيلاف إن quot;ما ينشره البعض من المناوئين والخونة على صفحاتهم الخاصة من أخبار مسيئة لتونس ورئيسها دفعتهم لتعمد قرصنتها لمنعهم من ترويج التهم المغلوطةquot;.
صحافيون يحتجون
وفي سياق آخر شن صحافيون تونسيون إضرابا عاما بمقر نقابتهم بالعاصمة تونس تحت حصار بوليسي مما منعهم من الخروج للشارع تعبيرا عن رفضهم لما وصفوه quot; كذب الإعلام الرسمي و التلفزة الرسميةquot; و اغتيال الشباب بالرصاص الحي.
وعبروا في بيانهم الذي اطلعت عليه إيلاف عن استيائهم من منعهم من القيام بواجبهم المهني في تغطية الأحداث الجارية في عدد من المدن والقرى التونسية و تواصل سياسة التعتيم الإعلامي والتغطية المشوهة التي تبرر القمع الحاصل واستهداف المدنيين الأبرياء.
وقال الصحافي زياد الهاني لـ إيلافquot; شخصيا تقدمت بطلب إلى إدارة جريدتي للتحول إلى المناطق المضطربة لتغطية الأحداث الجارية فيها، والرد كان بالرفضquot;
وأضاف أنه لا يمكن السكوت عن مصادرة حق الصحافي التونسي في القيام بواجبه المهني بل ويتم تشويه هذا العمل لخدمة أهداف دعائية تبرر القمع وتحاول التغطية على جرائم القتل الحاصلةquot;.
التعليقات