مع عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيًّا في محافظات تونس الداخلية والعاصمة وسط تحسّن نسبيّ للوضع الأمني والمعاشي، تدخل تونس الجمعة في حداد رسميّ على الموتى الذين سقطوا في انتفاضة الياسمين التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي ويقدر عددهم بنحو مئة قتيل.


أول اجتماع لحكومة الوحدة الوطنيّة الموقتة في تونس

إسماعيل دبارة من تونس، وكالات: ضبطت السلطات التونسية كمية من الاسلحة داخل منزل يملكه افراد من عائلة زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وفق ما اعلن التلفزيون التونسي الذي عرض صورها الجمعة.

ولم توضح القناة العامة اسماء الاشخاص واكتفت بالقول بأنهم من اصهار الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي فر الى السعودية قبل اسبوع بعد شهر من انتفاضة شعبية لا سابق لها.

وعرض التلفزيون التونسي مشاهد لبنادق بمناظير واخرى للصيد ومسدسات وخراطيش كانت ردمت تحت الرمل في منزل احد اشقاء ليلى بن علي زوجة الرئيس الفار الى السعودية.

وتاتي عملية ضبط الاسلحة غداة اعتقال 33 من اقرباء الرئيس التونسي المخلوع للاشتباه بارتكابهم quot;جرائم بحق تونسquot; وفق ما اعلن مصدر رسمي للتلفزيون الوطني الخميس.

وانتشرت قوات حفظ الامن من جديد الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس تحسبًا لتجدد التظاهرات المطالبة باستقالة الحكومة الانتقالية التي تضم وزراء ينتمون للنظام السابق.

وبدت الحركة تعود رويدا الجمعة الى العاصمة في اول ايام الحداد الوطني الثلاثة التي اعلنتها الحكومة الانتقالية الخميس في quot;ذكرى ضحايا الاحداث الاخيرةquot;.

وقتل اكثر من مئة شخص في اعمال العنف التي شهدتها تونس خلال الاسابيع الخمسة الماضية بحسب ارقام جمعتها الامم المتحدة، كما اعلنت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الاربعاء.

وبحسب هذه المعلومات فان الاضطرابات الشعبية اسفرت عن مقتل quot;اكثر من 70 شخصًا في اطلاق نار، وسبعة في عمليات انتحار احتجاجية، واكثر من 40 في مواجهات في السجون خلال عطلة نهاية الاسبوع الماضيquot;.

كما اعلنت الحكومة التونسية الانتقالية استئناف الدروس في المدارس والجامعات الاسبوع المقبل، وذلك في ختام اول جلسة تعقدها بعد تشكيلها.

إلى ذلك، دخلت تونس اليوم الجمعة في حداد رسميّ على الموتى الذين سقطوا في انتفاضة الياسمين التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي ويقدر عددهم بنحو 100 قتيل.

وعادت الحياة إلى طبيعتها إلى محافظات تونس وعاصمتها، مع استتباب الأمن في معظم المناطق وتوفّر السلع الغذائيّة التي اشتكى المواطنون منذ أيام من نقص حاد في التزوّد بهان ناهيك عن الاضطراب الذي خلفته الاشتباكات مع عصابات مسلحة لم تعرف هويتها بعد وإن كان كثيرون يرجحون تورّط الأمن الرئاسي لبن علي في ترويع المواطنين وقتلهم.

وقال الطيب البكوش وزير التربية التونسيّ والناطق الرسميّ الجديد باسم الحكومة الوطنية المؤقتة إنّ quot;الحكومة اتخذت قرارات عديدةمهمّة أولها إعلان الحداد ثلاثة أيام ترحما على أرواح شهداء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البلاد مؤخرا وذلك بداية من يوم الجمعة 21 جانفي/ يناير الجاريquot;.

وأعلنت الحكومة المؤقتة بعد أول اجتماع لها الخميس سلسلة من القرارات أولها المصادقة على مشروع قانون تقدم به وزير العدل يتعلق بالعفو التشريعي العام. وقد أوصى المجلس بإحالته إلى السلطة التشريعية.

كما تمّ الاتفاق على تسريع أعمال اللجان الوطنية الثلاث المتفق عليها وهي: اللجنة العليا للإصلاح السياسي ولجنة تقصي الحقائق في التجاوزات المسجلة في الفترة الأخيرة ولجنة تقصي الحقائق حول قضايا الفساد والرشوة.

وبعد استماع الحكومة إلى عرضين قدمهما كل من وزير التربية ووزير التعليم العالي تقرر أن يتولى الوزيران تنفيذ قرار العودة المدرسية والجامعية خلال الأسبوع القادم مع الأخذ في الاعتبار التلاؤم بين التوقيت الدراسي والتوقيت الإداري.

وفي إطار القرارات المعلن عنها في ما يخص فصل الدولة عن التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم سابقا) أوصت الحكومة الجديدة باتخاذ الإجراءات العملية اللازمة لاسترجاع العقارات والمنقولات الراجعة بالملكية إلى الدولة والموضوعة على ذمة مختلف هياكل هذا الحزب.

كما تمّ التعهد بضمان احترام حرمة المؤسسات الجامعية بإلغاء ما يعرف بـquot;الأمن الجامعيquot;، وهي وحدات تدخل من الشرطة فرضها النظام السابق على الطلبة وتسيطر عمليًّا على الجامعات وتمنع العمل السياسي والنقابيّ داخل أسوار الجامعة.

وتورط quot;الأمن الجامعيquot; في عدد من حالات تعنيف الطلبة النقابيين وملاحقتهم، وطالما طالب الاتحاد العام لطلبة تونس (المنظمة النقابية الطلابية الوحيدة في تونس) بضرورة سحب الشرطة من الحرم الجامعيّ ضمانا لاستقلالية مؤسسات التعليم.

وأقرت الحكومة التونسية الانتقالية الخميس في أول اجتماع تعقده مشروع قانون عفو عام، يشمل اسلاميي حزب النهضة المحظور، وأعلنت الحداد الوطني ثلاثة ايام على ضحايا الاحداث الاخيرة.

كذلك، اعلنت الحكومة ان الدولة ستستعيد quot;الاملاك المنقولة وغير المنقولة للتجمع الدستوري الديمقراطيquot;، حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وقال وزير التنمية احمد نجيب الشابي لوكالة فرانس برس، ان quot;وزير العدل قدم مشروع قانون عفو عام وقد تبناه مجلس الوزراء الذي قرر احالته على البرلمانquot;.
واوضح وزير التعليم العالي احمد ابراهيم في تصريح للصحافيين ان quot;حركة النهضة ستكون مشمولة بالعفو العامquot;.

وكان حزب النهضة الاسلامي اعلن الثلاثاء انه سيتقدم بطلب للحصول على ترخيص.

وقد حظر حزب النهضة ابان نظام الرئيس المخلوع الذي فر في 14 كانون الثاني/يناير الى السعودية بعد ثورة شعبية غير مسبوقة استمرت شهرا.

وكان رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الجديدة محمد الغنوشي اعلن الاثنين من بين تدابير اخرى لبسط الديمقراطية ان جميع الاحزاب السياسية ستحصل على تراخيص عندما تتقدم بطلب.

واورد البيان الصادر بعد جلسة مجلس الوزراء quot;لقد تقرر حداد وطني لثلاثة ايام اعتبارًا من الغد (الجمعة) في ذكرى ضحايا الإحداث الاخيرةquot;.

وقتل اكثر من مئة شخص في اعمال العنف التي شهدتها تونس خلال الاسابيع الخمسة الماضية بحسب ارقام جمعتها الامم المتحدة، كما اعلنت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الاربعاء.

كذلك، قال المتحدث باسم الحكومة الطيب بكوش quot;اتخذ قرار بان تستعيد الدولة كل الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للتجمع الوطني الديمقراطيquot;.

ويندرج هذا القرار في اطار تعهد quot;حكومة الوحدة الوطنيةquot; التي شكلها الغنوشي الاثنين بالقيام بعملية فصل بين الدولة والتجمع الوطني الديمقراطي بعد 23 عامًا من حكم بن علي.

وقررت الحكومة الانتقالية ايضا استئناف الدروس في المدارس والجامعات quot;الاسبوع المقبلquot; في موازاة منع وجود الشرطة السياسية في الجامعات.

وكان نحو الف شخص تظاهروا امام مقر الحزب الحاكم سابقًا مطالبين باستقالة الحكومة الانتقالية. وهتف المتظاهرون في وسط شارع الحبيب بورقيبة quot;الشعب يريد استقالة الحكومةquot; امام حاجز من رجال مكافحة الشغب.

ويحتج المتظاهرون منذ ايام على تولي ثمانية من اعضاء الحزب الحاكم سابقا مناصب وزارية مهمة في الحكومة الانتقالية التونسية.

وفي محاولة لتهدئة الشارع استقال الوزراء الثمانية في الحكومة الانتقالية والمنتمين الى الحزب الحاكم سابقًا من حزبهم التجمع الدستوري الديمقراطي كما افاد مصدر رسمي لفرانس برس طالبًا عدم ذكر اسمه.

ومن بين هؤلاء، وزير التنمية الادارية العضو في الحزب الحاكم سابقا في تونس زهير المظفر الذي قال انه قدم استقالته حفاظًا على المصلحة العليا للبلاد وتسهيلاً للتغيير الديمقراطي فيها.

من جهة اخرى، ذكر التلفزيون الرسمي ان 33 من اقارب الرئيس التونسي المخلوع اعتقلوا خلال الايام الاخيرة.

ولم يوضح التلفزيون الذي استند الى quot;مصدر رسميquot; لم يوضحه، ظروف الاعتقالات ولا اسماء الموقوفين الثلاثة والثلاثين من عائلة بن علي ولا قرابتهم بالرئيس السابق الذي فر الى السعودية الجمعة بعد شهر من انتفاضة شعبية لا سابق لها.

وتم هذا الاعلان عقب فتح القضاء التونسي الاربعاء تحقيقا ضد الرئيس المخلوع وعائلته بتهمة quot;حيازة ممتلكات بطريقة غير مشروعةquot; وquot;ايداع اموال غير مشروعة في الخارجquot;.

واتفقت دول الاتحاد الاوروبي خلال اجتماع على مستوى الخبراء على مبدأ تجميد اموال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي واقاربه على ان تبحث تفاصيل القرار لاحقًا، كما افاد مصدر دبلوماسي اوروبي لوكالة فرانس برس.

وقال هذا المصدر quot;تفاهمنا على تجميد اموالquot; بن علي وعائلته واوساطه.

واعلنت فرنسا الاربعاء انها اتخذت quot;الاجراءات الضروريةquot; لتجميد quot;تحويلات مالية مشبوهة تخص الارصدة التونسية في فرنساquot; لعائلة بن علي والطرابلسي. وحذت سويسرا حذوها.

من جانبها، املت الولايات المتحدة بارساء الاستقرار في تونس معتبرة ان هذا الامر شرط اساسي لاجراء انتخابات quot;ذات صدقيةquot;.

وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي في بيان على موقع تويتر ان quot;الاستقرار السياسي والاجتماعي يشكل عنصرًا اساسيًّا في انتخابات ذات صدقية، في وقت يرسم فيه الشعب التونسي مستقبلاً مختلفًاquot;.

الى ذلك، اعلن مجلس الذهب العالمي ان هناك 1,5 طن من الذهب ناقصة في خزائن بنك تونس المركزي بناء على التقييم الذي اصدره في كانون الاول/ديسمبر استنادًا الى ارقام صندوق النقد الدولي العائدة الى تشرين الاول/اكتوبر.

وقدر مجلس الذهب العالمي في كانون الاول/ديسمبر موجودات الذهب لدى تونس بـ 6,8 اطنان، اي اكثر بطن ونصف طن من التقييم الذي اصدره بنك تونس المركزي يوم الاربعاء.

وكان بنك تونس المركزي ينفي حينها ان تكون عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي هربت معها هذه الكمية من الذهب.

وفي فرنسا، شكلت وزارة المالية فرقا لتعقب اموال بن علي والمقربين منه وكبار الموظفين.

وقال مصدر مقرب من الملف ان قسم تعقب الاموال المشبوهة حذر كافة المؤسسات المالية وغير المالية والمحامين والوكلاء ودور بيع القطع الفنية من تحويلات وعمليات بيع غير اعتيادية.

وفي باريس، اعرب سفير تونس السابق لدى اليونسكو عن خشيته على حياته وحياة افراد عائلته، داعيًا السلطات الى حمايته.

وكان مزري حداد قد استقال يوم 14 كانون الثاني/يناير من منصبه قبيل رحيل بن علي.