إعتبر الهجوم الذي شنه أنصار ويكيليكس على مواقع شركات عالمية أشبه بضجيج إلكتروني أو محاولة تخريب، على مستوى مجموعة من الطلاب الجامعيين أكثر من كونها حربًا إلكترونية عالمية. وقد أظهرت الأرقام أن العدد الفعلي للأشخاص الذين يشنون هجمات من جماعة quot;Anonymousquot; كان قليلاً ويقدر بالمئات.


أظهر تحليل جديد أن الهجمات الإلكترونية التي شهدها العالم أخيرًا للدفاع عن موقع ويكيليكس تفتقد للقوة والفاعلية. فبعد ان أقدمت شركتا فيزا، وماستركارد، وغيرهما على وقف الخدمات ومنع التحويلات المالية إلى موقع ويكيليكس، أطلقت مجموعة من القراصنة الناشطين هجمات تعرف بهجمات حجب الخدمة الموزعة quot;DDoSquot; ضد هذه الشركات، وقد أظهر التحليل ان تلك الهجمات لا ترقى لدرجة الحرب إلكترونية.

وبينما ذهب العديد من الصحف ووسائل الإعلام، وعلى رأسها الغارديان البريطانية، إلى التأكيد أن الزوبعة التي أحدثها ويكيليكس تسببت بدخول مرحلة جديدة من الحرب المعلوماتية بين المؤيدين والمنتقدين، وكذلك نشوب الحرب الإلكترونية الأولى والواسعة النطاق على شبكة الإنترنت، وقد رأى خبراء معنيون بأمن الانترنت أن الحرب الإلكترونية التي نشبت هذا الشهر ربما كانت في معظمها ضجيجًا إلكترونيًا.

وعلى الرغم من أن تلك الهجمات قد تسببت بإبطاء أو إيقاف عدد من المواقع الإلكترونية المستهدفة لبضع ساعات، إلا أنها فشلت بوضوح ضد أمازون وغيره من المواقع. وقد أظهر تحليل مُفَصّل جديد، في واقع الأمر، أن الهجمات الإلكترونية المتعلقة بالزوبعة التي أحدثها أخيرًا موقع ويكيليكس، كانت أشبه ما يكون باعتصام إلكتروني على مستوى مجموعة من الطلاب الجامعيين أكثر من كونها حربًا إلكترونية عالمية.

وعلى صدر مدونته الإلكترونية، قال كريغ لابوفيتز، العالم الرئيس في شركة quot;أربور نيتوركسquot; المتخصصة في أمن الإنترنت :quot;على الرغم من نشر الآلاف من رسائل التويت والمقالات الصحافية والضجيج الذي لا نهاية له، إلا أن معظم الهجمات كانت صغيرة نسبيًا وغير متطورة. وبخلاف التمحيص الإعلامي المكثف، كانت الهجمات عاديةquot;.

بدورها، لفتت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور إلى أن quot;عملية الاستردادquot; التي نفذتها أخيرًا جماعة quot;Anonymousquot; استعانت ببرنامج يطلق عليه quot;بوتنتquot;، وهي البرامج التي تستولي على الحواسيب ثم تديرها بصورة أوتوماتيكية، وتُستَخدم من جانب المجرمين لتوزيع البريد المزعج وفيروسات الكمبيوتر ولابتزاز الأموال من الشركات الموجودة على الإنترنت. وبحلول نهاية العام 2010، سيتراوح العدد الإجمالي لبرامج quot;بوتنتquot; النشطة في جميع أنحاء العالم ما بين 3.5 و 4.5 ملايين برنامج، حسبما ذكرت في هذا السياق شركة سيمانتك.

وفي وقت تستولي فيه معظم برامج quot;بوتنتquot; على الحواسيب من دون موافقة أصحابها، قالت جماعة quot;Anonymousquot; إن برنامج quot;بوتنتquot; الذي استعانت به في هجماتها الخاصة بحجب الخدمة الموزعة كان اختياريًّا، بحيث يمكن لأي مستخدم أن يستعين به، لكي يحول حاسوبه إلى حاسوب هجومي يعمل من خلاله على دعم القضية.

وعلى الرغم من قيام أكثر من 100 ألف مستخدم بتحميل هذا البرنامج، إلا أن التحليل الذي أجرته شركة quot;أربور نيتوركسquot; لعناوين بروتوكول الإنترنت المميزة أظهر أن العدد الفعلي للأشخاص الذين يشنون هجمات من جماعة quot;Anonymousquot; دفاعًا عن ويكيليكس، كان قليلاً للغاية (يقدر بالمئات) بدلاً من الآلاف أو عشرات الآلافquot;.

وأضاف لابوفيتز :quot; من حيث عرض النطاق الترددي للهجوم، لم تكن الهجمات المتزامنة في وقت واحد من جانب جماعة quot;Anonymousquot; كبيرة بشكل بارز: حيث انحصر جميعها في quot;نطاق يمتد من الصغير إلى المتوسطquot; بالنسبة إلى مثل هذه الهجمات ndash; أو حوالى 350 ميغابايت لكل ثانية، التي تعتبر متوسطًا لهجمات 2010quot;.

ومضت الصحيفة تنقل عن تيد ويلسر، أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة أوهايو بأثينا الذي سبق له دراسة جماعة quot;Anonymousquot;، قوله: quot;لقد فتحت التكنولوجيا الباب أمام الكثير من الناس ذوي الدراية المحدودة للمشاركة في هجمات حجب الخدمة الموزعة. والأمر هنا لا يشبه بالتأكيد قيام عصابة روسية إجرامية بفرض سيطرتها على الملايين من أجهزة الكمبيوتر. فمعظم الأشخاص الذين يشاركون جماعة quot;Anonymousquot; نشاطاتها لم يتجاوزوا بعد عامهم الرابع عشرquot;.

وهو ما أكد عليه لابوفيتز، حيث قال:quot;لا أرى أن هناك تطورًا كبيرًا في حركة الهجمات. وفي النهاية، أتصوّر أن هجمات حجب الخدمة الموزعة التي تحيط بأنصار وخصوم ويكيليكس تقل بكثير عن كونها quot;حرب إلكترونيةquot;، بل من الأحرى وصفها بأنها quot;محاولة تخريب إلكترونيquot;.