نهال صحابي وبهنام غانجي

اعتقل رجال أمن نظام الملالي الإيراني شابًا فقط لأن صديقًا له كان معارضًا. ولغرض تأديبه اعتقلوا حبيبته. ثم فعلوا بهما ما دفعه إلى الانتحار... وبعد شهر فعلت هي الشيء نفسه حزنًا عليه، في ختام قصة أشبه ما تكون بالدراما الشكسبيرية الشهيرة.


نهال صحابي وبهنام غانجي شابان إيرانيان جمعها الحب وراحا يرفلان في بهجته وعلامات مستقبله المبشّرة... لكنهما اليوم في عداد الأموات. انتحرا، بفارق شهر بينهما، نتيجة نظام مسكون بالخوف من المعارضة في ما يبدو.

فقد كان السبب في هذا كله أن بهنام كان يقتسم الشقة التي يعيش فيها مع ناشط في مجال حقوق الإنسان.

هذه هي الأنباء التي عجّت بها مواقع الإنترنت تحت عناوين تتحدث عن laquo;روميو وجولييت الإيرانييْنraquo;.

إثر هذا تقصّت laquo;تايمزraquo; الأمر فقال لها صديق مشترك للحبيبين يسمّى أمير: laquo;هذان شابان لم يخض أي منهما في وحل السياسة الإيرانية بأي من الأشكال، وكان كل أملهما أن ينعما بحياتهما سويًا مثل الآخرين. وفجأة، من حيث لا يدريان، انتهى الأمر بكل منهما في السجن، وأسوأ أنواع المهانة، ثم الانتحارraquo;.

كان بهنام (23 عامًا) يدرس العلوم التطبيقية في جامعة طهران، وكانت خطيئة حياته الكبرى ndash; تبعًا لنظام الملالي - هي أنه يقتسم شقة سكنه مع صديق له اسمه كوهيار غودارزي (26 عامًا).

أما المشكلة هنا فهي أن هذا الأخير يعتبر في عداد الناشطين في مجال حقوق الإنسان، واعتقل في مظاهرات الاحتجاج على فوز أحمدي نجاد العام 2009. ورغم إطلاق سراحه بعد سنة قضاها وراء القضبان، فقد مُنع من العودة الى دراسته الجامعية، فانغمس بعمق ndash; كما هو متوقع ndash; في قضيته السياسية تلك.

الجديد في أمره الآن هو أن مكانه لا يعرف حاليًا، فالسلطات تقول إنه غير معتقل لديها. من جهتها أعلنت جماعة laquo;لجنة محققي حقوق الإنسانraquo; الإيرانية أنها تشعر بقلق عارم إزاء سلامته ومصيره. ويقول صديق له: laquo;أيدينا على قلوبنا من أجله. نتمنى ألا يكونوا قد قتلوه. وحتى إذا أفرجوا عنه، فنتمنى ألا يكون قد تعرّض لنوع التعذيب الذى يدفع إلى الانتحارraquo;.

وكان رجال الشرطة السرية قد اقتحموا شقة بهنام وصديقه كوهيار في ليلة الحادي والثلاثين من يوليو / تموز الماضي، وأودعوهما سجن إيفين الذي اكتسب سمعة مخيفة لفظاعة ما يحدث فيه. وبعد وقت قصير اعتقلت الشرطة نهال صحابي (خطيبة بهنام)، التي تعمل معلّمة للأطفال، مع والدة غودارزي بينما كانت تستحم في دارها في مدينة كرمان في أواسط البلاد.

أفرج عن بهنام بعد ثمانية أيام فقط على اعتقاله، لكنه خرج من السجن إنسانًا مختلفًا بالكامل. ولا يدري أحد ما حدث له هناك بالضبط، إذ رفض الإفصاح ببنت شفة عنه.

بل إنه رفض الحديث عن أي شيء، وامتنع عن استقبال أصدقائه أو الرد على مكالماتهم الهاتفية، وبدا واضحًا لمن يعرفونه أنه كان في غاية الاكتئاب ومذعورًا من احتمال القبض عليه مرة أخرى في أي لحظة. وفي ليلة الأول من الشهر الماضي وضع حدًا لتعاسته بتناول جرعة هائلة من الحبوب، وترك رسالة وداع تتحدث فقط عن إحساسه بالذنب.

وفي لندن، قالت صديقة للحبيبين تدعى فاريا بارلاس إن أصدقاء مشتركين وآخرين أيضًا يتحدثون عماتسرّب من أنباء تفيد أن بهنام ونهال تعرّضا للاغتصاب كلاًً أمام الآخر بغرض كسر عزيمتيهما. وقالت: laquo;أنحو لتصديق هذا. فليس من تفسير لقرار بهنام قتل نفسه إلا إذا كان شيء مريع كهذا قد حدث له ولأعز شخص على قلبهraquo;..

أما نهال (27 عامًا) فقد اعتقلت لثلاثة أيام في سجن ايفين. وتبعًا لأمير، فقد خُيّرت من اللحظة الأولى بين أن laquo;تعترف بكل شيء أو أن يُنتهك عرضهاraquo;، وأنها عاشت، حتى بعد الإفراج عنها، أسيرة الخوف من اعتقالها واغتصابها في أي لحظة.

أما شعورها بالذنب الأكبر الأكبر فكان هو أنها لم تفعل ما يكفي لمساعدة بهنام. وأشار الى أنها كتبت على مدونتها الشخصية في الإنترنت: laquo;عليك اللعنة يا بهنام.. ماذا أفعل بدونك في غيابك؟ ماذا أفعل بدونك في هذه الدنيا؟ لو علمت كم أحبك فلربما عدت الى الحياةraquo;.

وصباح الخميس أدركت أن حبيبها لن يعود اليها ابدًا فقررت أن تلحق به. وهكذا عثر عليها وقد انتحرت في غرفة نومها في منزل اهلها في طهران.

ومثلما فعل بهنام من قبلها، فقد تناولت جرعة كبيرة من الحبوب لتضع حدًا لحياتها. وقد اختارت الخميس تحديدًا لأنه كان يوم عطلتها الذي تمضيه بكامله مع بهنام عادة.

وكانت كلماتها الأخيرة التي سجلتها على مدونتها قبل انتحارها: laquo;ها هو الخميس يعود من جديد. هيا بهنام... فلنرقص اليوم كعادتناraquo;.