تتواصل المعارك في سرت، حيث يتمركز ما بين 200 و500 مقاتل من الموالين للعقيد الليبي في وسط المدينة، ويحتجزون المدنيين والموالين لقوات الحكومة الليبية الجديدة، الذين يموتون يوماً بعد يوم بسبب نقص الغذاء والماء.


استراحة للثوار في سرت

تحولت مدينة سرت الليبية، آخر معاقل العقيد الليبي معمّر القذافي، إلى مدينة أشباح، يسودها الدمار والخراب، بفعل المعارك التي تدور بين الثوار والموالين للنظام السابق.

وتحاول قوات الحكومة الليبية الجديدة الاستيلاء على منطقة سرت، التي لا تزال تحت سيطرة الموالين القذافي، وأدت المعرك الطاحنة، التي تدور منذ تسعة أيام، إلى مشاهد دمار مروّعة في كل مكان.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;تليغرافquot; إلى أن القذافي جعل من مدينة سرت نموذجاً لما يجب أن تكون عليه كل مدينة أفريقية حديثة، فهذه المدينة كانت مركزاً لعدد كبير من المستشفيات والجامعات، وتتميز بشاطئ متلألئ، إلى جانب قاعات المؤتمرات الرخامية، التي كانت تستضيف اللقاءات التي جمعت قادة العالم.

لكن في نهاية هذا الاسبوع، أصبح وسط سرت، مسقط رأس الزعيم الليبي السابق، الذي أغدق بالمال على المدينة، مركز خراب هائل، حيث يستمر عدد قليل من المقاتلين المتشددين الموالين للقذافي بإطلاق الصواريخ والرصاص، في محاولة لتأخير هزيمتهم الحتمية.

يتمركز ما بين 200و500 مقاتل من الموالين للعقيد الليبي في وسط مدينة سرت، حيث يتم احتجاز المدنيين والموالين لقوات الحكومة الليبية الجديدة، الذين يموتون يوماً بعد يوم.

وكانت عمليات القتل بالغة الوضوح يوم السبت، حيث أطلق مسلحون موالون للقذافي النار على أي شخص يعتقد أنه تعاطف مع الثوار، وفقاً لما قاله أنيس فرج (22 عاماً) الذي يزعم أنه نجا من هذه المجزرة.

ونقلت الـ quot;تليغرافquot; عن فرج قوله: quot;إنهم لا يكلفون أنفسهم عناء سجن المعارضين للقذافي، وإذا ما ألقوا القبض على شخص متعاطف مع الثوار، يقتلونه على الفورquot;.

وتم العثور على 42 جثة ألقيت في ثلاثة أكوام في الأراضي الزراعية القريبة من خط الجبهة يوم الأربعاء، وقال فرج إن هؤلاء كانوا يشاطرونه الزنزانة في الشهر الماضي، عندما قبض عليه، لأنه تهرّب من الخدمة العسكرية عن طريق الاختباء في منزل إحدى العائلات في حي أبو هادي القريب من المدينة.

وأضاف إن الزنزانة الصغيرة داخل مركز الشرطة في سرت، والتي اعتقل فيها لمدة ثلاثة أسابيع، كانت مكتظة بنحو 47 رجلاً. في الأسبوع الماضي، قال الحراس إن معتصم، نجل العقيد القذافي، يريد أن يحضروا إليه quot;الفئران الخائنينquot;.

أشار فرج إلى أن الحراس أخذوا المساجين إلى معتصم القذافي، وأمروهم بالوقوف في صف طويل، وأن يديروا ظهورهم لأربعة جنود مسلحين، فيما قيدوا أيديهم بالأحزمة البلاستيكية.

وأضاف: quot;أطلقوا النار من أسلحتهم على الجميعquot;، ثم وضعوا السجناء في شاحنات بيك أب، وتوجهوا بها بعيداً، لكن فرج تمكن من النجاة بعدما تعرف إليه جندي، كان زميلاً له في قاعدة مصراته الجوية، حيث خدم سابقاً، قبل انشقاقه.

quot;أخذني إلى منزله، وأعطاني بندقية كلاشنيكوف، وقال لي أن أواصل مطاردة الفئران quot;معهمquot;، قال فرج، الذي فرّ عبر خط الجبهة في نهاية المطاف، مضيفاً: quot;إنهم يطاردون الرجال داخل منطقتهم، ويقتلون كل من يعارض القذافي. وسمعت بعض الجنود يتحدثون عن أخذ أشخاص من المعارضة إلى شاطئ البحر لقتلهم، ورميهم هناكquot;.

وقال الكولونيل حسن علي جبرة، لواء في الحكومة المؤقتة، الذي عثر على الجثث، إن: quot;هناك مزيدًا من الجثث الأخرى، ويمكننا أن نرى القتلى من خلال الشقوق في الجدار، لكننا لا نستطيع الوصول اليهم، حيث إن هناك الكثير من القناصةquot;.

لمدة تسعة أيام، هزّ هدير الدبابات والصواريخ شوارع سرت. ويعتقد الثوار أن القدرة المعنوية للمقاتلين، الذين يدافعون عن القذافي، وحجم التحدي الذي يتمتعون به، يرجّح الإحتمال بأن معتصم القذافي، وربما وزير الدفاع السابق أبو بكر يونس، يقودان المجموعة. واعتبروا أنه كلما طال وقت القتال، كلما ازدادت المخاطر في جعل الصراع مصدر إلهام الليبيين الموالين للقذافي.

يشار إلى أنه من الصعب احتساب عدد القتلى منذ الأسبوع الماضي. وذكرت مستشفيات ميدانية أن المعارك أسفرت عن 20 قتيل و150 جريح في اليومين الأولين. ورجّحت منظمة أطباء بلا حدود، الجمعية الخيرية الطبية الإنسانية، في أواخر الأسبوع الماضي أن ما يقارب الـ 10000 ليبي تحت الحصار بسبب المعارك الدائرة في سرت.