ميدان التحرير

دعت القوى الوطنية المختلفة في مصر إلى ضبط النفس بعد تدخّل الجيش فجر اليوم لفضّ اعتصام ميدان التحرير بالقوة، في الوقت الذي تتزايد فيه حالة الغضب في الشارع المصري تجاه الجيش.


تواصلت ردود الفعل الداخلية على ما حدث في ميدان التحرير فجر اليوم بعد تدخل قوات الشرطة العسكرية ووحدات من الجيش في فضّ اعتصام المتظاهرين في ميدان التحرير، والذين أعلنوا قرارهم في الاستمرار في الاعتصام إلى حين محاكمة الرئيس السابق وأفراد عائلته.

وقال عدد من المعتصمين لـquot;إيلافquot; إن قوات الشرطة العسكرية هاجمتها وأطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع عليهم لتفريق اعتصامهم في الميدان، وذلك مع موعد بدء حظر التجوال في الثانية من فجر اليوم. وأكدوا أن قوات الشرطة العسكرية كانت تريد القبض على الضباط الذين انضموا الى المتظاهرين في تظاهرات الجمعة، مشددين على أن التعامل العنيف من قبل قوات الشرطة العسكرية كان غير مبرر على الإطلاق.

وأوضحوا أن الشرطة العسكرية استخدمت القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي، الذي وُجّه على المتظاهرين، مؤكدين أن عدد الإصابات والوفيات أكبر بكثير مما أعلنته وزارة الصحة والذي أفاد عنوقوع قتيل واحد نتيجة الاشتباكات.

ولفتوا الى أن قوات الشرطة قامت فور انتهاء مهامها بتنظيف الميدان من اثار فوارغ الرصاص والقنابل حتى لا تتعرض إلى انتقادات حقوقية، مؤكدين أن عدد من الشباب تمكنوا من الحصول على بعضها، قبل أن تزال للتأكيد على صدق روايتهم.

في تعليقه على الأحداث، قال المجلس العسكري في بيان له عبر صفحته على فايسبوك quot;إنه نظرًا إلى وجود عناصر من الخارجين على القانون في ميدان التحرير بعد تظاهرة الجمعة وقيامهم بأعمال شغب وترويع المواطنين، وعدم التزامهم بتوقيتات حظر التجوال ووجود بعض الأفراد المدّعين انتمائهم إلى القوات المسلحة بينهم، تصدت عناصر من وزارة الداخلية وبعض المواطنين الشرفاء لأعمال الشغب وطبقت حظر التجوال من دون أي خسائرquot;.

واستطرد quot;وتؤكد القوات المسلحة أنها لن ولم تسمح بأي عمل أو إجراء قد يضرّ بأمن ومصلحة الوطن والمواطنين، كما تؤكد أنها سوف تقوم مستقبلاً بفرض وتطبيق القانون بكل قوة وحزم، إذا ما اقتدى أمن الوطن وسلامة المواطنين ذلكquot;.

قامت quot;إيلافquot; بجولة في ميدان التحرير صباح اليوم، حيث وجد عدد من الآليات العسكرية المدمرة للقوات المسلحة بخلاف انتشار كمية كبيرة من الطوب (الحجر)التي استخدمها المتظاهرين لضرب قوات الشرطة العسكرية التي دخلت الى الميدان برفقة عدد من قوات الأمن المركزي.

كما شهدت المنطقة المحيطة بالمتحف المصري إغلاقًا شبه كامل، قبل أن يصدر قرار من وزارة الاثار بإغلاق المتحف بصفة مؤقة إلى حين استقرار الأوضاع. وكثف انتشار قوات الجيش حول المتحف لتأمينه، بينماانتشر أفراد من قوات الصاعقة والمظلات أعلى المبنى لمراقبة الوضع في الميدان.

وقام الشباب المعتصم، الذين لم يتجاوز عددهم الأربعة آلاف،بالإنتشار في مختلف أرجاء ميدان التحرير، مسببين كثافات مرورية كبيرة في المناطق المحيطة به.

واختفى عن الميدان أفراد الشرطة والجيش، حيث لم يوجد أي منهم حتى ظهر اليوم حين بدأوا بالانتشار بأعداد محدودة للغاية تكاد تكون غير ملحوظة. بينماشكل الشباب لجانًا شعبية لتفتيش الداخلين والخارجين من الميدان لضمان عدم دخول أي أسلحة اليه.

من جهة أخرى، أغلق عدد كبير من المحال الموجودة في الميدان أبوابها اليوم، وأعلن أصحابها عن تعليق العمل إلى أجل غير مسمى. فيما انتشر التجار والبائعون الجوالون بصورة كبيرة منذ الصباح الباكر بعد الإعلان عن الاستمرار في الاعتصام إلى حين تحقيق مطالبهم.

الى ذلك، أصدر ائتلاف القوى الوطنية، الذي يضم مختلف القوى السياسية، بياناً دعا فيه المجلس العسكري والمتظاهرين الى ضبط النفس والالتزام بأقصى درجاتها، نظرًا إلى دقة المرحلة التي تمر فيها البلاد، بالتوازي مع إعمال القانون.

وقال البيان الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه: quot;كلما اقتربنا من محاكمة رموز النظام السابق، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسني مبارك، لاحظنا أن هناك محاولات متصاعدة للوقيعة بين الجيش والشعب، والعمل على انعدام الثقة المتبادلة بينهماquot;.

وأكدت القوى الوطنية على واجب التصدي لهذه المحاولات وإفشالها والحفاظ على تماسك القوات المسلحة، باعتبارها العمود الفقري للدولة المصرية ومؤسساتها والدرع الحامي لتراب الوطن. وطلبت من أفراد القوات المسلحة أن يحافظوا على سلمية الثورة، ومن المجلس العسكري التعامل بأعلى درجات ضبط النفس مع شباب قد تدفعه العاطفة الوطنية والحماس الزائد إلى ممارسات تفتقر الخبرة.

وطالب ناصر عبد الحميد عضو ائتلاف شباب الثورة في إفادة لـquot;إيلافquot; بتفسير لما حدث في ميدان التحرير، مطالباً المجلس العسكري بسرعة إيضاح حقيقة الأمر إلى الرأي العام، مؤكداً أن الائتلاف لايزال يدرس الأمر.

وأعلن الدكتور سامي السيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لـquot;إيلافquot; أن الحل في الأزمة الراهنة يكمن في الحوار مع المجلس العسكري للاستجابة الى مطالب الثوار وتحقيق باقي مطالبهم، لاسيما ما يتعلق بتشكيل مجلس رئاسي مدني يضم في عضويته أحد قيادات المجلس العسكري.

واكد أن استمرار الأوضاع على ما هي الآن سيؤدي الى زيادة الاحتقان بين الجيش والشعب واستمرار التظاهرات والاضطرابات، مؤكدًا أن استمرار هذا الأمر يهدد بدخول البلاد في مرحلة الفوضى، لاسيما مع غياب بديل لإدارة شؤون البلاد وحفظ الأمن فيها.

وشدد على ضرورة الحوار المباشر مع المجلس العسكري، واتخاذ العديد من القرارات الحاسمة لتحديد وضع إدارة شؤون البلاد في الفترة المقبلة، مؤكدًا على أن سرعة اتخاذ هذه القرارات ستساهم في إعادة الهدوء الى الشارع.