جاء تكليف الملك عبدالله الثاني لحكومة أردنية جديدة لتخرج البلاد من حالة الانقسام السياسي والتوتر الأمني الذي أصاب البلاد أخيرًا، لتطل حكومة برئاسة الدكتور عون الخصاونة في وقت استثنائي، وملفات تعدّ الأخطر، وقنابل موقوتة لتتعامل معها بدهاء سياسي، عنوانه الرئيسالحوار مع كل قوى المعارضة.. لتكون جزءًا من البيت الحكومي لحل الأزمات وضمان توقف الحراك الشعبي.


تنتظر الأوساط الأردنية كافة تشكيلة الحكومة والفريق الوزاري

رانيا تادرس من عمّان: تنتظر الأوساط الأردنية بتلاوينها السياسية قاطبة تشكيلة الحكومة والفريق الوزاري، بعدما بدأ الرئيس مشاوراته اليوم مع القوى البرلمانية والحزبية والمجتمعية، وطرح برنامجه السياسي لتحديد هل ستكون الحكومة الجديدة حكومة إنقاذ وطني، تأخذ الأردن نحو الاستقرار، وتخرجه من حالة الارتباك السياسي نحو إصلاح سياسي حقيقي.

عناصر نجاح الرئيس المكلف لقيادة الدولة الأردنية خلال الفترة المقبلة متوافرة الى حد ما، كما ترى شخصيات برلمانية حزبية سياسية تحدثت لـquot;ايلافquot;، محددة تلك العناصر بعامل مهم هو شخص الرئيس المكلف ومسيرته العملية السابقة، وعدم ارتباط اسمه بأي قضية فساد داخليًا وخارجيًا تبعث بشعور الراحة والقبول عند كل المستويات السياسية والشعبية.

وأضافت تلك الشخصياتأن التفاؤل بالحكومة الجديدة حذر نوعًا ما، ومرهون بتشكيلة الحكومة والفريق الوزاري، وهل كان خيار الرئيس فعليًا أم خيارات طرحت وفرضت عليه من مؤسسات أخرى وشخصيات سياسية متنفذة أخرى، وهل سينجح الرئيس بضم قوى المعارضة وممثلين عن الأحزاب السياسية وقوى الحراك الشعبي.

وراهنت الشخصيات وفق حديثها على أن هناك شرطا أساسيا لنجاح الرئيس الجديد، هو التنسيق والتواصل مع النواب، الذي بدأ اليوم بعقد لقاءات مع النواب، الى جانب لقاءات مع الكتل البرلمانية والمستقلين . تأتي هذه الخطوة وفق مصادر سياسية لكسب تأييدهم، خصوصًا أنهم كانوا جزءًا من قرار الحسم في تسريع رحيل الحكومة السابقة عبر الرسالة التي وجّهت إلى الملك من قبل 70 نائبا، وهذا السيناريو أعدّ مسبقًا بتنسيق لإسقاط البخيت من قبل مؤسسات الدولة المختلفة، ولإعطاء قوة دفع للبرلمان الحالي أمام أعتاب رئاسة جديدة ودورة عادية لإقرار منظومة التشريعات الإصلاحية.

لم تستبعد الشخصيات السياسية مشاركة نواب وأعيان في الحكومة الجديدة، الى جانب قوى معارضة والائتلافات الحزبية، وكذلك حزب جبهة العمل الإسلامي، وتوزيع الوزارات عليهم، مع استثناء السيادية منها.

الرؤية النيابية إزاء ملف رئاسة الحكومة الجديدة يقول رئيس مجلس النواب بالإنابة المهندس عاطف الطراونة لـquot;ايلافquot; إن تكليف رئيس الحكومة الجديد بشخصيته وصفاته من نزاهة وخبرة قانونية بعث بشعور الراحة إلى الشارع الأردني بأطيافه قاطبة، لأنه شخصية لا خلاف عليها مع القوى الداخلية.

ونجاح الرئيس المكلف مرهون، بحسب الطراونة، بفتح حوار مع القوى المعارضة والحزبية والبرلمان في البلاد، وذلك من باب التنسيق والتشاوروالاستماع والحوار مع الجميع بشكل جدّي وحقيقي، لا شكلي ومن باب المجاملات. وفائدة الانفتاح والحوار وفق الطراونة هي لإنجاز ما حدده الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف لقوانين جدلية، لكنها مهمّة في مسيرة الاصلاح السياسي من قبل الحكومة الجديدة.

بدوره، نصح الطراونة الرئيس الجديد، الذي زار المجلس، وطلب لقاءات مع الكتل البرلمانية والمستقلين خلال الساعات المقبلة، وذلك من اجل التنسيق مع السلطة التشريعية، ليس كما كان الحال عليه مع الحكومة السابقة، حيث وصلت العلاقة إلى طريق مسدود. وأكد الطراونة انه لم يتم الحديث بصراحة عن مشاركة نواب في الحكومة، بل رحّب بهذا الخيار والقرار، لأنه دليل على نمط جديد في تشكيل الحكومة الأردنية في زمن الإصلاح السياسي شعار الدولة.

وثمة توقعات بأن آلية تشكيل الحكومة الجديدة في الدولة الأردنية التي تمر بظرف استثنائي ستضم قوى معارضة ومجتمعية، ولكن حسب المعلومات فإن مشاركة هذه القوى مرهونة ومشروطة، كما يقول أمين عام حزب جبهة العمل الاسلامي حمزة منصور، ببرنامج الحكومة والفريق الوزاري وبرنامج زمني محدد للاصلاح ومزيد من التعديلات الدستورية، وكذلك يكون الرئيس صاحب الولاية، وهو من يشكل حكومته ويختار فريقه الوزاري من دون تدخلات.

مضيفًا ان quot;الميل نحو قرار المشاركة في حكومة إصلاح وإنقاذ وطني نسعى نحوه، ولا نضع موانع، بل ستتم بالتشاور مع الرئيس في طرح اسماء من يشارك من اعضاء الحزب، وأي وزارات نتطلع اليها.

الى ذلك، يعتقد رئيس اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكرين علي الحباشنة أن على الرئيس المكلف تشكيل حكومة اتحاد وطني، تضم اقطابًا وشخصيات من قوى حزبية ومجتمعية وطنية، ليشعر الشارع الأردني بأن هناك نهجًا جديدًا في تشكيل الحكومة. وفي ظل تراكم أزمات وملفات عالقة تنتظر شرارة الاشتعال، على رئيس الحكومة فتح حوار وطني في كل القضايا، التي تتحدث فيها قوى الحراك الشعبي، وان يتمتع بقدرة فعلية على فتح ملفات الفساد، الهاجس الأكبر لدى الأردنيين، وكذلك ان يكون هو صاحب الولاية في اختيار فريقه الوزاري بشخصيات وطنية قادرة وتدرك التعامل الحقيقي مع الواقع السياسي الحالي.

ويؤكد الحباشنة ان مسألة مشاركة التيارات الشعبية والحزبية وقوى الحراك الشعبي وكذلك احزاب المعارضة بكل اطيافها في الحكومة الجديدة ضرورة، وليست ترفًا سياسيًا، وعلى الرئيس الحوار والانفتاح عليهم جمعيًا، لأن مصلحة الدولة الاردنية تتطلب منه ذلك.

غير ان نقيب المهندسين الزراعيين المهندس عبد الهادي الفلاحات يؤكد ان من اهم التحديات التي تواجه الحكومة الحالية هي اعادة الاستقرار الأمني الاجتماعي، وتحسين الظروف الاقتصادية للمواطن الأردني، للمحافظة على الوحدة الاجتماعية التي تمر بأزمة حقيقة.

اما المعضلة الثانية المضي قدمًا نحو الإصلاح السياسي، كما يقول الفلاحات. مضيفا ان على الحكومة وقف مهزلة البلديات أولاً، وثانيًا عدم الأخذ بمخرجات لجنة الحوار الوطني حول قوانين الاحزاب والانتخاب.

واتفقت الشخصيات السياسية على ضرورة تأجيل الانتخابات البلدية، وأن يكون من أول القرارات التي يأخذها رئيس الوزراء الحالي في ظل تزاحم الملفات الداخلية الشائكة التي تواجه الحكومة ومنظمة التشريعات الاصلاحية والقوانين الجدلية، التي ستنكب الحكومة على انجازها لاجراء انتخابات بلدية وبرلمانية في العام المقبل.