وزير خارجية مصر نبيل العربي

القاهرة: أشارت إيران والحكومة الجديدة في مصر إلى أنهما يتحركان بسرعة لإذابة الجليد في العلاقات الممتدة بين البلدين منذ عقود، ليُثَار بذلك قلق الولايات المتحدة وإسرائيل من أن المبادرات قد تقلب ميزان القوى الهش في منطقة الشرق الأوسط، على حسب ما ذكرت اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

فقد أعلنت إيران عن أنها قامت بتعيين سفيراً لها في مصر لأول مرة منذ أن قام الجانبان بتجميد العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ أكثر من ثلاثة عقود. وأكد أيضاً مسؤولون بوزارة الخارجية المصرية يوم أمس أن الوزير الجديد، نبيل العربي، يفكر في زيارة قطاع غزة - تلك المنطقة التي تخضع لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot;، التي تدعمها وتقف إلى جوارها طهران وتتجنبها القاهرة حتى الآن.

وجاءت تلك الإعلانات في أعقاب ذلك الاجتماع النادر الذي عُقِد مطلع الشهر الجاري بين دبلوماسي إيراني رفيع المستوى ووزير الخارجية المصري الجديد، والذي أكد بعده العربي لوسائل الإعلام أن مصر فتحت صفحة جديدة مع إيران.

وفي غضون ذلك، قال مسؤولون أميركيون إنهم قلقون من أن يكون اعتزام مصر الواضح على إعادة توطيد العلاقات مع إيران جزء من عملية إعادة تنظيم أوسع في النطاق لسياستها الخارجية. كما أنهم يخشون من أن يعمل مثل هذا التحول على تمكين إيران وأتباعها الإقليميين، حماس في قطاع غزة، وحزب الله في لبنان، وهما الجماعتين الذين تصفهما الولايات المتحدة الأميركية بـ quot;الجماعات الإرهابيةquot;.

ولفتت الصحيفة كذلك إلى امتداد سياسة التقارب التي بدأت تنتهجها مصر إلى سوريا، التي تعتبر حليفاً مقرباً من إيران. وفي مطلع آذار/ مارس الماضي، اختار رئيس جهاز المخابرات المصري الجديد، مراد موافي، سوريا كي تكون أولى المحطات لزياراته الخارجية. ولم يتضح إلى الآن ما الذي تمت مناقشته في هذا الاجتماع. ثم تحدثت الصحيفة عن دور مصر اللافت والمحوري في الشرق الأوسط، وما تتلقاه من مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة وكذلك علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل.

وأوضح مسؤولون مصريون وكثير من محللي السياسة الخارجية أن الدبلوماسية المصرية الجديدة لا تعبر عن وجود تقارب في العلاقات مع إيران بقدر ما هي تعبر عن جهود تبذل على نطاق أوسع لاستعادة الهيبة الدبلوماسية المفقودة. وقالوا أيضاً إن حكومة مصر الجديدة تُمثِّل تحول السياسة كجزء من عملية إعادة افتتاح على الصعيد الدبلوماسي العام، بدلاً من كونها عملية إعادة تنظيم، لعلاقاتها الإقليمية.

وقالت منحة باخوم، متحدثة رسمية باسم وزارة الخارجية المصرية: quot;لا يمكن التقليل من شأن الدور الذي تلعبه مصر. لكن هذا الدور على مدار العقود القليلة الماضية، أعتقد 30 عاماً أو ما يقرب من ذلك، قد تقلص. وإذا كان هناك أي شيء يحدث الآن، فأنا أعتقد أنه سيتم استعادة هذا المنصب الذي شغلناه على مدار سنوات وسنواتquot;. وتابعت السفيرة منحة بتأكيدها أنه قد تمت المبالغة في ردود الفعل الغربية تجاه توسلات مصر إلى إيران.

كما تجددت المخاوف من نفوذ إيران الإقليمي يوم أمس الاثنين، بعدما طلب مجلس التعاون الخليجي من مجلس الأمن أن يوقف ما أسماه quot;تدخل إيران السافرquot; في البحرين وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي.

من جهته، وصف ناطق باسم الخارجية الإيرانية تلك الانتقادات بـ quot;المفاجئةquot;، مضيفاً quot; كما أنها تأتي في وقت تقوم فيه قوات عسكرية من بعض أعضاء المجلس باتخاذ إجراءات صارمة ضد نساء ورجال عزلquot;. ثم مضت الصحيفة تشير إلى إن المخاوف المتعلقة بالدور الذي تلعبه إيران لزعزعة استقرار المنطقة لم يتبخر بالضرورة منذ سقوط نظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك. ونقلت الصحيفة هنا عن دبلوماسي غربي لم تصفح عن هويته، قوله quot;لدي معلومات من بعض المصريين في الحكومة تفيد بأنهم مازالوا يخشون ما تقوم به إيران في المنطقة أمنياًquot;.

وهنا، عاودت السفيرة منحة لتقول إن تغير اللهجة تجاه إيران أمر تدريجي. وقال محللون إن المساعدة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كان واحداً من أهم أهداف نظام الرئيس مبارك على صعيد الأجندة الخاصة بالسياسة الخارجية لمصر، وأن الفشل في تحقيق ذلك ساهم في إصابة المكانة التي تشغلها مصر بالاحتضار.

وختمت الصحيفة بنقلها عن مسؤول أميركي، قوله: quot;من الصعب تخيل تغيير من شأنه أن يحسن ما حققناه مع النظام المصري السابقquot;. وقال مسؤول آخر إن الولايات المتحدة تتوقع مزيداً من الصخب من جانب مصر، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ثم نوهت الصحيفة إلى التوجس الذي ينتاب الرياض حالياً بشأن تنامي الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة وكذلك التغييرات السياسية التي تشهدها مصر.