واشنطن: رسخت حملة عاصفة الصحراء الاميركية الخاطفة بواسطة قوات ضخمة تضمن عدم التورط في فيتنام جديدة، عقيدة عسكرية لم تعد متبعة حاليا بعد مرور عشرين عاما في ظل شكوك تحوم حول مستنقع جديد في أفغانستان.

وحظيت العقيدة بموافقة ارفع ضابط في الجيش الاميركي آنذاك، رئيس اركان الجيوش الجنرال كولن باول، لكن تم نسيانها بعد اعوام في رمال العراق وجبال أفغانستان. وقد حدد باول، مدفوعا بفشل حرب فيتنام حيث خدم كضابط شاب، معايير واضحة قبل ارسال الجنود الى مسرح العمليات، وهي ضرورة تعريف اهداف الحرب سياسيا وعسكريا، وان تكون المصالح الحيوية مهددة، كما ان التدخل يجب ان يحظى بموافقة الداخل والخارج.

وفي حال تلبية هذه الشروط، يجب على الولايات المتحدة تامين قوات quot;ساحقةquot; للتاكد من تحقيق النصر، وفقا لما قاله لاري كورب الخبير العسكري في quot;مركز التقدم الاميركيquot;. وشكلت حرب الخليج الثانية التطبيق الصارم لمبدا باول، اي نصف مليون عسكري وشهر متواصل من القصف الجوي تتبعها مئة ساعة من العمليات الميدانية هدفها الوحيد طرد الرئيس السابق صدام حسين من الكويت.

ويقول مايكل كوهين في مقال نشره مركز الابحاث quot;فاونديشين من اجل اميركا جديدةquot; ان هذا المبدا او العقيدة التي تستخدم ضمن اطار صارم لم تتكيف بشكل جيد مع التدخلات العسكرية الانسانية الطابع في التسعينات كما حصل في الصومال والبلقان ومهمات تعزيز قدرة المؤسسات لبناء الدولة، مما ادى الى التخلي عنها شيئا فشيئا.

وخلال هذه الاعوام، ترافقت quot;الثورة في الشؤون العسكريةquot; مع بروز التكنولوجيا الحديثة والتشديد على الدور المحوري للاستخبارات والاتصالات في حقل المعركة. وبالتالي، بات تخفيض عديد العسكر امرا ضروريا.

وفي 2001، نالت فرق القوات الخاصة ووكالة المخابرات المركزية الاميركية مترافقة بضربات جوية من حركة طالبان وبعد عامين هاجم اقل من 150 الف عسكري العراق للاطاحة بالنظام. في المقابل، لم تكن هناك اي خطة لكي يتمكن البلدين من النهوض مجددا.

ويضيف كورب ان وزير الدفاع السابق دونالد رمسفيلد quot;فعل ذلك عمدا لم يكن يريد بناء الدولة، كما اعتقد المحافظون الجدد ان (السياسي العراقي) احمد الجلبي سيتولى الباقي. لم يخططوا لمرحلة ما بعد الحربquot;.

وفي العراق كما أفغانستان، فان عديد الجنود لم يكن كافيا والحكومات ضعيفة لكي تفرض سيطرتها، فوجدت نفسها بمواجهة حركات تمرد ما دفع بالولايات المتحدة الى وجود عسكري طويل الامد. وبقيادة الجنرال ديفيد بترايوس، تبنى الجيش الاميركي استراتيجية مضادة للتمرد كما حدث في فيتنام قبل اربعين عاما.

وتمكنت التعزيزات العسكرية التي رفعت عديد القوات الاميركية الى 170 الفا في العراق العام 2007 من خفض اعمال العنف. وفي أفغانستان، زاد الرئيس باراك اوباما عدد الجنود الى مئة الف في حين ان المسؤولية الامنية لن يتم تسليمها الى القوات الافغانية قبل نهاية العام 2014.

ويرى كوهين أن هذه الحروب تعيد الاعتبار لعقيدة باول، معتبراً أن quot;العنصر الاكثر اهمية في العقيدة هو فهمهاquot;. وأضاف أن quot;النزاعات غير المحددة بمدة معينة وتتخللها عمليات مضادة للتمرد نادرا ما تكون مناسبة للمصالح القومية الاميركيةquot;.