أكملت الحكومة الأردنية برئاسة الدكتور معروف البخيت حلقة التصعيد السياسي بإعلان يوم 27 ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي موعدًا للانتخابات البلدية، لتدخل البلاد في أزمة سياسية جيدة، مع مطالبات بتأجيلها ورحيل الحكومة. خصوصًا في ظل مقاطعة واضحة ومعلنة من قبل أطياف وقوى سياسية وحزبية معارضة وشعبية.


تظاهرات عنفية مترافقة مع أعمال شغب تعم المناطق الأردنية

رانيا تادرس من عمّان: فور الإعلان عن موعد الانتخابات البلدية في المملكة الأردنية، واستحداث 90 بلدية لعدد من مناطق المحافظات اندلعت أعمال الشغب والعنف في العديد من المناطق، في تجدد للعنف المجتمعي، ما يدعو مطبخ القرار السياسي في الدولة الأردنية إلى التفكير في إنقاذ مسيرة الإصلاح السياسي، عبر سيناريوهات للخروج من عنق الزجاجة التي تمر بالواقع السياسي الاردني، عبر تأجيل الانتخابات، لأن استمرار إجرائها ستكون كلفته عالية بالمقاطعة واستمرار الحراك الشعبي ومزيد من العنف بين العشائر الاردنية في مختلف أنحاء المملكة.

أحد الحلول التي تساعد في تخفيف الاحتقان وانتزاع فتيل الازمات، وفق محللين تحدثوا لـquot;ايلافquot;، هو تأجيل الانتخابات البلديةquot;. وقالوا لـquot;ايلاف quot;لا يمكن أن يتحقق مسار إصلاح سياسي حقيقي في الاردن من دون مشاركة قوى حزبية ومعارضة وشعبية الانتخابات البلدية كخطوة اولية، ما يضرب جدية الدولة ازاء مشروع الاصلاح.

ويضيف محللون أن الحكومة الحالية تتخذ قرارها بشكل مرتبك، وتدخل البلد في أزمات، مدللين على ذلك بقرارها القاضي باستحداث بلديات جديدة والإعلان عن 90 بلدية، وفور الاعلان عنها اندلعت المشاكل في مناطق مختلفة من المحافظات الاردنية، وانتشرت اعمال العنف والشغب وأغلقت الطرق وحرقت الإطارات وجرى الاعتداء على سيارات الشرطة والدوريات.

تعليقًا على ما يجري من أحداث في الساحة الداخلية الاردنية، يؤكد وزير البلديات السابق عبد الرزاق طبيشات لـquot;ايلافquot; أن ما يحدث في الاردن جريمة بحق المواطن والوطن، نفذت على يد حكومة تجهل أهمية العمل البلدي. وانتقد طبيشات قرار الحكومة بإلغاء دمج البلديات وإعادة استحداث العديد من البلديات من دون دراسة الواقع والتكاليف الاجتماعية والمالية المترتبة على إنشائها، لأن المواطن سيكون الضحية من حيث الخدمات، وكذلك ستتم تغطية تكاليف البلديات الجديدة من حساب المواطن، عبر فرض ضريبة على المحروقات 8% مجددًا تثقل كاهل المواطن.

وطالب الملك عبدالله الثاني تأجيل الانتخابات البلدية حفاظًا على الأردن واستقراره، لأن المضي في إجراء الانتخابات، وعلى يد الحكومة الحالية التي زوّرت انتخابات 2007، ينذر بكارثة عنف اجتماعية خطرة، وينسف مسار الاصلاح السياسي.

الا ان رئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الاسلامي زكي بني ارشيدي يعتبر أن إصرار الدولة في اجراء الانتخابات يدفع البلاد نحو حقل ألغام قد ينفجر. داعيًا الى تأجيل الانتخابات، لكون موعدها ليس مقدسًا، كما طالب صانع القرار بطرح مبادرة لتخفيف حالة الاحتقان السياسي التي تعصف بالبلاد.

واعتبر أن الانتخابات البلدية باتت عبئًا إضافيًا وأزمة جديدة تعصف بالبلاد، خصوصًا أنه ليس فقط قوى المعارضة والإسلاميين هما من يقاطعان الانتخابات، بل الكثير من الاحزاب الأخرى والقوى الشعبية، والنواب، حيث إن اكثر من 64 حزبًا يطالبون بتأجيل الانتخابات.

غير ان رئيس بلدية سابق وعضو اللجنة التنفيذية في حزب الجبهة الاردنية الموحدة ماهر ابو السمن يرى ان الحكومة الحالية تتعامل مع ملف البلديات بعشوائية، ما يعد موشرًا قويًا على عجز الحكومة في إجراء الانتخابات البلدية، خصوصًا في ظل مقاطعة القوى الحزبية والشعبية في التسجيل او الترشيح لهذه الانتخابات، ما يعني نسفا لعملية الاصلاح السياسي وكارثة في المجتمع، سيدفع ثمنها المواطن الاردني خلال السنوات المقبلة من الخدمات.

ويعتقد ان فتيل الاحتدام السياسي، الذي اثارته الحكومة الحالية، بإنشاء بلديات جديدة لإرضاء بعض فئات من المجتمع على غيرها ينذر بتفاقم مزيد من التوتر والعنف والحراك الشعبي.

في المحصلة، ورغم الاصوات العالية التي طالبت بتعجيل مسار الاصلاح السياسي بإجراء الانتخابات، لكن مؤشرات الحالة السياسية تستدعي التأجيل لإنقاذ مسيرة الاصلاح المحفوفة بالمخاطر الداخلية والاقليمية.